سامي كوهين – صحيفة ميلليت – ترجمة وتحرير ترك برس
تواجه تركيا في الآونة الأخيرة حملات دولية كبيرة على الصعيد السياسي كرد على تحركاتها التي غيرت التوازنات الجيواستراتيجية في الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط.
يستخدم معارضو التحركات التركية المعتمدة على القوة أدوات مختلفة في هذه الحملات منها الدبلوماسية الدولية والاقتصاد والدعاية، وآخر نموذج على ذلك أزمة شرق المتوسط.
عقب الاتفاق التركي الليبي، أحالت اليونان وجنوب قبرص القضية إلى المحافل الدولية لعرقلة تطبيق الاتفاق. وقدم الاتحاد الأوروبي دعمه لهذه المبادرة مدعيًا أن الاتفاق مخالف للقانون.
كما اتخذ الكثير من بلدان الاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم فرنسا موقفًا معارضًا لتركيا، وأحالت مصر واليونان المسألة إلى الأمم المتحدة بدعوى مخالفة الاتفاق القانون البحري المعتمد من المنظمة الدولية.
الهدف من هذه الحملات، التي يبدو أنها ستزداد زخمًا في الفترة القادمة، هو ممارسة ضغوط على تركيا وليبيا وعزلهما، وبالتالي إفساط مخططهما.
الوضع الحالي مشابه لسياسة القوة التي اتبعتها تركيا في سوريا. فمن خلال عملياتها العسكرية أحدثت أنقرة أمرًا واقعًا، وطردت تنظيم "ي ب ك" من المناطق التي سيطرت عليها، ومضت قدمًا في تطبيق خطة المنطقة الآمنة.
رغم تقبل موسكو وواشنطن هذا الواقع إلا أن ردود الأفعال الشديدة ما تزال تصدر عن الكونغرس الأمريكي والزعماء الأوروبيين. وهناك من يطالبون بفرض حظر أسلحة وحصار اقتصادي على تركيا.
لهذا تواجه استراتيجية تركيا في استخدام القوة بسوريا حملات مضادة على الصعيد الدولي. كما ذكرت في مقال سابق، تحتاج تركيا للجوء إلى "القوة الخشنة" وإظهار قدراتها العسكرية.
هذه هي الاستراتيجية التي اتبعتها أولًا في مياه قبرص شرق المتوسط، والآن في سواحل ليبيا. لكن هذا لا يعني أن تركيا تهمل الدبلوماسية ولا ترغب بحل القضايا عبر الحوار.
ففي الأيام الماضية أكد المسؤولون الأتراك وعلى رأسهم أردوغان انفتاحهم على المفاوضات ومبادرات إيجاد حل سلمي في مسألة شرق المتوسط، أي أن أنقرة تبدو مستعدة لاستخدام "القوة الناعمة" أيضًا على الصعيد الدبلوماسي.
ينبغي على المجتمع الدولي ومن يخوضون حملات ضد تحركات تركيا هذه أن يأخذوا دعوات أنقرة على محمل الجد ويستغلوا هذه الفرصة جيدًا.
فمن الواضح أنه لا يمكن التوصل إلى نتيجة من خلال القرارات أحادية الجانب وبيانات الإدانة والضغوط الدبلوماسية والاقتصادية. هذه التصرفات لا قيمة لها، وكل ما يمكن أن تجلبه هو تصعيد التوتر، بل قد تثير احتمال نشوب صراع مسلح. وهكذا تنهار الصداقات وتنشأ عداوات وتكون الكلفة المادية والمعنوية باهظة على الجميع.
لذلك من المفيد للغاية العودة إلى الدبلوماسية البناءة بأسرع وقت.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس