ترك برس-الأناضول
عاش فيه السلاطين العثمانيون أكثر من 4 قرون منذ فتح مدينة إسطنبول عام 1453م، واليوم يعد قصر "طوب قابي" أحد أهم المتاحف والوجهات السياحية في المدينة التاريخية العريقة.
في نقطة تشرف على مضيق البوسفور وخليج القرن الذهبي، تم بناء القصر بين عامي 1459 و1465 من قبل السلطان محمد الفاتح وكان مقر إقامته ومقر إقامة سلاطين الدولة العثمانية من بعده.
لم يُستخدم "طوب قابي" من قبل "الفاتح" كمقر إقامة فحسب، بل كان أيضا يضم مدرسة الأندرون للمتميزين لتنشئة السياسيين والعسكريين من ذوي المواهب في الدولة العثمانية، وحاليا يعد القصر بما يحتويه من مقتنيات، وخاصة الإسلامية منها، واحدا من أهم متاحف إسطنبول.
وبعد انتقال العائلة السلطانية في القرن الثامن عشر إلى قصر دولما باهتشه، تحول "طوب بابي" في 1924 إلى متحف يضم آثارا من مختلف الحقب التاريخية وخاصة الآثار الإسلامية، وفيه قوس وسيف الرسول محمد (خاتم المرسلين) وشعرات من لحيته، فضلا عن آثار لصحابة وسلاطين.
** الأمانات المقدسة
قسم الأمانات المقدسة في متحف القصر يتضمن مقتنيات تُنسب إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأنبياء آخرين وصحابة وخلفاء مسلمين من مختلف العصور، وهي محفوظة فيه منذ خمسة قرون.
وانتقلت هذه الآثار إلى الدولة العثمانية عقب ضم السلطان "سليم الأول" مصر عام 1517، وإحضاره تلك الأمانات إلى إسطنبول، مقر الخلافة الحديثة، حيث تُحفظ في "الغرفة الخاصة" بالمتحف.
وتشمل الأمانات أدوات وآلات استُخدمت في حفظ الأمانات المقدسة فيما مضى، وقطعا نادرة جُلبت من مكة المكرمة والمدينة المنورة، ووضعت جميعها في غرفة يتلى فيها القرآن على مدار اليوم دون انقطاع.
"الغرفة الخاصة" خُصصت بشكل كامل للأمانات المقدسة منذ عهد السلطان محمود الثاني، وكانت تتميز بحراسة مشددة.
ومنذ إحضار السلطان سليم الأول الأمانات المقدسة بدأ هؤلاء الحراس حماية الغرفة الخاصة وتلاوة القرآن الكريم بجانب الخرقة الشريفة (بردة النبي صلى الله عليه وسلم)، وهو أمر مستمر حتى يومنا الحالي.
ومن أبرز القطع الموجودة بردة النبي صلى الله عليه وسلم وشعرة من لحيته الشريفة وآثار أقدامه ومحفظة لسنه الشريفة التي كُسرت في غزوة أحد ورسائل له، بالإضافة إلى سيفه.
كما تضم الغرفة وعاء طعام يعود إلى النبي إبراهيم عليه السلام، وعصا النبي موسى عليه السلام، وسيف النبي داود عليه السلام، وعباءة النبي يوسف عليه السلام، وسيوفا تعود لخلفاء مسلمين، وبردة السيدة فاطمة بنت النبي محمد، ومفاتيح الكعبة المشرفة، ومحفظة الحجر الأسود.
** متحف متميز
متحف قصر "طوب قابي" يتبع حاليا لرئاسة المتاحف الوطنية التركية، ويضم مجموعة من الأسلحة الأثرية تتجاوز 33 ألف قطعة كانت تستخدم في الدفاع والهجوم والمراسم ويعود تاريخها إلى 1300 عام.
ودأب المتحف على ترميم تلك الأسلحة بهدف نقلها إلى الأجيال القادمة، وبينها سيف للخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان وسيف "ذو الفقار".
ويعد جناح الخزانة الداخلية من أكثر أقسام القصر زيارة، بعد جناح الأمانات المقدسة لما يضمه من تشكيلة أسلحة متنوعة تنتمي لحقب تاريخية مختلفة.
وتعود مجموعة الأسلحة إلى ثقافات وحضارات ودول متعددة، كالأموية والعباسية والمماليك وتتار القرم والهند واليابان، إضافة إلى مجموعة بارزة من الأسلحة تعود لعهد الدولة العثمانية.
وتضم المجموعة أسلحة تعود إلى السلطان محمد الفاتح وبعض السلاطين وكبار رجال الدولة العثمانية، إضافة إلى أسلحة كانت موجودة في الخزائن الملكية بالبلاد التي فتحها العثمانيون، وأخرى كانت تُهدى للسلاطين.
ويعتبر سيف الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، الذي يرجع تاريخه للقرن السابع الميلادي، أقدم قطعة في المجموعة التي تضم أيضا سيوفا لخلفاء أمويين وعباسيين من القرنين الثالث عشر والرابع عشر وسلاطين من المماليك من القرن الرابع عشر.
وتشمل المجموعة أكثر من 33 ألف قطعة، بينها أسلحة هجومية كالسيوف والخناجر وأسلحة نارية، ومهمات تستخدم في الدفاع مثل الخوذ والدروع ودروع الخيل، إضافة إلى أدوات كانت تستخدم في المراسم الرسمية كالأعلام والرايات.
** وجهة سياحية
المتحف يحظى حاليا باهتمام سياحي كبير وحقق زيارات كبيرة، وخاصة من العالم العربي والإسلامي، نظرا لما يحتويه من آثار ومقتنيات قيمة وهامة جدا.
وخلال أوقات الزيارة المسموحة يتدفق يوميا الآلاف من الزوار إلى المتحف، وخاصة في العطل وفي الأجواء الجميلة والربيع والصيف، للتجول في القصر والمتحف وأجزائه ومتابعة مشاهد إسطنبول الجميلة.
ويطل القصر على مشاهد جميلة تشمل مدخل البوسفور والخليج الذهبي وشطري المدينة الآسيوي والأوروبي.
وتبدأ الجولات بزيارات لكافة الأجنحة والأقسام وتنتهي بالتقاط الصور التذكارية من الأماكن المتميزة.
وتستغرق الجولة في القصر عدة ساعات، حيث يُخصص قرابة نصف يوم لزيارة المتحف في الجولات السياحية، نظرا لاتساع مساحته وكثرة أقسامه.
ومع رفع إجراءات مكافحة جائحة كورونا وحلول الربيع في إسطنبول، يتدفق يوميا عدد كبير من السياح إلى المتحف للاستمتاع بالأجواء الجميلة المتميزة في رحلة عبر التاريخ.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!