أحمد تاشكاتيران - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
كتب صديقي من مدينة أيدن فقال "يجب أن نفكّر ونستحضر أثناء التصويت ما الذي يمكن أن يحدث لو لم يحصل حزب العدالة والتنمية على الضوء الأخضر لولاية أُخرى؟".
بدون أي اعتبار لكل النعم والراحة التي نعيش بها كشعب تركي على أراضي الجمهورية التركية، بدون التأمل في الوضع العام، ولا استخدامنا لإمكانياتنا، ولا حتى إعارة أي اهتمام لظروف الحياة التي أصبحنا عليها، ونحن نتسامر في المساء ترى قد اعترتنا مشاعر العصبية والتمرد فنبدأ بالهذيان بكل أنواع الكلام، من التردد في الإدلاء بأصواتنا لحزب العدالة والتنمية، أو حتى التقليل من أهمية أصواتنا، وقد يصل بالبعض إلى التكلم عن معاقبة الحزب وعدم الإدلاء بالصوت له.
بهذه الأفكار نتراوح بين التردد وعدم الجدية إلى الامتناع عن التصويت للحزب الحاكم، لكننا نجهل أنه قد فاتنا ما هو مهم وننسى أن نفكر ما الذي يمكن أن يحدث لو لم ينتصر الحزب مرة أخرى ويستمر في ولاية جديدة؟
نحن نتفوه بكل هذا لأننا لا نشعر بالأكسيجين ولا نعلم أهميته إلا إذا قُطع عنا مثل ما حدث في نفق سوما، لا نعلم أهمية أسناننا، ولا لساننا، ولا كبدنا، ولا قلبنا، ولرئتينا، ولا مجاري تنفسنا، فلأننا لا نشعر بها لا نعلم فضلها علينا. لن نعلم فضل البصر حتى نفقد العينين، ولن نعلم فضل الفم وما فيه حتى نفقده، ولن نعلم فضل المجاري التنفسية حتى نفقدها أو تغلق، فأعضاء الجسم تعمل على قدر عالي من التنظيم والدقة فلو سبق أحدهما الأخر لفسدت العملية، ولو تعطل أحدها لفسدت العملية، ولو لم تكن هنالك مركزية في التخطيط لفسدت العملية. فالإنسان إذا أراد ان يشرب الماء شارك كل الجسم بالعملية من لحظة الشعور بالعطش وتخطيط العقل للعملية الى عملية التناول.
أقول كل هذا الكلام لأضعكم في الصورة، فنعم الله لا يدركها الإنسان إلا إذا فقدها أو رأى من يفقدها. وكذلك حال البلاد مع حزب العدالة والتنمية، فلن نفهم ما الذي قدّمه للجمهورية التركية وللشعب التركي حتى نقرأ ما كان قبل قدومه، وما حصل أثناء فترة حكمه، ويجب أن نفهم أن الماء لن يُشرب إلا بمشاركة تنظيمية عالية الدقة في التخطيط والتنظيم، فالحزب من أجل أن ينقل البلاد من الانهيار الذي كانت فيه إلى ما نحن عليه اليوم كان عليه أن يقوم بأعمال مهولة تُذهل لها العقول. ولنفهم ما الذي يمكن ان يحدث لو غادر الحزب هو تماما ما يحدث عند اختلال تنظيم جهاز من أجهزة الجسم مثل التنفس، فلو اختلف تنظيم التنفس لاختنق الإنسان ولتعرض لتهديد الموت وقد يموت!
ولتعلموا ما الذي يمكن أن يحصل لو غادر حزب العدالة والتنمية سدة الحكم، اقرؤوا معي ما كتبته صحفية الغارديان في الأيام السابقة في محاولتها للتحقير من أردوغان فقالت "هو ممثل لشعب غير غربي ومتدين فقير". وفي نفس الوقت تراهم يفرشون السجاد الأحمر لرئيس الانقلاب الأسود على الشرعية في مصر هنالك في ألمانيا، من دون مراعاة لما يتشدّقون به من ديمقراطية مزيفة، ولا حتى معاني الحريات التي يقتلها السيسي كل دقيقة. لا يفهمون الا مصالحهم ويرون ان التدين والإسلام عيب، وقد يصل بهم الحال الى محاربته.
ففي قصة الدين والتدين، أذكّركم بحال تركيا مع الحجاب؟ فقد كانت الحرب على رموز الدين الإسلامي مستمرة على قدم وساق لكن ما إن أتى حزب العدالة والتنمية حتى حارب هذه الحملات وإلى الآن ما زالت مستمرة عملية القضاء عليها. أتذكرون ما كانوا يفعلونه بالمحجبات؟ هل كانت الطالبات في المدرسة والجامعة قادرات على ارتداء الحجاب؟ أم هل كن يستطعن ارتدائه في الشوارع؟ أتذكرون ما فعلوا بالنائبة البرلمانية المحجبة؟ أو حتى كيف كانت حربهم الشعواء على أردوغان لأن زوجته محجبة؟ ألا تتذكرون؟
ومن جانب آخر، هم لا يريدون أن تكون تركيا دولة عُظمى في المنطقة، هم يريدونها كما كانت في السابق، دولة معادية لمعظم دول الجوار. أم دور تركيا الأن في السياسة الخارجة مختلف تماما، فقد أصبحت من أبرز الراسمين لملامح الظروف العامة للمنطقة.
الفروق كثرة والتغيّرات عظيمة. وككلمة أخيرة أقولها لكم "وأنتم تقدّمون اصواتكم بعد ساعات اعلموا انكم تختارون على كل هذا وأكثر، ولتكن اصواتكم من ضمائركم، وجعلوها تليق بكم وبتركيا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس