محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
مع مضي ستة أشهر على استلامه منصب رئيس بلدية إسطنبول، تدور الأحاديث عن المشاريع التي لن ينفذها أكرم إمام أوغلو أكثر من تلك التي سينفذها.
لم يعد أمامنا أكرم إمام أوغلو الذي كان في فترة الانتخابات يتقبل المشاريع الجيدة لحزب العدالة والتنمية ويثني عليها، ويذهب إلى المسجد لقراءة سورة ياسين، ويحترم طراز حياة الجميع، وإنما عضو نموذجي لحزب الشعب الجمهوري، يرفض كل شيء.
هذا أمر لا مفر منه، لأن كل من ينضم إلى حزب الشعب الجمهوري من اليمين أو اليسار أو حتى من الأوساط الإسلامية يحمل عقلية الحزب عاجلًا أم آجلًا.
موقف إمام أوغلو الرافض لمشروع قناة إسطنبول البحرية يأني في هذا الإطار. وطروحه في هذا الخصوص ليست ثمرة عمل وإنما هي مقاربة إيديولوجية.
فبعد ثماني سنوات من مناقشة هذا المشروع والتمحيص فيه وحتى تقديمه كوعد انتخابي وحصوله على الدعم، يقول إمام أوغلو: "يجب أن نبحث هذا الموضوع بكل تفاصيله مع رجال العلم".
هذه هي العقلية النموذجية لقيادة حزب الشعب الجمهوري، التي تقدم الإجابة نفسها دائمًا عند السؤال عن المشاكل السياسية الرئيسية لتركيا، وهي "سنبحث في ذلك".
نفس السياسة يتبعها إمام أوغلو مع مشروع قناة إسطنبول رغم وجود تقرير علمي أعده 200 أكاديمي من سبع جامعات مرموقة في تركيا، بعد إجراء الابحاث والدراسات والتحليلات متعددة الأبعاد.
لا نعتقد أن إمام أغلو وطاقمه قرأ التقرير، وإلا فإن ما كان ليخرج قائلًا: "هذا مشروع جريمة" و"يجب التخلي فورًا عن هذا المشروع مهما كانت الوعود بالمكاسب لأي كان".
بهذا يجعل إمام أوغلو قناة إسطنبول البحرية، الذي سيحرر مضيق البوسفور إلى مشروع ربحي لتحقيق مكاسب شرائح معينة.
وعلاوة على ذلك فهو يقحم العرب في القضية لإثارة الرأي العام رغم أن كل ما اشتراه المستثمرون العرب لا يتعدى ثلاث أراضٍ.
هذه مكيدة خطيرة تحمل لهجة عنصرية، تمامًا كما حدث في تعامل "الشعب الجمهوري" مع المهاجرين السوريين.
ولا يقتصر الأمر على مزاعم تحقيق مكاسب لفئات معينة، فالادعاءات التي أطلقها إمام أوغلو في 15 بندًا، معظمها يلوي عنق الحقيقة ليًّا.
على سبيل المثال، الادعاء بأن مشروع القناة سيؤدي إلى زلزال في إسطنبول. يقول إمام أوغلو محاولًا إضفاء مسحة علمية على ادعاءاته: "يقول العلماء إن مشروع قناة إسطنبول سوف يزعزع توازنات التوتر تحت وفوق الأرض".
لا أحد يعلم من هم هؤلاء العلماء، لكن الأستاذ جلال شنغور، وهو بالمناسبة من مؤيدي إمام أوغلو، قال منذ سنوات إن هذه الادعاءات غير صحيحة، وهناك العشرات من العلماء الذين لا تأسرهم الإيديولوجيا، يخالفون إمام أوغلو.
ملاحظة أخيرة، ينبغي على رجال العلم الذين بذلوا جهدًا في إعداد التقرير العلمي أن يرووا الحقائق للشارع، فهذا هام بقدر إعداد التقرير.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس