فيردا أوزير - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس
هناك محوران لهذه الأزمة، الأول يتعلق باختراق الطائرة الروسية للأجواء التركية وإسقاط الجيش التركي لها، والمحور الثاني يتمثل بالعمليات التي تقودها روسيا ضد التركمان، وقد كان المحور الأول نتيجة من النتائج المترتبة على المحور الثاني.
روسيا لم تتخذ تركيا هدفا مباشرا لها، والمسألة ليست بين تركيا وروسيا، وسبب دخول تركيا إلى هذه القضية هي استهداف روسيا لمنطقة التركمان المتاخمة للحدود التركية.
بوتين يسعى لتحقيق هدفين
لماذا كثّف الروس من استهداف التركمان خلال الأيام الماضية؟ الأمر لا يتعلق بالتركمان بصورة مباشرة، لأن روسيا تسعى لتحقيق هدفين من خلال هذه الهجمات: الأول حماية مصالحها في سوريا، بمعنى حماية قاعدتيها الجوتين هناك، وإزالة خطر التركمان الذي يتواجدون بالقرب من اللاذقية في منطقة بايربوجاق.
والهدف الثاني موجه نحو خط عزيز-جرابلس، وتسعى روسيا إلى إضعاف التركمان في هذه المنطقة، وتسليمها لتكون بيد حزب الاتحاد الديمقراطي، كي تحول دون أنْ تحقق تركيا أهدافها المعلنة وهي تشكيل منطقة آمنة في تلك المنطقة، فهدف روسيا الأساسي ليس مواجهة داعش كما تدعي، والأرقام تثبت أنّ 5% فقط من الغارات الروسية كانت موجهة لأهداف تابعة لداعش.
الهدف الاستراتيجي لروسيا
تسعى روسيا من خلال دخولها في الحرب داخل سوريا، إلى تحقيق أهداف استراتيجية تتعدى الحديث عن القضاء على داعش، تتمثل هذه الأهداف بزيادة نفوذها وإعادة تشكيل سوريا بالشكل الذي يخدم مصالحها بالدرجة الأولى، وتريد أنْ تدخل الشرق الأوسط كإحدى القوى النافذة فيه في القرن الواحد والعشرين، لتخرج منه كقوة مسيطرة على شرق المتوسط، وهي تسعى بذلك إلى فرض نفوذها على حقول الغاز الهائلة التي تم اكتشافها مؤخرا في قبرص وإسرائيل وغزة ومصر.
هل هناك أزمة روسية تركية؟
لا بد لنا أنْ نتذكر أنّ الحادثة التي حصلت يوم الثلاثاء كانت حادثة اختراق للأجواء التركية من قبل الطيران الروسي للمرة الثانية، فالاختراق الأول للأجواء كان في بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول، واحتجت تركيا على ذلك بشدة، وعقدت اجتماعات مكثفة بين الجانبين حول هذه الحادثة، لكن ذلك على ما يبدو لم يكن كافيا لردع روسيا.
لكن لا اعتقد أنّ ما حدث صباح الثلاثاء، سيكون سببا في اندلاع أزمة سياسية واقتصادية بين روسيا وتركيا، وذلك لعدة أسباب، وأولها أنّ تركيا لا تريد مواجهة روسيا دون توفر دعم أمريكي كافٍ، وتصرف أمريكا خلال الفترة الماضية أثبت أنها لا تريد هي الأخرى أي مواجهة مع روسيا، وكل الأطراف تدرك أنّ نشوب أزمة مثل هذه ستصب في مصلحة طرف واحد فقط، وهو داعش.
لا يمكن حل المسألة السورية من خلال الحل العسكري، وعند التحرك تجاه هذا الملف بمنطق الحروب، سنعيش مثل هذه الأزمات والمخاطر مجددا، فيوم الخميس معروف من يوم الأربعاء، وإذا استمر التعامل مع هذا الملف من منطق الحروب، سنرى أيام خميس كُثر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس