ماركو بربوناليا - صحيفة الفاتو كوتيديانو - خاص ترك برس
يريد أردوغان، حسب تصريحاته، تخصيص نائبين لاعتماد المراسيم على مواد مختلفة دون الحاجة إلى الرجوع إلى البرلمان، ولتعيين القادة العسكريين والاستخبارات، ورؤساء الجامعات، والسلطات القضائية مباشرة حيث ذلك سيكون عبر رئيس مجلس الوزراء وبمساعدة النائبين الذين سيتقاسمون الأوامر بعد إقرار القانون الجديد. وهكذا سيضمن أردوغان بقاءه في الحكم حتى سنة 2029.
في السابع من يونيو/ حزيران سنة 2015، تمكن حزب أردوغان، من الحصول على أكثر من 40 بالمائة من الأصوات، على عكس ما روجته العديد من استطلاعات الرأي التي تسعى إلى التقليص من شعبية هذا القائد الناجح. ومع ذلك، فإن حزب العدالة تمكن من القيام بإصلاحات دستورية والمضي قدما متحديا كل الذين يعارضونه. وقد استطاع أردوغان في أقل من خمسة أشهر كسب بعض الأصوات المعارضة وثقة الشعب، وتمكن من التقدم نحو تأسيس تركيا الجديدة.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر جرت انتخابات جديدة، وهذه المرة، فاز فيها حزب العدالة والتنمية بمجموع أكثر من 50 بالمائة من الأصوات. وفي أعقاب مثل هذا النجاح، كان الطريق لحزب العدالة والتنمية طويلًا مليئًا بالعراقيل والصعوبات.
أما بعد محاولة الانقلاب، فقد ارتفعت شعبية أردوغان بشكل لا مثيل له. كما أصبح جزء كبير من المعارضة، وحزب الحركة القومية، على استعداد كامل للتصويت لصالح الإصلاح. لكن حزب الأغلبية لديه 316 مقعدا، في حين أن تغيير الدستور، بحاجة إلى ما لا يقل عن 330 صوتا من أصل 550 مقعدا. وفي حال عدم توفر المقاعد الكافية لحزب الأغلبية، فستمرّ الحكومة إلى إجراء استفتاء حول الإصلاح المخطط له.
ولا يمكن تحقيق هذا الرقم إلا بمساعدة 40 برلمانيا قوميا وبإحراز حوالي 367 صوتا، حيث أن هذه الإصلاحات من شأنها أن تصبح في غنى عن الاستفتاء. كما سيتمكن "القائد القوي"، عن طريق حزب العدالة والتنمية، من القيام بإصلاحات على الرغم من أنه لم يكن مجبرا على لذلك.
ولكن ما هي التغييرات التي من شأنها أن تؤدي إلى القيام بدستور جديد؟ أولا، في حال إرساء نظام رئاسي، بطبيعة الحال، سيكون لأردوغان صلاحيات أكبر وستزداد قوته وسيتغير نظام البلاد.
وتجدر الإشارة إلى مشروع القانون الأخير الذي اعتبره البعض يُبيح الاعتداء على الأطفال، حيث أنه بفضل أردوغان، لم يتم فقط سحب هذا القانون، بل إلغاؤه كليا وهو ما وضع حدا لهذا الجدل.
أما عن الشائعات التي تقول إن أردوغان سيرشح نفسه مرة أخرى في سنة 2019، فلا أساس لها من الصحة. في المقابل، يرتكز الإصلاح الذي يسعى للقيام به، أساسا على "إعادة تعيين العداد إلى الصفر"، وبالتالي من المفترض أن يتم تنظيم البلاد من جديد فور إقرار الدستور، وعقب الاستفتاء.
وحول مشروع الإصلاح، وهو ما لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن، فإن حزب الحركة القومية يبدو على استعداد للتوصل إلى تسوية والتصويت جنبا إلى جنب مع حزب العدالة والتنمية.
ووفقا لبعض التصريحات التي نشرت في الأيام الأخيرة عن اثنين من كبار المسؤولين، فإنه "في ظل الدستور الجديد، سيكون للرئيس نائبان، وسيصدر المراسيم على مواد مختلفة دون الحاجة إلى استشارة البرلمان".
كما أنه "سيتم تعيين قادة الجيش والاستخبارات، ورؤساء الجامعات والسلطات القضائية والكثير من القوى، واستبدال العديد منهم، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي هزت تركيا منط فترة قصيرة".
وعلى الرغم من رفض مشروع الإصلاحات من قبل فئة قليلة من المعارضة، ومن قبل حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد، إلا أن الاشتراكيين الديمقراطيين من حزب الشعب الجمهوري لا يمكنهم أبدا أن يعيقوا المشاريع التي يود أن يقوم بها "بطل" تركيا، رجب طيب أردوغان، خاصة إذا قدّم له حزب الحركة القومية الدعم.
وتجدر الإشارة إلى أن أردوغان قام بعملية تطهير لتركيا بعد الانقلاب، وذلك من خلال تعليق عمل أكثر من 110 آلاف موظف عمومي واعتقال أكثر من 35 ألف شخص ينتمي إلى شبكة فتح الله غولن المتهم الرئيسي بتنفيذ عملية الانقلاب الفاشلة. والجدير بالذكر أن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تهدف إلى مزيد تطوير بلاده وتحقيق الاستقرار والقضاء على كل من يضر بمصلحتها.
وكان أردوغان قد صرح سابقاً بأن "القوى الغربية تدعم الإرهاب بما في ذلك تنظيم الدولة، وتنظيم القاعدة وتموّل جماعة فتح الله غولن بالأسلحة". كما يتهم الغرب بعدم اتخاذهم الإجراءات اللازمة، على غرار مواجهة رجال حزب العمال الكردستاني، لذلك سيقوم هو بمكافحة هذه الحركات المتطرفة سواء في تركيا أو خارجها.
كما أن الاتحاد الأوروبي لا يرى عملية الإصلاح الرئاسي من منظور ايجابي، وذلك خوفا من القوة التي ستتركز في يد أردوغان خاصة فيما يتعلق بفرضه لعقوبة الإعدام. لكن أكد أردوغان من جهته أنه بالنسبة لعقوبة الإعدام، فإن الشعب سيقرر ذلك في الاستفتاء. ووفقا لأحدث استطلاعات الرأي، فإن 71 بالمائة من الأتراك يؤيدون هذا الإجراء.
وبالنسبة للرئيس التركي، فإن أزمة الاتحاد الأوروبي وأنقرة، لن تقلل من شأن تركيا بعد التصويت في البرلمان الأوروبي، الذي وافق على قرار غير ملزم به يوم الخميس 24 تشرين الأول/ نوفمبر، لتجميد مفاوضات انضمام تركيا، فالتصويت ليس لديه سوى قيمة استشارية لن تزيد ولن تُنقص من قيمة تركيا.
وبحسب إرادة الكثير من الأتراك، ووفقا الدراسات الاستقصائية الأخيرة فإن 64 بالمائة من السكان، قد صوتوا لفائدة عدم استمرار المفاوضات مع بروكسل. ووفقاً لاستفتاء آخر أجري مؤخرا، فإن 82 بالمائة من الأتراك، قد أعربوا عن أن الاتحاد لم يكن صادقا مع أنقرة، وأنه لم يكن يرغب أبدا في انضمام تركيا للإتحاد الأوروبي، نظرا لأنه بلد مسلم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس