( الرئيس التركي ونظيره الأذربيجاني خلال افتتاح مشروع مشترك للطاقة بين البلدين)
ترك برس
منذ اللحظة الأولى لاندلاع الاشتباكات المسلحة بين أذربيجان وأرمينيا على جبهة إقليم "قره باغ"، أعلنت تركيا دعمها المطلق لباكو.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في أكثر من مناسبة، إن أنقرة لن تتردد أبدا في التصدي للهجوم على حقوق وأراضي أذربيجان، مرجحا وجود مؤامرة أوسع نطاقا وراء القتال الأخير فيها.
وإلى جانب العلاقات التاريخية والروابط الثقافية بين تركيا وأذربيجان، فإن لديهما شراكات اقتصادية وتجارية قد يعرضها للخطر التطورات الأخيرة على جبهة إقليم "قره باغ."
ويتوقع الخبراء أن زيادة الأعمال العسكرية بين أذربيجان وأرمينيا، قد تؤدي إلى تفاقم الخطر على النفط الإقليمي الحالي والبنية التحتية للغاز، كما ستتضرر تركيا بشدة حال تصاعد الصراع، لأنها تعتمد بشكل كبير على النفط والغاز من تلك المنطقة.
ويؤيد هذا ما صرحت به عضوة البرلمان الأذري غانيرة باشاييفا بأن أرمينيا تسعى من خلال الهجمات التي تنفذها بين الفينة والأخرى للسيطرة على بعض المرتفعات الإستراتيجية التي تجعل مشاريع الطاقة والنقل التركية الأذرية المشتركة بالمنطقة في مرمى نيرانها.
بدوره، ذكر إلشاد ناصروف نائب رئيس شركة الطاقة الوطنية الأذربيجانية "سوكار" (SOCAR) في مؤتمر صحفي أن البنية التحتية للطاقة المرتبطة بشحن النفط والغاز من بحر قزوين إلى الأسواق العالمية تقع بالقرب من العمليات العسكرية الحالية.
ونقل تقرير لـ "الجزيرة نت" عن الباحث في الشأن الاقتصادي التركي أحمد مصبح، قوله إن البعد الاقتصادي أحد أهم أركان التحالف الإستراتيجي بين تركيا وأذربيجان، فتركيا ثاني أكبر سوق للصادرات الأذرية بقيمة 1.85 مليار دولار، ويبلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين الطرفين 3.3 مليارات دولار، ويستهدف البلدان رفع حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وأضاف مصبح أنه و"بعيدا عن العلاقات التاريخية والروابط الثقافية، فأذربيجان تعتبر ثاني أكبر موردي الغاز لتركيا بعد روسيا، كما ترتبط تركيا بأذربيجان من خلال ممر لنقل الغاز (تاناب) الذي يربط بين أذربيجان وأوروبا ويبلغ طوله 3500 كيلومتر".
ويمنح هذا المشروع تركيا دورا أكبر على صعيد الطاقة العالمية، حيث يمكّنها من تأمين احتياجاتها من الطاقة، فضلا عن المساهمة في أمن إمدادات الطاقة لأوروبا، ويستهدف هذا المشروع نقل 16 مليار متر مكعب من الغاز الأذري سنويا، وفق المتحدث ذاته.
(خط أنابيب مشروع تاناب الناقل للغاز الأذربيجاني إلى أوروبا عبر تركيا)
وأضاف مصبح أن "تركيا تستقبل سنويا قرابة مليون سائح من أذربيجان، وفي عام 2017 تم افتتاح خط حديدي دولي يربط بين أذربيجان وتركيا مرورا بجورجيا "باكو ـ تبليسي ـ قارص"، يهدف لنقل مليون مسافر سنويا، بالإضافة إلى 6.5 ملايين طن من البضائع بين البلدان الثلاثة، كما يسهم الخط -من خلال ربطه بين تركيا وآسيا ومنطقة القوقاز والدول الأوروبية- في نقل 50 مليون طن من البضائع كل عام".
ولفت إلى أن جميع هذه الأرقام والمشاريع الإستراتيجية تمثل نقاطا محورية في مشروع تركيا 2023، لما توفره من نفوذ تجاري واقتصادي لتركيا، وتعزيز مكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي، الأمر الذي يعطي تركيا مساحة أكبر في الساحة الدولية، وعليه فإن استقرار أذربيجان الأمني والاقتصادي يعتبر مسألة محورية لتركيا وخططها المستقبلية.
وقد اكتشف في بحر قزوين 20 حقل نفط وغاز و250 قطاعا رسوبيا نفطيا، لكن الخبراء يقدرون نسبة النفط بالأحجام التجارية فيها بـ12-15%، وتتراوح كمية موارد الحقول النفطية المؤكدة بين 24 و26 مليار طن.
ووفقا لتقرير أورده موقع "أويل برايس" (Oil price)، فإن منطقة القوقاز محطة عالمية رئيسية لنقل النفط والغاز، وهي تشمل روسيا وتركيا وإيران وأذربيجان وأرمينيا ودول آسيا الوسطى، وأصبح قرب الاشتباكات الحالية من نفط باكو-تركيا وأنظمة أنابيب الغاز مصدر قلق للمختصين والمراقبين لأسواق الطاقة.
ومن خلال الحصول على الغاز الأذربيجاني عبر خط أنابيب الغاز عبر الأناضول تمكنت تركيا من خفض تكاليفها بشكل كبير، ويمكن أن تتعمق الشراكة الأذربيجانية التركية بشكل أكثر مع ظهور فرصة جديدة في عام 2021 عندما تكون صفقة الغاز الرئيسية بين تركيا وروسيا في انتظار التجديد.
يُذكر أن تجدد الاشتباك العسكري الأخير في منطقة "قره باغ"، أعاد انتباه المجتمع الدولي من جديد إلى بحر قزوين الذي يعتبر أكبر مسطح مائي مغلق في العالم، وتبلغ مساحته نحو 370 ألف كيلومتر مربع، والذي يتحول من جديد إلى سبب للشقاق الجيوسياسي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!