علي الصاوي - خاص ترك برس
لا تزال المبادرات الإنسانية لحل أزمة ليبيا واليمن تحاول أن تجد لها مكانا في أروقة الهيئات الدولية والميدانية، تبحث عن روافع إنسانية لحل أزمة تلك البلاد التى ترزح تحت وطأة الأزمات والتدخلات الخارجية بلا أى تأثير يذكر ولا تقدم في عملية الانتقال السياسي، لإنهاء سنوات من الحرب جرّت على اليمن مآسي إنسانية وعلى ليبيا انقسامات داخلية وتدخلات خارجية، فجولات السياسية والدبلوماسية لم تعد تُجد نفعا لا سيما وأن المجتمع الدولي فقد عدالته الناجزة لتحقيق آمال الشعوب الوطنية، كما أن العالم الإسلامي يغض الطرف عن ما يحدث في اليمن من مجاعات وأمراض نخرت في عظام اليمنيين حتى النخاع وما زال نزيف الجرح مستمرا.
فحين تعجز السياسة عن إيجاد حلول تظهر المبادرات الإنسانية لوضع حد لمعاناة الشعوب وتسريع وتيرة العمل الجاد للفت أنظار العالم لأزمة ليبيا واليمن أملا في إيقاظ الضمير الإنساني وتسليط الضوء على موضع الجُرح.
مجموعة العمل الإنساني
وبالبحث عن مؤسسات لها دور إنساني في هذا الصدد نجد أن مجموعة العمل الإنساني لأجل اليمن عام 2019 كان لها السبق بمبادرة من خبير القانون الدولي ورئيس المعهد الاوروبي للقانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور "محمود رفعت" لإيصال المساعدات الإنسانية الى الشعب اليمني وكذلك محاولة تحقيق العدالة على الصعيد الدولي، وذلك بسبب الجرائم غير المسبوقة ضد حقوق الإنسان في اليمن، والتي أوصلت حال الشعب اليمني الى أن تصنفه الأمم المتحدة كأسوأ كارثة إنسانية على كوكب الارض.
في عام 2018 أطلق محمود رفعت مع رئيس وزراء ليبيا الأسبق عمر الحاسي مجموعة العمل الدولية لأجل السلام في ليبيا بهدف وقف نزيف الدم في ليبيا والوصول الى عملية انتخابية ديمقراطية خشية تقسيم البلاد، لكن التدخلات الأجنبية خاصة ممن هم منوط بهم تنفيذ القانون الدولي، وتغليب الدول العظمى لمصالحها الاقتصادية وأجنداتها جعلت دماء شعوب العالم الثالث مجرد مُعطي لا قيمة له في المعادلة الدولية التي أصبحت تستخدم تلك الدماء لتحقيق مصالحها وتنفيذ أجندتها على الرغم من كل الشعارات المرفوعة من قبل الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وعلى رأسهم فرنسا وأمريكا.
لم يعد يخفى تورط المنظمات الدولية الكبرى أيضا مثل الأمم المتحدة في أعمال غير إنسانية لتحقيق مصالح الدول الكبرى والمثال على ذلك مبعوث الامم المتحدة في ليبيا "برناردينو ليون" والذي كشفت الصحف الأجنبية تقاضيه رشوة من أحد الدول الإقليمية للعبث في ليبيا ولم تتم محاسبته حتى الأن بل إنه تقاضي الرشوة التي تم الكشف عنها من خلال مراسلاته الإلكترونية على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، دون أن يتحرك أحد وكانت الرشوة عباره تعيينه رئيسا للأكاديمية الدبلوماسية بأحد دول الخليج بمرتب شهري 50,000 دولار، وهو ما تم بالفعل دون أن يحاسبه أحد.
تقدمت العديد من المبادرات الإنسانية لوقف بحور الدم في اليمن وليبيا لكنها اصطدمت بعقبات مصالح الدول الكبرى القادرة على اللعب بمصائر الشعوب ومن ذلك خرق قرارات مجلس الأمن المتكررة بشأن عدم تسليح الأطراف في ليبيا وغض النظر عن سيل التسليح الذي تلقاه حفتر بل والأمواج البشرية من المرتزقة الذين تم استئجارهم من قبل إحدى الدول الإقليمية دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكنا وهو نفس السيناريو الذي يتم في اليمن حيث يعج بالمرتزقة القادمين من دول عِدة بأموال النفط و تحت أعين المجتمع الدولي الذي يغض الطرف عنها بعمليه قتل متعمد للعدالة مع سبق اصرار وترصد.
جائزة نويل
وجدت كثير من الأوساط الدولية والإقليمية في مبادرات محمود رفعت بشأن اليمن وليبيا أعمالا جسام، فقد قام عضو البرلمان الاوروبي وقتها السيد كلاوس بوخنر بترشيح محمود رفعت لجائزه نوبل للسلام عامين متتاليين 2018 و 2019 وكذلك السيد عمر الحاسي رئيس وزراء ليبيا الأسبق حيث قام بترشيح محمود رفعت لجائزة نوبل للسلام لنفس العامين وكان معهم عدد من أساتذة الجامعات في العلوم السياسية والقانون الدولي، لكن المصالح الاقتصادية وأجندات الدول العظمى طغت على كل المبادرات الإنسانية، بل إن تلك المصالح حطمت القواعد الأخلاقية في المجتمع الدولي حيث تم ترك الشعوب فريسه لمكينة القتل والتجويع والتهجير وكل أشكال التنكيل بها.
حين تم تأسيس الأمم المتحدة سنه 1945 كانت طفره كبيرة في تاريخ الإنسانية بما تضمنه ميثاق المنظمة من نصوص تكفل تحقيق العدالة وتضمن الآدمية للبشر، بشكل كبير حيث وضع ميثاق الامم المتحدة الكثير من الاحكام التي يتخيل قارئها ان البشرية ستعيش في المدينة الفاضلة يوتوبيا بفضل هذه النصوص وكذلك حينما ظهرت المحكمة الجنائية الدولية للعلن لأول مره سنه 2003 كجهة قضاء جنائي دولي دائم بعد جهود حثيثة لأكثر من نصف قرن ظن الكثير أن كوكب الارض يسير نحو تحضر إنساني غير مسبوق لكن العقد الأخير من تاريخ البشرية أتى بما يحطم هذا وذاك وأثبت أن المصالح الاقتصادية وأجندات الدول العظمى هي المتحكم الحقيقي في سلوك المجتمع الدولي والتي رأينا مدى انحرافها خلال العقد الماضي من الزمن.
ما يجري اليمن وليبيا بل وفي إقليم تغراي في اثيوبيا على يد القوات الحكومية من تطهير عرقي وقتل جماعي وتجويع وحرمان من الدواء يتم تحت أعين المجتمع الدولي والمنظمات الدولية سواء الأمم المتحدة أوالمحكمة الجنائية الدولية الذين لم يحركوا ساكنا، وذلك بسبب تحقيق هذا الدم المسفوك بغزاره لمصالح الدول الكبرى دون الاكتراث لأى وازع اخلاقي، ضاربين بعرض الحائط كل القيم الإنسانية والوجودية فضلا عن التحضر البشرى الذي ادعته الإنسانية بعد الحرب العالمية الثانية وكأننا اليوم نكتشف أن الإنسانية التي ادعتها القوى المنتصرة بعيد الحرب العالمية الثانية كانت مجرد غطاء تغطت به بعد الحرب لتهدئة الساحة الدولية المشتعلة لتقوم بنزع وازاحه هذا الغطاء إمام مصالحها وأجندتها خلال العقد المنصرم وحتى اشعار أخر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس