ترك برس
قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن الاتفاق البحري بين تركيا وليبيا لا يمس مصالح مصر، في تغير مفاجئ للخطاب المصري حيال هذا التطور التاريخي.
والسبت، دخلت حيز التنفيذ، مذكرة التفاهم التي أبرمتها تركيا وليبيا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بشأن تحديد مجالات الصلاحية البحرية في البحر الأبيض المتوسط.
ووفقًا للمذكرة، "قررت تركيا والحكومة الليبية العمل على تحديد المجالات البحرية في البحر المتوسط بشكل منصف وعادل، والتي يمارسان فيها كافة حقوق السيادة و/أو الصلاحيات المنبثقة من القوانين الدولية، مع الأخذ بعين الاعتبار كافة الظروف ذات الصلة".
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقع الرئيس رجب طيب أردوغان مذكرتي تفاهم مع رئيس الوزراء الليبي فايز السراج.
وتتعلق المذكرتان، بالتعاون الأمني والعسكري بين أنقرة وطرابلس، وتحديد مجالات الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين النابعة من القانون الدولي.
وكانت مصر من أوائل الدول التي اعترضت على الاتفاقية، زاعمة أنها تخالف الاتفاق السياسي الليبي الموقع في المغرب 2015، ولم تكتف بذلك، بل حاولت عمل الحشد مع اليونان لتشكيل رأي عام دولي لرفض الاتفاقية.
وقال شكري إنه "لا يوجد مساس لمصالحنا في مصر من اتفاق تركيا وحكومة الوفاق، لكن يوجد مساس لمصالح دول أخرى في منطقة المتوسط، كما أن الوضع في ليبيا لا يحتمل أي تعقيدات إضافية".
شكري الذي قاد بنفسه حملة انتقاد الاتفاقية التركية الليبية، طرحت تصريحاته مزيدا من التساؤلات حول دلالة هذا التوجه، وهل يدخل في إطار التراجع؟ أم هو مجرد مراوغة من نظام السيسي؟ ولو كان تراجعا هل سيؤثر على موقف اليونان؟
في حديث لصحيفة "عربي21" الإلكترونية، قال عضو مجلس الدولة الليبي، إبراهيم صهد، إن "تصريحات وزير الخارجية المصري هي اعتراف وإقرار بالحقيقة، أن المذكرة الليبية – التركية لا تضر بمصالح مصر، وأعتقد أن التوصل لإصدار هذا التصريح قد تم بعد مراجعة من الجانب المصري".
وأوضح أن "هذه المذكرة قد تتيح لمصر تصحيح مساحات مياهها الإقليمية لمعاودة التفاوض مع اليونان، أما بخصوص تأثر اليونان بموقف مصر، فهذه الدولة الأوروبية تتحرك بدافعين؛
الأول: حرصها على استمرار استحواذها على مساحات لا تمتلكها بموجب قانون البحار، والثاني هو طبيعة علاقاتها مع تركيا، المؤسسة على عداء تقليدي منذ انهيار الدولة العثمانية".
لكن الكاتب والأكاديمي الليبي، جبريل العبيدي، أشار إلى أن "الموقف الليبي نابع من إرادة ليبية خالصة، مع الاحترام الكامل للعلاقة المميزة مع الشقيقة مصر، لكن تبقى ليبيا دولة ذات سيادة وحتى بحكم اتفاق "الصخيرات" المعيب أصلا، إلا أن بنوده تمنع السراج من الانفراد بالقرار".
وأضاف: "بقراءة بنود الاتفاق بشكل دقيق ونقاط ترسيم الحدود المائية من خبراء الجيولوجيا، سنلاحظ مساسا كبيرا بحقوق أغلب دول حوض البحر المتوسط لصالح تركيا، التي نقلت من خلال مذكرة التفاهم مع السراج الصراع المائي بين دول حوض البحر المتوسط، خاصة ليبيا واليونان وحتى مصر".
وتابع: "مع احترام وجهة نظر وزير خارجية مصر وتصريحاته، إلا أن ترسيم الحدود المائية سيهضم حق مصر أيضا وليست ليبيا وحدها"، حسب زعمه.
الباحث الليبي علي أبو زيد، قال من جانبه إن "أسباب الرفض المصري للاتفاقية سياسية تنطلق من الخصومة مع تركيا، كونها تعرف أنه بموجب هذا الاتفاق ستتوسع الأخيرة، وتكون أكثر فاعلية في شرق المتوسط، وكذلك في الملف الليبي، وهو ما سيؤثر سلبا على حليف مصر، حفتر".
واستدرك قائلا: "تصريحات شكري تغيرت خلال تواجده في روما، بعد أن لمس ارتياحا عند بعض الدول في المتوسط، التي تفضل النفوذ التركي في ليبيا على النفوذ الروسي، ويدرك المصريون أن الاتفاقية سليمة قانونيا. أما اليونان، فلن يبقى في صفها إلا برلمان طبرق والسفير الليبي السابق، عارف النايض".
الصحفية من الغرب الليبي وداد الوديني، قالت إن "موقف سامح شكري ليس تراجعا، وإنما الواقع فرض عليه ذلك؛ كون أغلب الدول الأوروبية موافقة على الاتفاقية، أو على الأقل غير معترضة، وكذلك أمريكا، لذا أراد النظام المصري حفظ ماء وجهه بهذا التصريح".
وتابعت: "اليونان سوف ترضخ للاتفاقية، ولن يقف معها حلفاؤها، فالاتفاقية البحرية بين ليبيا وتركيا سوف تقلل أو تنهي الهجرة غير الشرعية، وهذا ما يهم الأوربيين"، كما رأت.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!