ترك برس
رأى الباحث في الشؤون التركية الروسية الدكتور "باسل الحاج جاسم"، أنه ليس من مصلحة واشنطن أن تفتح جبهة مع تركيا التي تعتبر حليفة لها في الـ"ناتو"، في ظل هذا الاحتقان الإقليمي والدولي ضد الولايات المتحدة بعد قضية القدس.
وأكّد الحاج جاسم، خلال حوار مع صحيفة القدس العربي، أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تنسى تجربتها في العراق.
واعتبر أن أمريكا عولت طويلاً على عامل الوقت في سوريا لخلق واقع جديد، فواشنطن لا تعنيها المعارضة السورية ولا النظام، كما لا يهمها "جنيف ولا أستانة"، وأن "ما تريده واشنطن ألا يعرقل أحد مشروعها الذي لا علاقة لسوريا والسوريين به".
وقال الباحث: "لو كانت جنيف تعنيها لرأينا أفعالاً وليس فقط اقوالاً، فلم يعد يخفى على أحد أن المسؤولين الأمريكيين مع كل جولة من محادثات جنيف يبدأون بإطلاق الفقاعات الإعلامية بأنهم يدعمون هذا المسار بينما على أرض الواقع وفي الساحة السورية يقومون بأمور لا علاقة لها بهذا المسار.
وكذلك في محادثات استانة التي جمعت الأطراف صاحبة الكلمة الحقيقية على الأرض السورية روسيا تركيا إيران والطرفين السوريين (النظام والفصائل العسكرية المعارضة) إلا أن واشنطن اختارت صفة المراقب "المتفرج" في هذا المسار، واليوم حان وقت الجني والاستثمار".
ورفضت تركيا خططاً أمريكية لانشاء قوة أمنية حدودية شمال سوريا تهدد أمنها القومي، تتشكل من 30 الف مقاتل قوامها الأساسي من الميليشيات الكردية او ما يسمى بـ "قوات سوريا الديمقراطية".
فاجأت واشنطن دولة تعتبر حليفة لها في الناتو، بقرارات جديدة، فيما سارعت أنقرة للرد بنبرة حادة على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصف هذه القوات بالجيش الإرهابي.
ولم يكتفِ أردوغان بذلك بل تعهد بمهاجمته ووأده في مهده، حيث ارسل تعزيزات عسكرية ضخمة إلى الحدود الجنوبية بانتظار ساعة الصفر للبدء بهجوم وشيك.
واشنطن التي اختارت هذا التوقيت اي بعد انتهاء الحرب على تنظيم الدولة، كونها ترى أنه حان وقت الحصاد وتريد أن تبلور نتائج دعمها وشرعنة المجموعات التي دعمتها على الأراضي السورية، بتشكيل قوة تحت مسمى جديد لإخفاء ماضي القوة السابقة، إلا أنه غاب عنها أن ذلك سيزيد من تقارب الأطراف الباقية المتشابكة في سوريا، وفق القدس العربي.
من جهته، يرى المحلل السياسي محمد العطار، إن أمريكا قد لا تكون جادة في خلق أجواء حرب حقيقية مع تركيا، وأن سياسة ترامب ومن قبله أوباما همشت تركيا بداية، ثم دعمت الانقلاب الذي حصل فيها بتاريخ 15 تموز 2015 ولكن تردد أمريكا في دعم الأكراد والعودة إلى دعمهم بأضعاف مضاعفة يدل على ان السياسة الأمريكية تجاه تركيا تعيش مرحلة عدم استقرار.
أمريكا ترى أن من مصلحتها اجتزاء قسم من الأراضي السورية لها، ووضعه تحت سلطة الأكراد لما فيه من مصالح هامة لواشنطن، وبين الضغوط الأوروبية عليها لعدم فرض انفراط عقد حلف الناتو من خلال جعل تركيا تتصرف منفردة ضد مصالح الناتو أو بمواجهة حقيقية مع أمريكا.
ومن المستبعد أن تتأخر تركيا أو تتردد بضرب أذرع واشنطن والتي هي اليوم الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً في تركيا والناتو، وسيكون ذلك برأي خبراء بدعم وغطاء الأطراف المعنية في سوريا وان كان بشكل غير علني.
ونقلت "القدس العربي" عن مصدر تركي مسؤول، أن تركيا جادة في تهديداتها ولن تتوانى عن ضرب الاهداف التي تهدد امنها وخاصة ان تلك القوات متواجدة في منطقة جغرافية بالغة الأهمية الاستراتيجة.
وأضاف المصدر، أن الصدام الأمريكي – التركي هو امر مستبعد الا ان التوتر سيزداد، "فالدولتان من بين اعضاء الناتو وأصحاب تأثير في الحلف واي خلل جدي بينهما قد يؤدي للإطاحة بكامل الحلف".
وفي الاتجاه ذاته فإن الاستنزاف الذي يمكن ان تبدأ فيه واشنطن هو تسليح الأكراد بمضادات الطيران، والذي يضر بأمن تركيا القومي ويستهلكها عسكرياً، ويدخلها بمعارك طويلة.
بيد ان قرار انقرة الجريء في دخول حرب شرسة جاء كونها تعي تماماً مخاطر ايجاد دولة كردية في جنوبها، مما يعني تقويض استقرارها وتحريك كامل الولايات التركية التي تضم غالبية كردية ما يؤدي إلى زعزعة امن المنطقة، كما انها مستفيدة من النفور السياسي بين روسيا وواشنطن والتقارب النسبي بينها وبين روسيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!