كمال أوزتورك - صحيفة يني شفق - ترجمة ترك برس
تركيا جنة للكتاب والصحفيين، إذ يشغل الساحة دائما زخم هائل من المواضيع، وأنا شخصيا أرثي لحال الصحفيين في سويسرا وما يعانونه من نقص حاد في أن يجدوا موضوعا يكتبونه.
وقد قسمت مقالي اليوم لعدد من المواضيع، وهذا ما أقوم به للمرة الأولى:
البحث عن العدل في مياه البحر الأبيض المتوسط
غرقت سفينة تحمل مهاجرين غير شرعيين في البحر الأبيض المتوسط ومات المئات منهم غرقا، كنت أقرأ كتاب "قواعد الحضارات" للكاتب فيرناند براودل حين سمعت بالخبر، وتذكرت كتابا آخر رائعا لنفس الكاتب يتكلم عن حضارة البحر الأبيض المتوسط يتكلم عنا نحن الأتراك واليونانيون والإيطاليون والإسبان والتونسيين والمصرين... أي عن كل البلدان التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، حيث ولدت حضارات كثيرة مثل الحضارة اليونانية والمقدونية وقرطاجة وحضارة مصر والأندلس والدولة العثمانية. لقد ترك البحر الأبيض المتوسط ميراثا كبيرا من الحضارات للعالم وثقافة مشتركة لأشكال حياة مختلفة.
واليوم نرى في البحر الأبيض المتوسط ثقافة أخرى: عالما مبنيا على الظلم والاستعمار والنبذ وعن الحق كيف يؤخذ؟ نرى اليوم الأفارقة يفرون من بلادهم إلى أوروبا بحثا عن حقوقهم وأملا في استعادة ما سرق منهم.
وأصبح البحر الأبيض بحر مقبرة لمن يبحثون عن حقهم. وأصبح اسما للمياه التي يفر منها هؤلاء الذين استعبدهم الاستعمار الأوروبي والملاذ الذي يلجأ إليه الفارون من الموت ليموتوا فيه غرقا وبطونهم جائعة.
فليخرج اليوم كاتب ويفعل على غرار ما فعله براودل ، ليروي لنا قصص الذين يموتون جائعين وهم يبحثون عن حقوقهم.
قد حكموا على مرسي بالإعدام وليس السجن فقط
لن أنسى ميدان رابعة ما حييت، فقد رأيت فيه كيف تدفن الديمقراطية الأوروبية وإعلامها ذو الضمير المحايد والوجدان والعدل. لقد رأيت المتنورين من الغرب الذين لم يستطيعوا أن يتفوهوا بكلمة "انقلاب" هناك مزروعين في الميدان.
واليوم تقوم حكومة الأنقلاب بزج اللآلاف في السجون ونفي آخرين وإعدام آخرين، وحكم على رئيس الجمهورية مرسي الذي جاء بانتخابات شرعية بإرادة الشعب الحرة للمرة الأولى منذ فرعون 20 عاما بالسجن.
أما البيان الذي جاء من أوروبا فقد قال: "ليس جيدا ما حدث ولكن هذا لا يؤثر على علاقتنا بالسيسي."وأصل الحكاية: "لكم أن تعدموه إذا أردتم، إننا لن نحرك ساكنا."
إن الانقلاب الذي حدث في مصر والسلاسل التي ضربت على الديمقراطية لم تؤثر فقط على الغرب بل قد تأثر بها كل العالم الإسلامي. وانتشرت إشارة رابعة R4BİA لتكون رمزا للبحث عن العدل والحرية. ولا بد أن يتجلى الحق عاجلا أم آجلا. إذ سيكون لهذا الانقلاب تأثير على العالم تماما كما كان للشهيد حسن البنا وسيد قطب الأثر الكبير على العالم الإسلامي. وستشهد هذا الأجيال القادمة.
حب العلويين لحزب الشعب الجمهوري المعارض
كشفت صحيفة يني شفق عن وثيقة هامة في هذا الأسبوع تفيد بلقاء أتاتورك مع سيد رضا من مدينة درسيم سابقا وطونجلي حاليا، والتي يقطن فيها الأتراك العلويون قبيل إعدامه وتوقيعه على قرار الإعدام. وأتساءل منذ سنوات لماذا يصوت العلويون لحزب الشعب الجمهوري الذي قتلهم سابقا؟ لم أسمع حتى الآن أي تصريح يؤخذ بعين الاعتبار بهذا الشأن. يفسر البعض ذلك بأنه "عشق للجلاد" أو متلازمة ستوكهولم، لا أدري...
ويحمل كثير من العلويين مسؤولية مجزرة درسيم على عاتق عصمت إنونو، ذلك أنه هو الذي أعطى الأوامر وأن أتاتورك لا علم له. ولكن هذه الوثيقة المكتشفة حديثا تؤكد أن أتاتورك كان على علم بكل ما حدث وأنه وافق على إعدام سيد رضا العلوي من درسيم.
روح المجلس الأولى والحياة المتغيرة
عندما يذكر 23 نيسان /أبريل يتذكر الجميع عيد الطفل، أما أنا فأول ما يتبادر إلى ذهني افتتاح مجلس النواب لأول مرة، فمع تاريخ افتتاحه تغيرت أشياء كثيرة في حياتي. فأول فيلم وثاقي أقوم به في حياتي المهنية كان موضوعه مجلس النواب. فقد تلقيت تحذيرا من مؤسسة مراقبة التلفزيون لكي لا أقوم بنشر الجزء الأول منه. وكنت قد حفطت تاريخ تركيا الحديث عن ظهر قلب وأنا أعد هذا الفلم، حينها تعرفت على الإنسان الرائع إسماعيل قرة الذي غير لي نظرتي تجاه الأحداث والتاريخ.
أما بولنت أرنتش فقد دربني 3 أشهر قبل أن أبدأ بالعمل إلى جانبه حيث كنت أكتب خطابات تجريبية، وتحليلات. وكان قد قبلني في العمل إلى جانبه لنجاحي - على حد تعبيره - في كتابة أول خطاب يلقيه في مجلس النواب.
ورأيت أن حاجة البلاد إلى العيش المشترك ومشكلة التمثيل في البرلمان تحل في أول جلسة في البرلمان. وأنا أؤمن بأن الدستور الذي وضع في عام 1921 هو أول دستور يخاطب الجميع ويضمن حرياتهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس