حسين يايمان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس
بكت تركيا مقتل النائب العام محمد سليم كيراز بصورة وحشية، ودموعها سالت لفقدانه، ودخلت الدولة كلها في حالة من الحداد، لكن هل كانت هذه الحوادث مفاجئة؟ بالطبع لا، فالمحللون أصلا أعلنوا عن انطلاق موسم الأحداث، ولن يكون مفاجئا حصول حوادث أخرى خلال الأيام القادمة.
يظهر ملخص العملية بصورة واضحة عندما ننظر إلى مرتكبي الجريمة سواء الذين ظهروا في الصورة أو الذين يقفون خلفهم، وتوقيت الجريمة يساعدنا على فهم كل شيء، فما يريدونه هو نشر الفوضى والفلتان في تركيا قُبيل توجهها لأهم انتخابات في تاريخها، فحينما أعلن حزب العمال الكردستاني عن نيته ترك السلاح، بدؤوا باستخدام منظمات جديدة، والرسالة التي يريدون إيصالها هي "إذا ترك حزب العمال الكردستاني السلاح، فسوف ننشر الفوضى وعدم الاستقرار باستخدام منظمات وعناصر أخرى".
لم يكن هذا العمل الإرهابي هو الأول ولن يكون الأخير الذي تقوم به "جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري" (DHKP-C)، والمختصون يتوقعون زيادة في مثل هذه الأحداث خلال الأيام المقبلة، فقد بدأت الأيادي التي تريد نشر عدم الاستقرار في البلاد بألاعيبها، وذلك لأن تركيا تتجه نحو انتخابات هامة، وهؤلاء لم يرق لهم إنهاء الصراع المسلح بين تركيا وحزب العمال الكردستاني الذي دام أربعين عاما ونيّف، لذلك شاهدنا حدثا مأساويا مجددا.
مهندسو المجتمع على رأس عملهم
نحن شاهدنا هذا الفيلم في السابق، حتى أننا أصبحنا نحفظ كل مشاهد الفيلم من كثرة ما شاهدناه مرارا وتكرارا، فكلما وصلت تركيا إلى مرحلة من "الانعتاق"، تتدخل يد لسحبها إلى الخلف، فهم يطبقون مبدأ العصا والجزرة، أو المد والجزر.
كان هناك العديد من الحملات من أجل الانقلاب على الحكومة في الفترة الأخيرة، فقبيل انتخابات عام 2007، حاولوا نشر الاستقطاب في المجتمع، حتى أنّ مدير دائرة القوات الخاصة تدخل بنفسه من أجل هندسة المجتمع كما يريدون، إلا أنّ كل تلك الحملات باءت بالفشل.
في عام 2008 رُفعت قضية على حزب العدالة والتنمية من أجل إغلاقه، فبعد استخدام الهندسة السياسية أرادوا محاولة تجريب الهندسة القضائية، لكن ذلك كان مصيره الفشل أيضا، فقد تدخلت حكمة الحكومة آنذاك، وأسقطوا الدعوى في اللحظات الأخيرة. بدؤوا بعدها باستخدام حزب العمال الكردستاني، واستخدموا السلاح قبيل انتخابات عام 2011، إلا أنهم مجددا فشلوا في قطع الطريق أمام اردوغان.
ثلاثة أهداف "لجبهة حزب التحرير الشعبي الثوري"
أنتم تدركون ما حدث خلال العامين الماضيين، بدءا بأحداث "غزي بارك"، ومرورا بمحاولة الانقلاب التي جرت في الفترة ما بين 17-25 كانون أول/ديسمبر، ودون الحديث أكثر في تفاصيل تلك الأحداث، فالنتيجة واحدة، هي الفشل، وخروج اردوغان بصورة أقوى بعد تلك الأحداث.
بعد كل تلك المحاولات لم يبق لديهم المزيد من الخيارات للوقوف في وجه اردوغان وتقدمه، لذلك سيضعون الآن "جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري" الإرهابية كواجهة لأعمال وأحداث إجرامية سيقومون بها، ستكون ذات طابع حساس ومثير.
سيكون هناك ثلاث أهداف لهم، لينتقموا من مقتل الإرهابيين الذين نفذوا جريمة قتل المدعي العام، أولها هو اتخاذ مراكز الشرطة كأهداف للانتقام، وثانيها هو إرسال انتحاريين إلى أماكن إستراتيجية، أما ثالثها فهو العمل على اغتيال أسماء سياسية هامة.
عبّرت هذه المنظمة الإرهابية من قبل أنها ستبدأ سلسلة عمليات انتقامية في حال تدخل الشرطة وقتل محتجزي الرهينة، ولهذا نستطيع التنبؤ بأنّ هناك عمليات ستحصل خلال الأيام القادمة، لذا يجب الحذر.
هذه العملية تثبت لنا أنهم عادوا إلى استخدام أحداث وعمليات ظلامية أثناء توجه تركيا إلى أهم انتخابات في تاريخها، فهم يريدون تطبيق خطط فوضى وفلتان قبيل الانتخابات القادمة لتعم الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، لهذا من المتوقع أنْ ترتفع درجة الاحتقان في الشارع حتى الانتخابات، وربما يكون هناك أحداثا صادمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس