ترك برس
يعدّ السلطان العثماني، عبد الحميد الثاني (1842م – 1918م) من أكثر الشخصيات التي يُثار حولها الجدل، حيث تكثر الروايات والمزاعم حوله والتي تندرج في قائمة "الإفراط والتفريط".
ووصف بعض المؤرخين العالميين السلطان عبد الحميد الثاني، وهو أحد أبرز سلاطين الدولة العثمانية، بالسلطان الأحمر، فيما اتهمه آخرون زورا بالقتل والإجرام، وممارسة الظلم على أتباع الدولة العثمانية سواء من المسلمين أو غير المسلمين.
إلا أن فئة قليلة من الباحثين، القارئين التاريخ بتمعن، والمتفحصين الوثائق الرسمية الموجودة في الكتب والمراجع الضخمة؛ تمكنوا من استخراج "صك البراءة" للسلطان.
ومن بين هذه المؤلفات، كتاب "دور الصهيونية العالمية والقوى الدولية في خلع السلطان عبد الحميد الثاني عن العرش"، الذي ألفع المؤرخ والأكاديمي حسان حلاق.
ويستند الكتاب الذي طبع في لبنان، لوثائق تاريخية تشرح كيف تآمر الصهاينة في تركيا مع بعض العلمانيين والحركة الماسونية لخلع السلطان عبد الحميد عن عرشه، ونجاحهم في ذلك.
ويشرح المؤلف بالدلائل كيف بدأ المخطط لبناء دولة الصهاينة، وأوضح أن ما جمعه من وثائق ومحفوظات ومعلومات منذ عام 1975 تؤكد تورط الصهاينة في إزاحة السلطان عبد الحميد، عبر محاولة إقناعه بقبول مبالغ كبيرة تقدّر بخمسين مليون ليرة ذهبية من صهاينة العالم مقابل السماح لهم بدخول فلسطين.
وبحسب حلاق، فإن هذه العروض قدّمها الصحفي الصهيوني النمساوي ثيودور هرتزل (مؤسس الحركة الصهيونية) للسلطان العثماني الذي كان يقود الدولة العثمانية التي تتضمن آنذاك فلسطين، لكن الأخير قابلها بطرد الأول ورفضها.
وأشار حلاق في كتابه إلى أن السلطان عبد الحميد عارض هجرة الصهاينة من الغرب، إذ كانوا يصلون فلسطين بواسطة السفن مدعومين من القوى الاستعمارية البريطانية بذريعة زيارة الأراضي المقدسة الخاصة بالديانة اليهودية، لكنهم يبقون فيها، وهو ما تنبه إليه السلطان العثماني، وأطلق ما سُمّي وقتها بالبطاقة الحمراء التي تسمح لليهودي الزائر بالمكوث في فلسطين لمدة شهر كحد أقصى.
وكشف المؤرخ العربي عن وثائق حصل عليها من مراجع بريطانية كبيرة، تؤكد دور الماسونية العالمية في التخلص من عبد الحميد، وكيف بدأت المؤامرات في سنة 1890 تزداد على السلطنة العثمانية بين قوى المعارضة الداخلية والخارجية، وفقاً لتقرير نشرته "الجزيرة نت."
وكشف أيضا كيف أن المتآمرين على عبد الحميد من معارضي الداخل أخذوا "فتوى شرعية" تحت تهديد السلاح من مفتي الديار الإسلامية محمد ضياء الدين عام 1909 للتخلص من السلطان، وتم ذلك بواسطة جيش كبير أحاط بقصر يلدز (مكان إقامته)، وتم نفي السلطان بعد ذلك إلى جزيرة سالونيك اليونانية.
وينقسم الكتاب إلى أربعة فصول: الأول عن الجذور التاريخية للقضية الفلسطينية من العام 1882 حتى 1908، ويتناول الثاني السياسة الإسلامية والدولية للسلطان عبد الحميد الثاني، ويعالج الثالث موضوع الوفاق الصهيوني الدولي الماسوني المحلي في ثورة 1908، فيما يكشف الأخير دور الصهاينة والماسونية في خلع السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1909.
وفي إطار حماية الأراضي الفلسطينية وبالأخص القدس، من محاولات السطوة الصهيونية، والاستيطان ومحاولات اليهود من أجل تثبيت وجودهم في القدس، قام السلطان عبد الحميد بجعل القدس سنجقا (لواء) مستقلا عن ولاية دمشق ومتصرفية لها اتصال مباشر بالباب العالي.
كما أصدر السلطان العثماني، تشريعات وقوانين تمنع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وتقضي بأنه لا يسمح لليهود بالدخول إلى فلسطين إلا حجاجًا أو زوارًا مقابل دفع 50 ليرة تركية والتعهد بمغادرة البلاد خلال 31 يوما.
ومن بين إجراءاته الأخرى في هذا الإطار، تعيين متصرف مستقيم وحازم على القدس يطبق سياسة الباب العالي، و إبلاغ القناصل بأنه منزعج من إقامة اليهود بعد انتهاء التصريح، وإصدار التصريح من السفارة العثمانية في البلاد التي يأتي منها اليهود، وتعيين شخصية صارمة لثني اليهود عن الاقتراب من القدس.
ورغم جميع مساعيه لتحقيق الوحدة الإسلامية والحفاظ على قوة ونهضة الإمبراطورية العثمانية، حققت مخططات الصهيونية ومساعي "الاتحاد والترقي" أهدافها بعزل السلطان العثماني في 1909، حيث تقدم اليهودي قره صو عمانوئيل وفدا من أربعة خصوم لتسليم الخليفة قرار عزله وتعيين أخيه الضعيف محمد الخامس في مكانه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!