حمزة تكين - بوابة الشرق الإلكترونية
طرحت الأزمة المتصاعدة بين واشنطن وأنقرة بعد فرض الإدارة الأمريكية عقوبات على وزيرين تركيين، تساؤلات حول تداعيات هذه الأزمة على منطقة الشرق الأوسط، وعلى مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
وفي هذا الصدد، أكد حمزة تكين المحلل السياسي التركي، أن هذه الأزمة تعد الأشد في تاريخ العلاقات الثنائية، خاصة مع فرض الولايات المتحدة عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، بل ومهددة بمزيد من العقوبات. وأوضح أن هذه الخطوات التصعيدية هي من أجل راهب أمريكي اعتقل في تركيا بعد أن ثبتت أنشطته التجسسية وعلاقته بمنظمات إرهابية مثل PKK و"غولن"، مشيرا الى أن العلاقات التركية الأمريكية شهدت خلال الفترة القصيرة الماضية أزمات كثيرة.
وكشف المحلل السياسي التركي في تصريحات خاصة لـ "الشرق" عن أن الأزمة مع واشنطن أعمق بكثير من قضية الراهب القس أندرو برانسون، مشيراً إلى أن واشنطن وحلفاءها لا يريدون أن يعايشوا النهضة التركية الحقيقية بعد 100 عام من الخنوع والذل والهوان، ولا يريدون أن يكون القرار التركي مستقلا داخلياً وإقليمياً ودولياً، ولا يريدون أن تكون تركيا ضمن مصاف الدول العشر الأولى في العالم، ولا يقبلون حزباً اسمه حزب العدالة والتنمية، ولا يفضلون وجود زعيم اسمه أردوغان، والأهم من كل ذلك أنهم يكرهون إسلاما حقيقيا يعلو ويسمو، بل ويخططون لتشويه حقيقة هذا الدين الحنيف.
وأوضح أن الإدارة الأمريكية تحاول اليوم التعامل مع تركيا على أنها دولة تابعة وخاضعة لها، وتأتمر بأوامرها، وتأخذ بتوجيهاتها، ككثير من الدول حول العالم، لافتاً إلى أن هذه السياسة الأمريكية قد تكون نافعة مع دول أخرى، مشيراً إلى أن هذا الأسلوب في التعامل مع الدول لا يمكن ولا بأي حال من الأحوال أن ينفع مع تركيا الجديدة التي تخلصت من قيود الغرب في انتخابات 24 حزيران - يونيو الماضي.
وأكد أن واشنطن تعتقد أن أنقرة ما زالت محكومة بعقلية عبّاد المناصب وعشاق المال والمتزلفين للأشخاص، داعياً الولايات المتحدة لإعادة حساباتها جيدا حفاظا على مصالحها مع تركيا، محذراً من أن واشنطن ستكون الخاسر الأكبر لا أنقرة.
وأردف: إن تركيا الجديدة لم تعد هي تركيا القديمة التي كانوا يتعاملون معها خلال العقود الماضية، فتركيا لم تعد مقيدة بقيودهم التي فرضوها عليها قبل 100 عام، ولم تعد بحاجة الى استجداء الآخرين كي تبقى على قيد الحياة.. كما أن أنقرة لم تعد داعمة لـ"إسرائيل"، ولم تعد كبقية الدول التابعة لأمريكا.
وبين أن الوزيرين اللذين فرضت واشنطن عليهما عقوبات، لا يمتلكان أي أموال لا منقولة ولا غير منقولة، لا في أمريكا ولا في أي مكان خارج حدود الجمهورية التركية، لأنهما ليسا من أصحاب المليارات وعبّاد الأشخاص والدول، معتبراً هذه الخطوة تؤكد التردد الكبير والحذر الأكبر من جانب الإدارة الأمريكية في التعامل مع تركيا.
وتابع: إن ما يحصل اليوم من هجوم متعدد الاتجاهات ضد تركيا، ليس بالأمر السلبي، بل هجوم سيقوي الجبهة الداخلية وبالتالي سيقوي حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان داخليا، وسيعزز صوابية النهج التركي في الخارج وسيزيد الدعم الخارجي لتركيا والرئيس أردوغان، موضحاً أن الدعم الخارجي نسبته الساحقة ستكون من طرف الشعوب لا الحكومات.
ودعا الإدارة الأمريكية وحلفاءها وخاصة من الذين تظهر عليهم ملامح الإسلام، أن يدركوا حقيقة أنهم اليوم أمام تركيا جديدة، لا يمكنها بأي شكل من الأشكال أن تتراجع ولو خطوة واحدة عن مشروعها الإستراتيجي داخلياً وإقليمياً ودولياً، لأن أي تراجع هو بمثابة انتحار كلي وقتل للحاضر والمستقبل، مشدداً على أن القيادة التركية الحديثة بقيادة الرئيس أردوغان لم تتراجع سابقا في ملفات أخطر من هذه الملفات بكثير.
تركيا الجديدة
ورأى أن التصدي للعدوان الأمريكي الجديد، واجب يفرضه الشعب التركي بمواليه ومعارضيه على قيادته السياسية التي أعلنت أنها ستلبي هذا الواجب، ولن تسمح لأي قوة في الإقليم أو العالم بلف حبل المشنقة على رقبة تركيا الجديدة تحت أي ذريعة.
وأكد أنه لا يوجد أحد الآن يمكن أن يوقف تركيا عن خططها التي تجعلها قوة مُهابة في الإقليم والعالم، مشدد على أن تركيا أمام خيارين: إما أن تتابع وتنتصر وإما أن تتراجع وتنتحر.
وأشار الى أن تركيا تمتلك أوراق الضغط التي تمكنها من مواجهة العنجهية والعقوبات الأمريكية المدعومة من الحاقدين المتآمرين، وهي أوراق كثيرة، سياسية وعسكرية وفي الصناعة والاقتصاد، والكل سيرى هذه الأوراق حين يأتي الوقت المناسب.
ووجه خطابه للغرب قائلا: عليكم أن تفهموا أن الدعوة التركية بقيادة الرئيس أردوغان، ليست دعوة نابعة من فراغ، بل هي جزء من الدعوة الأعظم التي يزيد عمرها على 1400 عام، وبالتالي هي دعوة حق لا دعوة باطل، دعوة تطور لا دعوة تخلف، دعوة إنسانية حقيقية لا دعوة بيانات وكذب، ودعوة توزيع الثروات لا كنز المليارات، ولن تهزم هذه الدعوة بعد هذا النهوض الذي انتظرناه 100 عام.
منهج تركيا
ونوه بأن حقيقة منهج تركيا الصائب أصبح واضحاً وضوح الشمس عند الشعوب الحرة الصادقة، وإنه لأمر كاف مهما اشتد سواد نظارات العميان من اللاهثين على السلطة والمال وموالاة أمريكا بأي ثمن، مضيفًا: إنه يجب على حلفاء أمريكا، أن يدركوا حقيقة تركيا الجديدة والتي لا تشكل تهديدا لأحد، بل هي الداعم الأقوى لهم حال سيرهم في الطريق الصحيح، وعليهم أن يعلموا أن أي مؤامرات ضد تركيا لن تنتهي بما يفرحهم، فليرحموا أنفسهم وليرحموا شعوبهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس