ترك برس
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّ مرحلة استعلاء وهيمنة الدول الغربية على السياسة الدولية انتهت، والعالم بأسره وضمنه الدول الغربية باتت تقرّ بذلك.
جاء ذلك في لقاء للرئيس التركي مع "مجلة كريتر" (المعايير) التركية نشر الثلاثاء تحدث فيه عن عدة قضايا، في مقدمتها النظام الدولي، والرؤية التي يحملها في كتابه "من الممكن إنشاء عالم أعدل"، واتفاقية باريس للمناخ، والتطورات في سوريا.
وقال أردوغان: "وصلنا لنهاية المفهوم السائد باستعلاء الغرب وإدارته للمشاكل في العالم، والجميع بات موقنًا بهذا. الهيمنة الغربية التي استمرت لمئات السنين انتهت، ونظام دولي جديد بات يتشكل". بحسب وكالة الأناضول.
وأوضح أنّ "العالم شهد بعد الحرب الباردة سياسة عالمية جديدة مركزها الولايات المتحدة الأمريكية، لكن بات واضحا أنه من غير الممكن لها السيطرة لوحدها على النظام الدولي برمته، إنها جربت ذلك وفشلت، انسحبت من العراق واضطرت على الانسحاب من أفغانستان ولم تستطع إنشاء ديمقراطية فيهما".
وأشار إلى صعود دول كتركيا كلاعب على الساحة الدولية، مضيفا أنه "ليس فقط تركيا، الكثير من الدول متوسطة القوة بدأت بالصعود للأعلى وإظهار نفسها. نحن لم نعد نعيش في عالم يُنفذ فيه ما تقوله القوى الكبرى".
وزاد أنّ بلاده وصلت لمرحلة من القوة بات بإمكانها تنفيذ عملياتها العسكرية بنفسها وتأسيس صناعة دفاعية محلية.
وكانت تركيا بحسب أردوغان في طليعة الدول التي دعت لإجراء تغييرات في النظام الدولي عبر تسليط الضوء على المشاكل التي تكبل عمله كمنظمة معنية بحل النزاعات الدولية.
واستطرد أردوغان في سرد الظلم والأزمات التي يشهدها العالم وتعجز الأمم المتحدة في حلّ أيّ منها كأزمة اللاجئين السوريين، والروهنغيا في ميانمار، والمأساة التي يعيشها الفلسطينيون، ومعاداة الإسلام في الغرب، والأزمات الإنسانية في إفريقيا.
** "من الممكن إنشاء عالم أعدل"
و كتاب "من الممكن إنشاء عالم أعدل" بحسب أردوغان ليس تسليطا للضوء على المشاكل في النظام الدولي وحسب بل يقدم حلول في الوقت نفسه، كما يعد وثيقة تاريخية للدعوات التركية المتكررة.
وأضاف: "مقترحنا بالتأكيد هو عرض إصلاح. بهذا العرض نقول من الممكن إنشاء عالم أكثر عدلاً. نريد التطرق للمشاكل الحقيقية للعالم. لا يمكن الوصول لحلول دون لمس المشاكل الحقيقية".
وتابع الرئيس التركي متسائلا: "متى تعاملوا (الغرب) مع الأزمة السورية تعاملا إنسانيا، مئات الآلاف قتلوا الملايين هربوا من قصف نظام الأسد، الشغل الشاغل للغرب كان ‘كيف نمنع وصول اللاجئين إلينا‘. عندما قصف الأسد المدنيين بالأسلحة الكيميائية ماذا فعل مجلس الأمن؟ لا شيء، النظام استمر بعدها في القصف".
ولفت أردوغان أنّ الأمر نفسه تكرر في البوسنة والهرسك وكشمير وفلسطين والقرم وميانمار قائلاً :" ما نستنتجه من هذا أنّ المنظومة الدولية لا تنتج حلولا عادلة في العالم".
وأردف: "ندعو إلى زيادة فعالية الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتلعب دورا أشبه بالبرلمان العالمي، بإمكاننا فعل ذلك".
وأوضح أن العدالة لا يمكن تحقيقها بدون تحويل مجلس الأمن إلى أداة تنفيذ، ولا يمكن إجراء أي إصلاح دون إزالة حق النقض "فيتو".
وأضاف أن "مقترحنا هو تطويع نظام الأمم المتحدة للظروف الدولية المتغيرة".
وأشار أردوغان أنه "يوجد في العالم اليوم عدة مراكز قوى، ثمة دول ترفع صوتها وتقول لا نقبل نظاما بهذا الشكل، لا نقبل انتظارنا لقرارات من بين شفاهكم، إن مجلس الأمن لا يمثل توزع القوى في العالم. ما مدى صحة ترك العالم بأسره أمانة في أيدي 5 ممثلين وفق نظام تأسس نتيجة للحرب العالمية الثانية".
وبين أنّ لأوروبا ممثلين في مجلس الأمن (فرنسا وبريطانيا) في حين لا يوجد أي ممثل من أمريكا الجنوبية وإفريقيا، مضيفا أن "نسبة سكان أوروبا تساوي 5 بالمئة من سكان العالم، والدول الخمس دائمة العضوية تمثل فقط ربع سكان العالم".
وأوضح أن منظومة الأمم المتحدة تعاني من أزمة شرعية يتعين تجاوزها، وإلا فلا يمكن تحقيق الاستقرار والنظام في سياسة عالمية تتصرف فيها بعض الأطراف كيفما تشاء.
وشدد على ضرورة أن تعكس قرارات مجلس الأمن الدولي العدالة، والقرارات التي تفتقد ذلك تجرح الضمير العالمي وتجعل الناس يفقدون إيمانهم بالأمم المتحدة.
كما لفت أردوغان إلى أن غزو (واشنطن) العراق تم بشكل مخالف للقانون الدولي ما أدى إلى مقتل مئات الألاف من الأبرياء، وتشريد ملايين وخلق بيئة فوضى تسرح وتمرح فيها التنظيمات الإرهابية
وتابع: "لكن لو تمت مراعاة القانون الدولي واتخاذ قرارات شرعية لربما كنا تمكنا من حل العديد من الأزمات".
وأكد أنه لا يمكن استمرار هيكلية يتمتع فيها أعضاء مجلس الأمن بصلاحيات دائمة لا محدودة، ولا يخضعون للمساءلة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وذكر أنه لا يمكن تحقيق العدالة أو إنقاذ الأمم المتحدة (من الوضع الراهن) دون جعل الجمعية العامة بمثابة هيئة تشريعية ومجلس الأمن هيئة تنفيذية.
وشدد أردوغان على أولوية النظر في مسألة صلاحية حق النقض "فيتو" الممنوحة للأعضاء الدائمين لمجلس الأمن الدولي، مؤكدا أنه دون إلغاء هذه الصلاحية فلن يكتب النجاح لأي جهود من أجل إصلاح المنظومة الأممية.
وأكد أنه لا يمكن الحصول على أي نتيجة مرجوة من جهود الإصلاح طالما لم يتم تعديل العلاقة بين مجلس الأمن والجمعية العامة لصالح الأخيرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!