ترك برس
أطلقت الحكومة التركية اليوم الجمعة حقبة جديدة لضمان التنمية في البلاد عبر حزمة إصلاحات اقتصادية أعلن عنها الرئيس رجب طيب أردوغان، في مدينة إسطنبول.
وقال أردوغان في كلمة خلال الحفل التعريفي بـ"حزمة الإصلاح الاقتصادي"، بمدينة إسطنبول: "نهدف إلى اقتصاد وطني يسجل أرقاما قياسية جديدة".
ونقلت وكالة الأناضول عن أردوغنا قوله: "سنصل بالتأكيد إلى أهدافنا لجعل تركيا واحدة من أكبر 10 اقتصادات بالعالم".
وأوضح: "عملنا على مأسسة الاستقرار السياسي الذي يعدّ شرطا أساسيا لتحقيق الديمقراطية والنمو الاقتصادي، وهو بنفس الوقت خطوة لتسهيل إنشاء مناخ ثقة، فتركيا تحافظ على قوتها رغم العديد من الأزمات الإقليمية والدولية".
وتطرق الرئيس أردوغان إلى تداعيات جائحة كورونا التي اجتاحت العالم، مشيرًا أنها تحولت إلى اختبار للبنية التحتية القوية التي أنشأتها الحكومات التركية منذ 18 عامًا، ونظام الإدارة الجديد.
وأعرب عن شكره لله لتجاوز تركيا بنجاح لهذا الاختبار في كافة المجالات من الصحة إلى الإنتاج ومن الأمن إلى التكافل الاجتماعي.
وأوضح أنه بالنظر إلى الوضع في البلدان المتقدمة والنامية يمكن ملاحظة كيف أن تركيا سارت باتجاه إيجابي خلال الأزمة.
وتابع مبينًا: "على سبيل المثال، فإن الاقتصاد العالمي خلال 2020 انكمش بنسبة 3.5 بالمئة، والتجارة العالمية بنسبة 10 بالمئة، وانخفضت الاستثمارات الدولية المباشرة بنسبة 42 بالمئة".
وأضاف: "ووصل الدين العالمي إلى رقم قياسي بلغ 282 ترليون دولار، فضلًا عن أن أسعار الأغذية حطمت أرقامًا قياسية خلال الأعوام الـ 6 ونصف الماضية، وكذلك أسعار المعادن خلال الأعوام الـ 9 ونصف الأخيرة في العالم".
ونوه الرئيس التركي إلى أن التطورات فيما يخص اللقاحات والأدوية المضادة لكورونا زادت من الآمال في العالم.
واستدرك: "ولكن عدم قدرة أكثر من 100 بلد في العالم على الوصول إلى اللقاح يشكل مثال صارخ على عدم المساواة والظلم، فضلًا عن أن التحليلات تشير إلى أنه حتى العام 2023 فإن 85 دولة فقيرة لن تتمكن من الحصول على اللقاح، رغم أن أغنياء العالم لن ينعموا بالسلام ولن تتمكن الاقتصادات الكبيرة من الاستقرار ما لم يتم تأمين اللقاحات والأدوية لجميع الدول بشكل عادل".
وأكد أن الحكومة التركية لم تتخل عن المواطنين وتتركهم لوحدهم لمواجهة الوباء، وذلك بفضل البنية التحتية الصحية المتينة، ونظام الضمان الاجتماعي العام الذي يشمل الجميع.
ولفت إلى أن الحكومة وقفت إلى جانب كافة المحتاجين عبر توسيع الشريحة المستفيدة من أنظمة الدعم الاجتماع، وتسريع إجراءاتها.
وبيّن أن تركيا أصبحت الدولة الثانية بعد الصين ضمن "مجموعة العشرين" التي تمكنت من تنمية اقتصادها بالقيمة الحقيقية.
وقال: "حققنا نموا اقتصاديا بنسبة 1.8 بالمئة العام الماضي رغم تداعيات فيروس كورونا".
وذكر أن الحكومة تقدم اليوم للشعب حزمة الإصلاح الاقتصادي التي تشجع القطاع الخاص وتضبط القطاع العام، مشيرًا أن الحكومة في الوقت الذي عززت فيه نقاط القوة من خلال حزمة الإصلاح، قدمت أيضًا حلولًا واقعية وذات أسس متينة للمجالات التي ترى فيها مشاكل.
وأضاف: "خلال هذه المرحلة، سنطبق كافة سياساتنا بمفهوم إدارة شفاف يمكن التنبؤ به ومن شأنه أن يعزز الإنتاج واستقرار الاقتصاد الكلي والاستثمارات التنافسية التي تضع الإنتاجية كأساس لها".
وبشأن حزمة الإصلاحات لفت إلى أن السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية تشكل العمود الفقري لها، مبينًا: "ركزنا على مجالات المالية العامة والتضخم وقطاع التمويل وعجز الحساب الجاري والتوظيف في إطار استقرار الاقتصاد الكلي".
وتابع: "أول مجال في إصلاحاتنا يتمثل في إنشاء هيكلية أكثر متانة للمالية العامة في مواجهة المخاطر".
وأوضح أردوغان أنه سيتم تنفيذ سياسات جديدة في القطاع العام والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
كما لفت إلى أن المشاكل التي تعترض المستثمرين الدوليين فيما يخص الضرائب أدرجت أيضا ضمن الإصلاحات.
وفي السياق، أكد أردوغان أن مكافحة التضخم وخفض مستواه إلى الآحاد يأتي على رأس أولويات الحكومة.
واستطرد: "النظام الإداري الجديد القابل للتحديث سيحقق لبلدنا مناخ الاستقرار والأمن وسنقدم على بعض الخطوات الضرورية لتحقيق ذلك في إطار الدستور".
وأعرب أردوغان عن ثقته بأن حزمة الإصلاحات الاقتصادية ستنقل تركيا بأمان نحو المستقبل بما تتضمنه من سياسات عملية، وأن جوهر الحزمة يتمثل بتنمية الاقتصاد على أسس الاستثمار والإنتاج والتوظيف والصادرات.
وأضاف: "سنزيد نمونا المحتمل عبر رفع الإنتاجية، ونهدف إلى اقتصاد محلي ووطني يقلل من استخدام المدخلات المستوردة، ويحطم أرقاما قياسية جديدة في الصادرات مع إنتاج ذي قيمة مضافة وذلك من خلال تعزيز الاقتصاد الحقيقي".
وأكد أن حكومات حزب "العدالة والتنمية" المتعاقبة، تكافح منذ عام 2002 من أجل تطور البلاد وتنميتها وفقا لمبدأي الاستقرار والثقة.
ولفت أردوغان إلى أن تركيا دفعت أثمانا باهظة لعدم الاستقرار الذي تسببت به حكومات التحالفات ومناخ انعدام الأمن الذي أججه الإرهاب والفوضى.
وبيّن أن "هذا الوضع جعل بلدنا غير مستعد لمواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الدولية، ولذا كنا دائما على أهبة الاستعداد".
وزاد: "بفضل إدارتنا الحكيمة، نجحنا في التعامل مع العديد من الصدمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وصدمات ما بعد العام 2013، مثل الأزمة العالمية في 2009، وأبقينا بلدنا على مسار أهداف 2023".
وشدد أن المرحلة الجديدة ستنشأ على أربع أسس تتمثل بالاستثمار والتوظيف والإنتاج والصادرات، قائلًا: "ولهذا الهدف سنطبق سياسات جديدة تشمل مسائل مثل ضبط الإنفاق، وإدارة الدين العام، وتعديلات ضريبية، ومناقصات المشتريات العامة، والشراكات بين القطاعين العام والخاص والشركات المملوكة للدولة".
وأكد أن الحكومة ستعمل على زيادة الشفافية والمساءلة مع توسيع نطاق حق مناقشة البرلمان للموازنة، وأنها لهذا الغرض بصدد إجراء تغيرين سياسيين هامين.
وأوضح قائلًا: "بالمرحلة الأولى سيتم مراجعة رؤوس الأموال المدورة وإغلاق غير الفعالة منها وإدراج الأخرى تدريجيًا في موازنة الإدارة المركزية تحت رقابة البرلمان".
وأردف: "وثانيًا، حصر تطبيقات الحسابات الخاصة التي تتم خارج الميزانية على الطلبات العاجلة والإلزامية، وإزالة من لا يستوفي هذه المعايير تدريجيًا وبذلك نعزز مبدأ الوحدة في الموازنة".
وأكد أن الحكومة ستنشر تقرير المالية العام كل ثلاثة أشهر الذي يتضمن نتاج الموازنة والتطورات السياسية والأهداف من أجل زيادة الشفافية.
وشدد أردوغان على أن الانضباط المالي القائم على الثقة والاستقرار هو أولوية الحكومة القصوى في الفترة المقبلة كما كان الحال دائمًا طوال الـ 18 عامًا الماضية.
ولفت إلى امتلاك الحكومة لإطار إدارة ديون قوي بفضل الانضباط المالي المطبق منذ سنوات، قائلًا: "وفي هذا الإطار، سنخفض حصة الديون بالعملات الأجنبية من إجمالي رصيد الديون، من أجل تقليل حساسية رصيد الدين تجاه الصدمات الخارجية".
واستطرد: "سنستخدم بشكل أساسي الأوراق النقدية المقومة بالليرة التركية للاقتراض".
كما أشار إلى أن الحزمة الاقتصادية تتضمن إعفاءات ضريبية لأصحاب الأعمال التجارية الصغيرة.
وكشفت عن إطلاق تطبيق دائرة الضرائب الرقمي الذي يقدم خدماته على مدار 24 ساعة على مدار أيام الأسبوع، لتمكين المواطنين من تسديد ضرائبهم إلكترونيًا دون التوجه إلى مبنى دائرة الضرائب.
وشدد على أن الحكومة مصممة على كتابة قصة نجاح جديدة بفضل الإصلاحات المالية العامة التي ستنفذها، وأنها ستحقق هدفها المتعلق بعجز الميزانية الذي قامت بتعديله من 4.3 بالمئة إلى 3.5 بالمئة هذا العام دون المساس بالانضباط المالي.
وأعرب أردوغان عن أسفه لوجود إسراف في استهلاك الغذاء يقدر بـ 19 مليون طن سنويًا، مشيرًا أن 25 بالمئة على الأقل من الخضروات والفواكه يتم إسرافها في ميادين مختلفة.
ولفت إلى أنه يمكن توفير 10 مليارات ليرة تركية سنويًا في حال خفض الإسراف في قطاع الأغذية الذي تبلغ أرباحه الإجمالية سنويًا 500 مليار ليرة تركية (الدولار نحو 7.55 ليرة تركية)، بنسبة 2 بالمئة فقط.
وأفاد أن الحكومة راجعت اتفاقيات منع الازدواج الضريبي من أجل منع المشاكل المحتملة التي قد تنشأ بهذا الشأن، مبينًا أنها ستستخدم أسلوب الاتفاق المتبادل بشكل مكثف في الأمور الضريبية التي تهم أكثر من دولة واحدة.
كما شدد على أن الحكومة بصدد تكثيف العمل باتفاقيات التسعير المسبق لزيادة ثقة المستثمرين والقدرة على التنبؤ بالضرائب، إضافة لضمان تحصيل ضرائب المواطنين غير المحصلة في وقتها من قبل إدارة واحدة.
وأوضح أنهم سينتقلون للعمل وفق نماذج قياسية يمكن التنبؤ بها وتمنع المنافسة غير العادلة فيما يخص التدقيق الضريبي.
وبيّن أردوغان أن أحد أهم الإصلاحات المتعلقة بالإنفاق العام جرت على مناقصات المشتريات العامة، لافتًا إلى الانتقال لنظام رقمي جديد متعلق بمناقصات المشتريات العامة.
كما أكد أن الحكومة تساهم في تطوير وتنويع ونمو الصناعة المحلية من خلال توجيه المشتريات العامة إلى المنتجات المحلية، مشددًا أنهم يهدفون إلى تأسيس شركات عالمية قوية تنافسية من المؤسسات الحالية المملوكة للدولة.
وأشار إلى أن الحكومة ستؤسس لجنة استقرار الأسعار، من أجل تقييم الصدمات الهيكلية التي تشكل خطرا على التضخم وتحديد السياسات المطلوبة وإدارتها بهذا الخصوص، مبينًا أن اللجنة ستضم وزارات الخزانة والمالية، والصناعة والتكنولوجيا، والطاقة والموارد الطبيعية، والتجارة والزراعة.
وأعرب أردوغان عن ثقته بأن اللجنة الوزارية ستزيد من كفاءة مكافحة التضخم.
كما شدد الرئيس التركي على أن ضمان الاستقرار المالي وتطوير قطاع التمويل من بين القضايا ذات الأولوية بالنسبة للحكومة.
وصرّح بأن الحكومة تتخذ بعض الإجراءات، لإزالة الآثار السلبية المتأخرة لجائحة كورونا ولتحسين جودة الأصول في القطاع المصرفي.
وبين أن النظام المصرفي التركي يتمتع بنظرة مستقبلية قوية مقارنة بالعديد من الدول في مؤشرات السلامة المالية مثل وفرة رأس المال والسيولة والربحية وجودة الأصول.
كما لفت إلى أنه سيتم إعداد قانون جديد من شأنه تسريع تطوير قطاع التمويل التشاركي، مبينًا أنه بموجب القانون سيتم جمع قطاع التمويل التشاركي تحت مظلة واحدة، وإنشاء مجلس استشاري مركزي للقطاع.
وشدد الرئيس التركي على عزم الحكومة إنشاء آلية تحكيم التمويل التشاركي وفق المعايير الدولية.
وأشار إلى أنهم يتخذون سلسلة خطوات من أجل تطوير البنية التحتية المؤسساتية لقطاع التمويل، قائلًا: "لهذا الغرض، نقوم بإعادة هيكلة مركز المخاطر الذي يتم فيه جمع كافة البيانات الائتمانية والمخاطر في بلدنا".
وأضاف: "نقوم باتخاذ خطوات لخلق البنية التحتية الاقتصادية والتكنولوجية والقانونية للعملات الرقمية، حيث سنعمل على جعل العلاقة بين البنوك وعملائها أكثر شفافية من خلال إنشاء آلية مراقبة تحمي المستهلك".
وأوضح أن الحكومة بصدد توسيع نظام التقاعد الفردي ليشمل قطاعات أوسع بكثير، ورفع المعوقات أمام تمكين من هم دون سن 18 من دخول النظام.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!