ترك برس
أشار تقرير تحليلي في موقع "الجزيرة نت"، إلى أن تركيا تسعى للاستفادة من المزايا التي يمكن تحصيلها من علاقاتها مع الروس ومع الغربيين، بغض النظر عن المكان الذي تقف فيه بينهما.
ووفقًا للتقرير، فإن تركيا تدير توازنا شديد التعقيد من العلاقات بين حلفائها التاريخيين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) من جهة، والجار الروسي العملاق من جهة أخرى.
وازدادت حساسية الحسابات التركية لهذه العلاقات مع ارتفاع التوتر بين موسكو والغرب على خلفية عملية تسميم الجاسوس الروسي المزدوج سابقا في بريطانيا قبل أسابيع، حيث خلقت أزمة دبلوماسية عاصفة بين موسكو ولندن.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء الماضي -بحضور الرئيس الروسي فلادمير بوتين- عن تسريع اتفاقية تسليم منظومة الدفاع الجوي الروسية "أس 400"، التي تعتبر الأكثر تطورا في العالم إلى تركيا.
وأشار أردوغان في مؤتمر صحفي، إلى ارتفاع حجم التبادل التجاري مع روسيا بنسبة 32%، متخطيا بذلك 22 مليار دولار، موضحا في الوقت نفسه أن البلدين يهدفان إلى رفعها لمئة مليار دولار.
وتحسنت العلاقات التركية الروسية مطلع عام 2016، بعد اعتذار أردوغان لموسكو عن إسقاط دفاعات تركيا الجوية مقاتلة حربية روسية من نوع سوخوي أثناء تحليقها قرب الحدود مع سوريا في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
وتوالت إشارات التقارب بين الدولتين في ما بعد في كثير من الملفات؛ الاقتصادية والأمنية ومجالات "مكافحة الإرهاب"، رغم اختلافهما في مساحات أخرى وفي مقدمتها الأزمة السورية.
بعض المحللين السياسيين والباحثين يلخصون المحددات التي تضبط اقتراب أنقرة من أي من القطبين، أو ابتعادها عنهما؛ بقدرتها على توظيف تلك العلاقات في مجالي الدفاع عن الأمن القومي وتحقيق المصلحة الاقتصادية.
ويعتقد الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج أن التقارب التركي الروسي لا يعني أن تركيا قد انتقلت إلى "منطقة وسطى" بين روسيا وحلف الناتو، لأنها ما زالت عضوا بحلف شمال الأطلسي، إضافة إلى كونها عضوا بالحلف الغربي أيضا.
ويرجع الحاج التحولات في الموقف التركي واقتراب أنقرة من الروس مؤخرا لخيبة أملها في حلفائها الغربيين في ملف حساس؛ هو أمنها القومي. وتضع السياسة الخارجية التركية في مركز حساباتها مواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ومشروعه الانفصالي في سوريا، لأن له انعكاسات كبرى على القضية الكردية داخل تركيا.
ويقول الحاج إن حلفاء تركيا الغربيين -بما فيهم الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو- لم يأخذوا التخوفات التركية من هذا المشروع بعين الاعتبار؛ مما دفع تركيا للاقتراب من الروس أيضا.
وينسجم التحرك التركي لتعزيز العلاقات مع روسيا مع تحركات أنقرة لبناء شبكة علاقات دولية وإقليمية متوازنة، بما يحقق رؤيتها لمفهوم "القوة الناعمة"، وعدم حصر تلك العلاقات في المحور الغربي كما كانت تفعل في سنوات الحرب الباردة.
ويشكك الحاج في إمكانية استمرار تطور العلاقات التركية الروسية والوصول إلى تحالف إستراتيجي بينهما، وذلك للخلافات الكبيرة بين الطرفين في المسألة السورية، حيث تدعم تركيا المعارضة السورية، في حين تدعم موسكو نظام بشار الأسد.
وركز الإعلامي التركي كمال تشيفتشي على أهمية إبرام صفقة الصواريخ بين تركيا وروسيا، وقال إن الاستثمار الروسي في تحديث نظام الدفاع الجوي التركي بقيمة 2.5 مليار دولار قد تم رغم تحذيرات الناتو لأردوغان من إتمامها.
وأضاف تشيفتشي أن الرئيس التركي ذكر عدة مرات أنه غير سعيد ببعض شركائه الغربيين. ووصف الإعلامي الصفقة العسكرية مع روسيا بأنها انتقام من حلف الناتو، بعد سحب أميركا وألمانيا نظام صواريخ الباتريوت الدفاعية من جنوب تركيا أواخر عام 2015.
وأشار تشيفتشي إلى مجموعة عوامل أدت إلى توسع الهوة بين تركيا والناتو الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، وفي مقدمتها إيواء الأخيرة المتهم الأول بالمحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو/تموز 2016 فتح الله غولن، ودعم حزب الاتحاد الديمقراطي السوري، الذي تعتبره أنقرة ذراعا لحزب العمال الكردستاني.
وتوقع الإعلامي التركي أن تؤدي صفقة الصواريخ الروسية الأخيرة لتوسع الهوة بين تركيا وحلفائها الغربيين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!