د. محمد وجيه جمعة - خاص ترك برس
نحن أربعة عشر مليون إنسان سوري بين نازح و مهجّر ، أي نحن أكثر من نصف الشعب السوري الذي بلغ تعداده الإحصائي إبان الثورة ثلاثة وعشرون مليوناً ...
نحن الذين اعتُقلنا ، و تكسرت الهراوات على جنباتنا ، قُتل أولادنا و دُمرت بيوتنا ، قُصفت مشافينا و مدارسنا و أسواقنا...نحن الذين ارتجف أطفالهم رعباً و خوفاً من أصوات المدافع ، نحن الذين بحث عن أبنائه بين الركام ، نحن الذين جمع أشلاء أطفاله في الكيس الأسود وفي الذاكرة السوداء...نحن الذين جمع ما تبقى من متاع بيته وهرب الى المجهول ...نحن الذين صفعت وجوهنا كلمة نازح و ركلتنا كلمة لاجئ ، و أذلتنا الخيام وصندوق الإغاثة ، نحن الذين شَبِعت من لحم أطفاله أسماك البحار ... نحن الذين طمس الطغاة على مواقع الأحلام والطموح والمستقبل في دماغنا .
نحن ال ١٤ مليون نجد العالم وبكل بساطة ينقسم أمامنا إلى فريقين ...
فريق قتلنا ودمرنا وهجّرَنا و معه الذين ساعدوه وساندوه و أمدوه ومعهم المراوغون والمنافقون بكل أصنافهم وأشكالهم ...الروس دخلوا التاريخ السوري من باب الجريمة والدم والدمار ، الإيرانيون وميليشياتهم دخلوا التاريخ السوري من باب التطرف والإرهاب المذهبي ، الأميركان تحالفوا مع الاٍرهاب الأصفر وخذلوا كل تماثيل الحرية في كل بقاع الأرض كما خذلوا تضحيات الشعب من أجل الحرية ...
مجلس الأمن لم يستطع ادخال جرعة دواء للمحاصرين في مضايا ...لم يستطع تنفيذ بند واحد من القرار ٢٢٥٤ .
وفريق آخر احتضننا وفتح لنا أبواب بلاده وكذلك أبواب انسانيته ...قدّم لنا الحماية والرعاية ، والمساندة في كل المجالات وفي كل شيء...هذا الطرف اليوم يتحدى العالم وينصرني ويخوض حرباً كي أعود إلى قريتي وبيتي ...
نحن ال ١٤ مليون نراه كيف يعارك ويصارع الضباع الذين أخرجوني بإجرامهم من بيتي على غير حق ...يقول كلمة الحق ويناصرها ويفضح الأوغاد ويكسر شوكتهم ... ولأكثر من عشرة سنوات وفي كل ليلة أعود في المنام إلى ركام بيتي أطوف حوله ، أجالس شريط الذكريات الجميلة وأستفيق على صوت نعالهم تدنس أرض بيتي وعلى أزيز رصاصهم يغتال مكنونات روحي ...أبحث طويلاً عن نقطة ضوء تبشر بعودتي إلى بيتي لأجدها ممزقة الأحشاء على رؤوس حرابهم .
تركيا اذ تنتصر لنا السوريين المعذبين تستر عورات المجتمع الدولي بعجزه واهتراء أنظمته وقوانينه وانتهاء صلاحيته .
العملية العسكرية المرتقبة في الشمال السوري لإنشاء منطقة آمنة بقيادة القوات المسلحة التركية وبمشاركة الجيش الوطني السوري ستخلص المنطقة من عصابة ال PKK/PYD الإرهابية و مشاريعها التقسيمية ، وسيفتح الأبواب على مصراعيها لعودة الملايين من اللاجئين السوريين من كل أنحاء العالم ، فهذه العملية سيكون لها انعكاساتها الجيدة و ستعيد أمل العودة لأهلنا اللاجئين الموجودين في لبنان والأردن والعراق و أوروبا وعلى رأسهم تركيا.
نحن والشعب التركي توحدنا حقائق تسموا على مفهوم التحالف والشراكة الذي يتداوله الناس ... روابطنا هي قيم تعتمد الإنسان أساساً والإنسانية والحق المتجلي من مكارم الأخلاق نظاماً... هذه العلاقة المتبادلة بين السوريين والأتراك تحكمها القيم فيصعب على الآخرين فهمها وكذلك يصعب عليهم اختراقها ...نعم هي القيم تجعل منا جميعاً " واحداً " في رحلة التاريخ والعرفان وهكذا سنكون النور الذي يسير إلى الخير والعطاء درباً للمستقبل .
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس