ترك برس
نشر موقع "ناشونال إنترست" مقالا للمحلل السياسي، جابريل وايت، رأى فيه أن الصدام المحتمل بين أنقرة وموسكو حول شن عملية عسكرية واسعة النظاق في محافظة إدلب، يمثل فرصة للولايات المتحدة لإصلاح العلاقات المتدهورة مع تركيا؛ بهدف مواجهة روسيا والنظام السوري.
وقال الكاتب في مقاله: "إن النزاع الذي يلوح في الأفق ستكون له آثار مهمة على روسيا وتركيا ومستقبل الحرب السورية. فبالنسبة إلى تركيا، فإن أمن إدلب غير قابل للتفاوض. وقد انتشر الجيش التركي في المدينة في العام الماضي، وما زال يشكل نقطة قوة سياسية حاسمة للرئيس أردوغان... دون ضمانات أمنية في إدلب، ستقوم تركيا إما بتصعيد مشاركتها العسكرية أو الكف عن المشاركة في تشكيل مستقبل الحكم السوري. وهذا يجعل روسيا أمام خيار صعب: إما احترام المصالح التركية في سوريا أو استبعاد أنقرة كشريك في محادثات أستانا".
شراكة مستبعدة بين روسيا وتركيا
ويلفت الكاتب إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، نجح في الاستفادة من المخاوف الأمنية التركية في تحقيق انتصارات لصالح النظام في سوريا، حيث تلقت تركيا الدعم ضد الميليشيات الكردية في شمال غرب سوريا، مما أدى إلى تحويل انتباهها بشكل كبير عن دعم المعارضة السورية ضد الأسد. ونتيجة لذلك، اعترفت كل دولة بحدودها وحقق الجانبان تقدما في كثير من مجالات التعاون، وأهمها عملية السلام السورية في أستانا.
ولكن منذ إعلان مناطق وقف التصعيد في أيار/ مايو 2017، في أربع مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة، استولى النظام بالكامل على ثلاث مناطق منها كان آخرها في مدينة درعا جنوبي سوريا في شهر نيسان/ أبريل الماضي.
وأضاف الكاتب أن إدلب التي أصبحت المعقل الرئيس الأخير للمعارضة السورية المسلحة تختلف عن المناطق الأخرى التي السيطرت عليها قوات النظام في الآونة الأخيرة، حيث تتشابك في المدينة المصالح المتعارضة لجميع القوى الكبرى المعنية، الأمر الذي يزيد من المخاطر بشكل كبير.
وأوضح أن الجيش التركي بدأ منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2017 في إنشاء نقاط مراقبة على طول خط التماس بين قوات النظام والمعارضة كوسيلة لفرض اتفاق وقف التصعيد. وهذا يؤكد على أن أولوية أنقرة الحفاظ على درجة من الاستقرار في المحافظة. في حين أن أي عملية واسعة للنظام على المحافظة ستؤدي إلى "بداية تمرد طويل على طول الحدود الجنوبية لتركيا وهو ما لا تريده أنقرة."
ومما يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة إلى تركيا أن إدلب أصبحت من أعلى المناطق في العالم كثافة باللاجئين والنازحين، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليوني نازح سوري لجؤوا إلى المحافظة خلال السنوات الأخيرة.
ويتساءل الكاتب: كيف تؤثر هذه العوامل إذن في مستقبل العلاقات التركية والروسية؟ ويجيب بأن هناك مؤشرات متزايدة على أن قوات النظام قد تشن عملية عسكرية واسعة على إدلب في الأسابيع المقبلة. وقد يتجرأ الأسد، بفضل الانتصارات الأخيرة في الغوطة والجبهة الجنوبية، على المخاطرة باستفزاز تركيا خاصة إذا ما حصل على الرضا الروسي.
وأضاف أن تركيا أبدت استعدادها لاستخدام القوة العسكرية في سوريا لتأمين مصالحها. وقد ركزت عمليتا درع الفرات وغصن الزيتون على الرد على التطورات المرتبطة بتهديد الميليشيات الكردية لأمن حدود تركيا الجنوبية. ولذلك فمن المنطقي أن ترد تركيا بالقوة عند تعرضها للاستفزاز في منطقة لها أولوية كبيرة بالنسبة إليها.
دعوة للتقارب بين الولايات المتحدة وتركيا
ورأى الكاتب في ختام مقاله أن الولايات المتحدة بعد سبع سنوات من دعوة الرئيس أوباما الأسد رسمياً إلى التنحي، باتت تهمل جميع ما يحدث على الأرض في سوريا، والنقاشات التي تشكل المستقبل السياسي في سوريا.
وأضاف أن السنوات الثلاث الأخيرة أظهرت أن الولايات المتحدة ليست في وضع جيد للتعاون مع روسيا في سوريا، ولكن ما يزال بإمكانها استعادة الشريك التركي. فعلى الرغم من الصدامات الأخيرة بين إدارة ترامب والرئيس أردوغان بشأن احتجاز القس الأمريكي أندرو برونسون وفرض عقوبات على الاقتصاد التركي، فإن سوريا تبقى أولوية بالنسبة للبلدين.
وختم بالقول إن واشنطن إذا رغبت في إنقاذ ما تبقى لها من نفوذ في عملية السلام في سوريا، فسيكون من الحكمة إعادة النظر في خلافها الأخير مع تركيا، لأنه إذا انسحبت تركيا من الدفاع عن الجيوب الأخيرة للمعارضة في سوريا، فلن يبقى هناك سوى الأسد وروسيا وإيران.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!