أوزجان تيكيت – صحيفة خبر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس
هناك اختلافات بين الواقع الحقيقي لعدد اللاجئين، وما يشعر به الشعب التركي حول عددهم داخل الأراضي التركية، والاختلاف هنا كان مثار استغراب القائمين على الأبحاث واستطلاعات الرأي في تركيا، ففي العام 2013 قامت احدى الدراسات بطرح سؤال على المستطلعة آرائهم كان يقول "كم نسبة المهاجرين إلى عدد سكان تركيا؟".
وكانت الإجابة عن هذا السؤال غريبة جدا، حيث كان يؤمن الناس بأنّ نسبة المهاجرين إلى عدد سكان تركيا يصل إلى 21%، لكن النسبة الحقيقية لعدد المهاجرين بالنسبة لعدد سكان تركيا كانت تقارب 2%.
وعندما رأيت هذه الدراسة، اعتقدت أنّ هناك خطأ ما، وعندما اتصلت بالقائم عليها، اكتشفنا سبب هذا الخطأ، وهي أنّ الذين تم استطلاع رأيهم، كانوا يعتقدون أنّ المقصود بكلمة "المهاجرين" أيضا المواطنين الأتراك القادمين من البلقان والقوقاز، ولهذا خرجت النتيجة بهذه النسبة المرتفعة.
ورؤية الناس حول مفهوم المهاجرين بهذه الطريقة، يحمل دلالات هامة حول نظرة تركيا نحو أزمة الهجرات، وما تقوم به تركيا اليوم، يدل على أنها وجدانية وإنسانية نحو أزمات الهجرة أكثر من الاتحاد الأوروبي منذ ما يزيد عن 100 عام.
وفي الوقت الذي تقوم فيه دول الاتحاد الأوروبي بإجراء الحسابات الاقتصادية والمنفعة والمصلحة قبل استقبال اللاجئين، كانت تركيا تستقبلهم بكل صدر رحب، وأبوابها مفتوحة لهم، ولأن رئيس وزراء تركيا قادم من وسط هذا الشعب التركي، استطاع أنْ يقول وسط قمة العشرين أنّ "عشرات الآلاف من الطلبة السوريين يتعلمون الآن في الجامعات التركية، ونحن لا نجهزهم من أجل مستقبل تركيا، وإنما نحضرهم من اجل مستقبل سوريا".
وفي الوقت الذي استقبلت فيه تركيا ما يزيد عن 2 مليون لاجئ، ولم تتذمر ولم تشتكي أبدا، كانت أوروبا قد استقبلت 20 ألف لاجئ سوري، وهي تتضجر وتشتكي وتصرخ.
لا شك أنّ الضيافة لا تجلب الأرباح، ولهذا نرى اللاجئين يريدون الخروج من الضيافة، ليس لأنهم لا يريدونها أو غير ممتنين منها، وإنما يحاولون الهجرة إلى أوروبا لأنهم يحلمون بشيء أفضل، وهذه طبيعة الإنسان، يتمنى ما هو افضل واحسن مهما كانت ظروفه جيدة أو سيئة، ويرون في ألمانيا الدولة الافضل للهجرة إليها.
وألمانيا في المناسبة بحاجة هذه الهجرة من أجل مستقبلها الديمغرافي، لأنّ التقارير تشير إلى انخفاض معدل الولادة، وهذا يعني أنّ عدد سكان ألمانيا البالغ 80 مليون نسمة، سيصبح 60 مليون نسمة خلال 30-40 سنة كما تشير الدراسات.
وستكون 30% من 60 مليون نسمة أعمارهم تفوق 60 عاما، وهذا يعني أنّ العديد من المدن ستصبح بلا سكان، ومن اليوم نسمع عن إغلاق مستشفيات ومدارس بسبب عدم وجود سكان لخدمتهم. ويضاف إلى ذلك العوامل الاقتصادية أيضا، حيث تشير المعطيات الاقتصادية إلى أنّ الدولة تستطيع تحمل تبعات هذه الهجرة، وبرغم معاناة العديد من الدول الأوروبية من الديون، الا أنّ ألمانيا لديها فائض في الميزانية بمقدار 21 مليار يورو خلال النصف الاول من هذا العام.
إذا كان الوضع كذلك، فلماذا تقاوم ألمانيا الهجرة؟ هناك سببان؛ الأول يتمثل بفقدان ألمانيا للمعايير الأخلاقية، والسبب الثاني، هو بناء ألمانيا استراتيجيتها فيما يتعلق بالهجرة بناء على ما يخدم مصالحها فقط، وقد شرح وزير الداخلية الألماني "توماس دي ميزير" بكل وضوح خلال الاسبوع الماضي استراتيجية ألمانيا حول اللاجئين، عندما قال أنّ ألمانيا لا تتبع سياسة قائمة على عدم استقبال اللاجئين وإنما "تريد اختيار من تريد استقباله".
هذه هي السياسة عديمة الأخلاق، وماذا عليه أنْ يقول أكثر من ذلك حتى يثبت أنهم عديمو الأخلاق؟ هل يجب عليه أنْ يقول أنهم "يتحركون وفق رؤيا ديمغرافية، وأنهم يريدون حل المشكلة الديمغرافية عن طريق نسل متعلم وصحي، ولذلك نريد تأسيس مخيم في ازمير، نأخذ فيه فقط المتعلمين والذين يتعمون بالصحة، والبقية نتركهم لكم، ونحن ندرك أنّ هناك فائض في ميزانيتنا، لكننا نريد حل مشكلة البطالة فقط، ونحن لا نلعب دورا بناءً في سوريا وأوكرانيا، لأنّ ما نريده من هاتين الدول هو الشباب الذي بإمكانه تقديم الفائدة لنا، ونحن نسير وفق استراتيجيتنا الديمغرافية لعام 2060"، هل يجب عليه قول ذلك لإثبات انهم عديمو أخلاق؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس