برهان الدين دوران - صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
في هذه الاثناء تقوم الدولة التركية بعملية مزدوجة على الإرهابيين من داعش وحزب العمل الكردستاني، وماتزال عمليات القصف لموقع التنظيمين الإرهابيين مستمرة. لكن الذي يخلج في خواطرنا هي الأيام السود من إرهاب حزب العمل الكردستاني وان هذه الأيام بدأت بالعودة، فالحزب الإرهابي يقوم يوميا بعمليات إرهابية هنا وهناك، فتراه يحرق هنا ويقتل هناك، وترى جنائز الشهداء تسير لاعنة هذا الحزب المجرم.
في هذه الاثناء نسمع ونرى ردود المعارضة التركية وهي تنسج الاتهامات لاردوغان وتدعي بانه مفتعل هذه الازمة، وانه من قضى على عملية السلام مع الاكراد من اجل مكاسب سياسية في الجولة المقبلة من الانتخابات المبكرة، ويتساءلون عن سبب ومغزى هذه العملية في إطار الحديث عن تحالفات وائتلافات سياسية بين الأحزاب الاربعة الكبرى. قد تبدو هذه الاتهامات منطقية لكن حقيقة الامر ان حزب العمال الكردستاني هو من بدا الازمة وهو من أعلن انتهاء فترة الهدوء وعملية السلام مع الاكراد.
خلال 30 سنة ماضية كانت المواجهات ملتهبة مع الإرهابيين في الجبال بسم حزب العمل الكردستاني، وستطاع هؤلاء الإرهابيين الصمود في أصعب المراحل والفترات وأكثرها سخونة وشدة عليهم، فرغم قوة الملاحقة وشدة العمليات التي حصلت من اجل التخلص منهم الا ان الإرهابيين استطاعوا الصمود بين تلك الجبال مستفيدين من تناقضات السياسية العالمية. وفي نهاية القرن المنصرف استطاعت تركيا وبمساعدة من اصدقائها ان تقبض على راس التنظيم الإرهابي، ورغم ذلك أيضا لم تتوقف هجماته الإرهابية. ثم حصلت الثورات العربية وحصل ولفترة قصيرة ما عُرف بالربيع العربي لتدفع بذلك عملية السلام نحو نتائج ايجابية أكبر. لكن هذه الاحلام الوردية ما كانت لتتحقق في مثل هذا الوسط السياسي المعقد، فظهرت ما عرف لاحقا بداعش وما ترت عليها من الحملة العالمية لمحاربة هذا التنظيم بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، فاستغل حزب العمل الكردستاني هذه الظروف ليعود الى نشاطه في سوريا وينشئ الشريط الكردي الملاصق للحدود الجنوبية مع سوريا. فقد عمد حزب العمل الكردستاني الى التحرك بطريقين الأول سياسيا عبر حزب الشعوب الديمقراطية ونجح من خلاله دخول البرلمان الكردي ويحاول الان استقطاب الاكراد ال صفه عبر هذا الجناح الديمقراطي، ويحاول أيضا زعزعة الوسط السياسي بطرق مختلفة مثل الاشغال السياسي والدفع الى فترة انتقالية طويلة دون حكومة، اما الطريق الثاني الذي يستخدمه حزب العمل الكردستاني فهو الحراك المسلح ويركز في هذا تمثيل نفسه محاربا ضد داعش ليكسب شيء من الشرعية والغطاء السياسي الذي توفره له دول التحالف الدولي.
لكن ورغم كل هذا ورغم الحرص والتخطيط الكبير الذي يعتمد عليه حزب العمل الكردستاني إلّا أنّ حرصهم وتخطيطهم انقلب عليهم؛ لأنهم غفلوا اساسات في الساحة السياسية، مثل كون الدولة التركية عضو في الناتو وان دخولها في حرب داعش يكون أكثر ترحيبا من حزب العمل الكردستاني؛ وبالتالي فان الغطاء الذي يتمنوه سهل النزع وما يعني ان المساحات التي يتحكمون بها في شمال سوريا ستكون تحت حكم غير شرعي.
في الأيام الأخيرة نُزع اللثام عن حقيقة الحرب التي تقوم بها تركيا، فهي لا تنحصر بحرب داعش وحزب العمال الكردستاني بل تشمل أيضا الذراع السياسي لهذا الحزب المتمثل بحزب الشعوب الديمقراطية الذي برر وهلل للعنف وما زال يرى الخيار المسلح خيرا متاحا في الساحة السياسية، وعليه فان تركيا استأنفت حربها على الخلايا النائمة لداعش، وما تزال مستمرة في عمليتها لتفكيك وتدمير حزب العمل الكردستاني، ويستم القصف الممنهج والمنظم لجبال قنديل المعقل الأساسي لحزب العمال الكردستاني.
وبعد كل هذا اقول متسائلا " هل ما يقوم به حزب العمل الكردستاني وما يجنيه من ثمار سواء سلبية او ايجابية هو نتاج الحرص ام نتاج العبقرية؟"
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس