ترك برس
تنسحب تركيا، الخميس، رسمياً من اتفاقية إسطنبول حول المرأة، وذلك عقب قرار من القضاء برفض تعليق الانسحاب من الاتفاقية.
وقبل أيام، رفضت الدائرة العاشرة لمجلس شورى الدولة (المحكمة الإدارية العليا) في تركيا، طلب تعليق الانسحاب من "اتفاقية إسطنبول" حول المرأة، وذلك بأغلبية الأصوات.
وأكدت المحكمة في قرارها أن "تركيا ستخرج من (اتفاقية إسطنبول) في الأول من تموز/يوليو 2021."
قرار المحكمة العليا، جاء إثر رفع رئيسة حزب "الجيد" المعارض، مرال آقشنار، بدعوى في مجلس شورى الدولة لإلغاء قرار الانسحاب من "اتفاقية إسطنبول" ووقف تنفيذها، بعد إصدار رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان، مرسوماً رئاسياً بذلك.
كما طلبت آقشنار تقديم طلب إلى المحكمة الدستورية على سبيل الاعتراض، لإلغاء عبارة "التوقف والإنهاء" على أساس أنها غير دستورية.
وفي مارس/ آذار الماضي، أعلنت تركيا انسحابها رسميا من اتفاقية اسطنبول لمكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي، بداعي إخلالها ببنية الأسرة التركية وتشجيعها على المثلية.
واتفاقية إسطنبول هي اتفاقية مناهضة للعنف ضد المرأة، أبرمها المجلس الأوروبي وفتح باب التوقيع عليها في 11 أيار/ مايو 2011 بمدينة إسطنبول.
وتهدف الاتفاقية إلى منع العنف وحماية الضحايا ووضع حد لإفلات مرتكبي الجرائم من العقاب.
ووقعت 45 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، على الاتفاقية، غير أن معظم الدول الأعضاء، لم تُدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، وكانت تركيا من أوائل الدول التي عملت على تطبيقها.
وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في الأول من آب/ أغسطس عام 2014.
وهذه الاتفاقية هي الأولى التي تضع معايير ملزمة قانونا في نحو 30 بلدا لمنع العنف القائم على أساس الجنس.
وتركيا ليست الدولة الأولى التي تنسحب من اتفاقية إسطنبول، وكانت أعلى محكمة في بولندا قررت فحص هذه الاتفاقية بعد أن دعا عضو في الحكومة البولندية إلى الانسحاب منها باعتبارها ليبرالية أكثر من اللازم.
وتعليقا على الانسحاب، صرّح نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، حينها أن بلاده "مصممة على الارتقاء بمكانة المرأة التركية في المجتمع مع الحفاظ على النسيج الاجتماعي، دون الحاجة إلى تقليد الآخرين".
وبالعودة إلى قرار المحكمة العليا، فقد جاء في تبريره أن "الفقرة 17 من المادة 104 من الدستور نصت على أنه يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرار رئاسي بشأن المسائل المتعلقة بالسلطة التنفيذية."
وأضافت أن "الدستور نص على تنظيم الأمور المتعلقة بالتصديق على المعاهدات الدولية ونشرها، ولم يكن هناك حكم بشأن إجراءات إلغاء المعاهدات الدولية أو الخروج من هذه المعاهدات."
وفي سياق متصل، انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في نيسان/أبريل الماضي، الدعوات الرافضة للانسحاب من "اتفاقية إسطنبول"، موضحا أنها لم تحترم حقوقها في حين أن "ديننا يعتبر العنف ضد المرأة محرما."
وقال أردوغان في كلمة له، خلال لقائه عدد من الشبان الأتراك في مكتبة الأمة بالمجمع الرئاسي، في العاصمة التركية أنقرة، إن "(اتفاقية إسطنبول) لم تجلب الاحترام لحقوق المرأة في بلادنا أو في العالم."
وأشار إلى أن "هنالك 11 دولة في الاتحاد الأوروبي على وشك الانسحاب من الاتفاقية."
وحول سؤال من إحدى الشابات عن الدوافع التي أدت للانسحاب من الاتفاقية، قال أردوغان "ألا يرفض دستورنا العنف ضد المرأة؟ يرفضه ولا يقبله."
وأكد "نحن ننتمي إلى حضارة ودين، إذ إن ديننا يعتبر العنف ضد المرأة محرما."
وتابع "وإذا كان ولا بد أن نحتاج إلى اتفاقية مثل هذه، فنحن بإمكاننا أن نجهز اتفاقية لتكن مثلا (اتفاقية أنقرة) بحيث تكون أقوى وأكثر عدلا وإنصافا بحق المرأة ونكمل طريقنا بها."
ولاقى انسحاب تركيا من الاتفاقية المذكورة، صدى واسعاً حول العالم، حيث أعرب مسؤولون أوروبيون عن أسفهم للقرار التركي.
وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في بيان الأحد، إن "اتفاقية إسطنبول هي أول وثيقة دولية ملزمة من الناحية القانونية لمكافحة العنف ضد المرأة والعنف الأسري".
وعبر بوريل عن أسفه لانسحاب تركيا من الاتفاقية، داعيا إياها إلى التراجع عن القرار. حسب وكالة الأناضول.
في السياق ذاته، عبر وزير الخارجية الألماني، رئيس لجنة وزراء مجلس أوروبا هايكو ماس، ورئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، ريك دايمز، عن أسفهما لانسحاب تركيا من الاتفاقية.
وقال ماس ودايمز في بيان مشترك إن "اتفاقية إسطنبول تهدف إلى منع العنف ضد المرأة وحماية الضحايا ومقاضاة الجناة".
كما زعما أن قرار تركيا "حرم النساء من أداة مهمة للحماية من العنف".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!