كورتولوش تاييز - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
البارحة قام حزب الشعوب الديمقراطي بتنظيم مؤتمر صحفي مهم في ديار بكر للحديث عن المستجدات، كنت آمل أن يتحدثوا ولو بصوت خفيض وكلمات منمقة عن التراجيديا والأسى الذي تسببت فيه "الإدارة المركزية" في حزب العمال الكردستاني، لكنهم ومن جديد كانوا سببا لخيبة أملي. فقد تحدثوا عن ألم الأكراد ومعاناتهم ليساندوا في حديثهم ويقفوا في الخنادق خلف إرهابيي تنظيم العمال الكردستاني. صلاح الدين دميرطاش أوضح موقف الحزب بقوله نحن في جيب الشعب أو "رهن الشعب". هل يتحدث عن الشعب الذي تهاجم قطعانهم المسلحة بيوته ليحولوها ثكنات لهم؟ أم عن الشعب الكردي الذي رأى على أيديهم الويل ليفرّ من بيوته ومدنه ويعيش ظروفا اصعب من تلك التي يحياها اللاجئين السوريين.
هذا الشعب لا يملك حياة طبيعية الآن، فقد أصبح محتاج لمساعدة الآخرين ليبقى على قيد الحياة. هل حبكم لشعبكم يتلخص في تجريدكم للأكراد من حياتهم الطبيعية، من بيوتهم ومدنهم؟! لقد تحدثتم عن "ثورة روجوفا" واعتنيتم بجمال كوباني، حسنا إذا فلماذا لم يعد أهالي هذه المناطق إلى بيوتهم إلى الآن ولماذا يرجحون المكوث في تركيا، أو لماذا لم يذهبوا إلى كردستان البرزاني، ولماذا لم يعودوا إلى روجافا حتى اليوم. هل يمكن لأنهم لا يرغبون بالعيش تحت ظل سلاح أكثر وحشية من سلاح داعش؟
الأكراد في مناطق الجنوب الشرقي يفرون إلى المناطق التي استطاعت أن تفرض فيها الدولة الأمن والأمان ويتركون وبسرعة المناطق التي تدخل تحت تأثير قوات حزب العمال الكردستاني. أهم يخافون من الدولة إذًا أم من حزب العمال الكردستاني ومن حزب الشعوب الديمقراطي؟
لا بد أن دميرطاش قد خلط في القول بين "رهن الشعب" و"رهن حزب العمال الكردستاني". أو بكلمات أصح هو ما زال يحاول أن يحتال على الشعب الكردي. فحزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي قد صادر حق الأكراد في العيش الكريم وفي الحرية وصادر كذلك المستقبل الواعد ودمر كل مقومات الحياة؛ لا شك أن هناك فئة من الشعب الكردي لم تنطلي عليها الحيلة وهو الذي ما زال دميرطاش يحاول أن ينال منه تحت شعار "المقاومة الشعبية الشريفة" السفساطي. لا أعلم عن أي "شرف يتحدث"، أهو يتحدث عن فتح النيران على منطقة الجنوب الغربي؟ أم عن التضحية في الشعب الكردي في سبيل رضاء الأسد وإيران؟
المشكلة الحقيقية لا تكمن في ضيق الرؤية الأيديولوجية السياسية لدى حزب العمال الكردستاني ولا صغر عقله ولا حتى بانعزاله عن الحياة ولا تكمن كذلك في عدم تقدم حزب الشعوب الديمقراطي نتيجة لتبنية التوجهات اليسارية العقيمة، المشكلة الحقيقية تنبع عن رؤية حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني أنفسهم كـ"ممثلين عن الشعب الكردي" ومتحدثين باسمه.
في حين أن الحقيقة الواضحة كوضوح الشمس أنه لا حزب العمال الكردستاني ولا حزب الشعوب الديمقراطي متهم أو له علاقة بالأكراد أو بالقومية الكردية. فالأكراد بالنسبة لحزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي هم مجرد مصدر رخيص للعساكر ووسيلة قابلة للاستغلال. حيث أن خلف كل من حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي تقف قوى عظمة تستخدم الأكراد كـ"مرتزقة رخيصة" في حربها ضد تركيا، وهذه هي الحقيقة المرة!
بيد أن هذه الحقيقة يدركها كل يوم فئة جديدة من الشعب ليزداد مع ذلك نسبة الجمهور الذي يرى الحق. فالأكراد بدل حمل السلاح الذي وزعه حزب العمال الكردستاني رجحوا ترك بيوتهم والرحيل عن مدنهم وقراهم لأنهم يعون أن حزب الشعوب الديمقراطي ودميرطاش هم رهن حزب العمال الكردستاني وفي جيبه وليسوا رهن إشارة الأكراد أو الشعب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس