ترك برس
يسيطر المشهد الاقتصادي والمستجدات التي تشهدها مؤخراً، على حديث الشارع التركي خلال الأشهر الأخيرة، وسط ترقب لإجراءات الحكومة خلال العام الجديد، من أجل كبح تراجع الليرة أمام الدولار، وما ينتج عنه من ارتفاع في الأسعار ومعدلات التضخم، لا سيما بعد طرحها النموذج الاقتصادي الجديد الذي أدى إلى انتعاش العملة المحلية.
وفي هذا الإطار، رصد موقع "الجزيرة نت" آراء وتوقعات خبراء واقتصاديين حول مساعي الحكومة التركية للسيطرة على تقلبات سعر الصرف والتضخم، خلال العام الجديد 2022.
هل ستستمر الليرة التركية في التعافي أم تتهاوى؟ وإلى أي رقم يمكن أن تبلغه الليرة مقابل الدولار خاصة بعد تحسنها الملحوظ عقب إعلان النموذج الاقتصادي الجديد؟
وفي معرض رده على السؤال أعلاه، قال الدكتور رجب يورلماز، أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة يلدريم بيازيد بأنقرة إنه "بعد سياسة الفائدة المنخفضة التي يعتمدها أردوغان، شهدنا انخفاضا كبيرا في قيمة العملة التركية، حيث زاد الاهتمام بالدولار، لكن النموذج الاقتصادي الجديد جدد ثقة الشعب في الليرة وبدأ يودعها في البنوك بدلا من الدولار مما أدى لارتفاعها وبلوغها 11، ومتوقع ارتفاع قيمتها الى 10 أو 9 مقابل الدولار خلال العام الجديد."
من جهته، يرى المحلل الاقتصادي الدكتور أحمد مصبح، أنه في ظل هذه الظروف لا يستطيع أحد التنبؤ بسعر الليرة مستقبلا، وحتى مسألة التعافي أو التدهور مرهونة بقدرة الحكومة على الحفاظ على المكتسبات التي تحققت خلال الأيام الماضية، ناهيك أن الحكم على كفاءة تلك الإجراءات يحتاج بعض الوقت.
ويشير خبراء إلى أن مدخرات العملة الصعبة بمليارات الدولارات -التي تحتفظ بها الأسر التركية والشركات المحلية- هي التي ستؤدي إلى تقلبات الليرة عام 2022.
ويمتلك المواطنون 226 مليار دولار من العملات الأجنبية بتاريخ 3 ديسمبر/ كانون الثاني، أي ما يعادل أكثر من 60% من جميع الودائع، حسب آخر بيانات البنك المركزي.
وشدد الرئيس على أن أسعار صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية ستشهد استقرارا في وقت قريب جدا، وقال في تصريحاته "منذ إعلان البرنامج المالي الجديد ازدادت الودائع بالليرة التركية أكثر من 23.8 مليارا، والزيادة مستمرة".
ما إمكانات الحكومة لكبح ارتفاع الدولار والأسعار والتضخم؟ وكيف ستعالج المشكلات الاقتصادية خاصة مع اقتراب الانتخابات عام 2023؟
الرئيس أردوغان صرح خلال لقاء مع شبان أفارقة "عاجلا أو آجلا، مثل ما خفضنا التضخم إلى 4% عندما وصلت إلى السلطة، سنخفضه مرة أخرى، وسنجعله ينخفض مرة أخرى" مشددا على أن حكومته عازمة على منع المستغلين من زيادة أسعار المواد الاستهلاكية.
ورفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور إلى نسبة 50%، وعليه فإن تكاليف الأيدي العاملة ارتفعت بنسبة 50%، لذلك -وفقا لحديث مصبح- لن يكون من السهل على أرباب العمل قبول تخفيض الأسعار، كما أن التوقعات تشير إلى زيادة معتبرة في الأحمال الضريبية للعام الجديد، خاص في ظل انخفاض قيمة الليرة مقارنة بالعام 2021.
وأضاف "حتى تستطيع الحكومة فرض سيطرتها على الأسعار والتضخم فعليها توفير بيئة استقرار أكبر لأسعار الصرف وتقليل هامش التقلبات، وإعادة تقييم مسألة الأجور حسب المعطيات الجديدة، بحيث يتلاءم والوضع الحقيقي للسوق، إضافة لتفعيل أكبر للرقابة على الأسعار لتتلاءم مع مستويات التضخم المعلن عنها من طرف الحكومة.
في حين يقول يورولماز الذي عمل سابقا رئيسا لقسم الدراسات الاقتصادية في مركز أورسام للأبحاث "رغم ارتفاع قيمة الليرة، فإن الأسعار لم تتراجع في السوق بعد، لكن تحرك نظام الإيداع المحمي بالليرة كان بمثابة عصا سحرية منعت الدولرة في البلاد والهجمات على العملة الوطنية، وهكذا تجدد دعم الشعب للحكومة، ومع ذلك فإن تحقيق استقرار الأسعار يبقى أكبر اختبار أمام الحكومة العام الجديد".
وزاد "سيضمن الاستخدام المتكامل لأدوات السياسة النقدية والمالية وحل المشكلات التي تؤثر بشكل مباشر على التضخم، نهاية عام 2022، ودخول أردوغان الانتخابات عام 2023 بطريقة مثالية.
ما مصير التضخم؟ وهل تستمر الأسعار في الارتفاع أم تنخفض؟
الدكتور مصبح يعتقد أن مسألة التضخم والسيطرة على الأسعار ستكون من أكبر التحديات خلال الفترة القادمة خاصة في ظل المتغيرات الجديدة، فرغم أن معدل التضخم قرابة 21%، فإن ما هو ملموس في الواقع أن هناك تضخما يفوق 50%، لذلك من الصعب تخفيض الأسعار في ظل هذه المعطيات والمتغيرات.
أما الدكتور يورولماز فيرى أن التضخم هو أحد أهم مشاكل الاقتصاد الكلي التركي، وفي الفترة الحالية تظهر إحصاءات مكافحة التضخم أنه ستكون هناك زيادات في الأسعار لفترة من الوقت، ومع ذلك فإن الزيادة في التضخم ستكون متناسبة عكسيا مع قيمة الليرة التركية.
هذا وكشف كشف الرئيس التركي، قبل قرابة أسبوعين، عن آلية "وديعة الليرة التركية المحمية من تقلبات أسعار الصرف" والتي تضمن للمودع بالليرة عدم الوقوع ضحية لتقلبات أسعار الصرف، والحصول على الفائدة المعلنة، يضاف إليها الفرق في سعر الدولار بين وقت الإيداع والسحب.
وعقب الكشف عن الآلية المالية الجديدة صعدت الليرة التي كانت انخفضت في وقت سابق بأكثر من 11% إلى حوالي 18.4 مقابل الدولار، بأكثر من 10% وبلغ الدولار 12 ليرة، لتواصل الانتعاش إلى أن بلغت 10.30 ليرة للدولار الواحد، قبل أن تتراجع قليلاً.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!