عادل دشيله - خاص ترك برس
كانت الأرض العربية منبعا لكل حضارات الأرض، بل ومهد الرسالات السابقة، فعلى أرض العرب عاش الأنبياء، والرسل، وملوك الدنيا، وصُناع التاريخ، واليوم تحولت الأرض العربية إلى مركز رئيسي للصراعات الدولية فعلى هذه الأرض الطيبة يتصارع الروس، والفرس، والأمريكيين، والصهيانة، بينما العرب خارج المعادلة!
وقع الرئيس الأمريكي قبل أيام على "قرار اعتراف رسمي من قبل أمريكا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية، التي احتلتها إسرائيل عام 1967! ولم نرَ أي تحرك للعرب وللنظام السوري الذي يتباهى بالقومية والعروبة، بينما شرد الأسد أبناء شعبه ودمر مدن بلاده، وقتل مئات الآلاف من أبناء وطنه، لكنه مقابل إسرائيل أكثر ما يستطيع أن يقوله هو بيان الإدانة كما حصل يوم أمس من وزارة خارجية بلاده.
يعرف ترمب أننا نعيش نحن العرب في مرحلة ضعف بسبب الأنظمة القمعية التي تحكمنا منذ ما يقارب ستة عقود من الزمن، ولو كان هناك أنظمة عربية حقيقية مدعومة بإرادة شعبية ما تجرأ ترمب أن يقدم على مثل هذه الخطوات الخطيرة التي تعتبر انتهاكاً صارخاً لكل القوانين الدولية. يتحدى ترمب الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ولا يلقي لها بالاً، ولم يعرف أن مثل هذه الخطوات لن تزيد الطين إلا بِلة وستقوض عملية السلام المزعومة التي تبنتها الإدارات الأمريكية السابقة.
كما يعرف ترمب جيدا أن هضبة الجولان آراضي محتلة من قبِل إسرائيل، وقد طالب "مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 497، تل أبيب فورا بإلغاء قرارها الذي فرض قوانينها وولايتها وإدارتها على الجولان السوري المحتل، واعتبره لاغياً وباطلاً ودون أي أثر قانوني"( الشرق). كما صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة قرارات ترفض احتلال إسرائيل للجولان السورية حيث أصدرت المنظمة الدولية قرارها رقم 35-122 الصادر بتاريخ 11/12/1980 الذي يدين إسرائيل لفرضها تشريعا ينطوي على إحداث تغييرات في طابع ومركز الجولان، وصدر قرار آخر برقم 35-207 في نفس العام وجددت الجمعية العامة للأمم المتحدة رفضها الشديد لقرار إسرائيل ضم الجولان والقدس. كما صدر قرار ثالث برقم 36-147 من قِبل المنظمة الدولية وأدان المحاولات الإسرائيلية "فرض الجنسية الإسرائيلية بصورة قسرية على المواطنين السوريين في الجولان المحتلة" (الشرق(. كما أصدرت لجنة ومجلس حقوق الإنسان حول الجولان السورية: "القرار رقم (1) في العام 1981 "الذي اعتبر مجددا أن القرار الذي اتخذته إسرائيل سنة 1981 بفرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها على الجولان السوري ملغى وباطل، ودعا إسرائيل إلى إلغائه فورا".....[كما أصدرت] اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات القرار "11" بتاريخ الأول من سبتمبر/أيلول 1987 الذي يتضمن إدانة إسرائيل لانتهاكها حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، ولقرارها فرض قوانينها وإدارتها على الجولان" (الشرق).
إذَنْ ، بعد هذه القرارات الدولية فإن اعتراف ترمب بسيادة ما يُسمى بإسرائيل على الجولان السوري المحتل يعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الذي يؤكد على احترام سيادة الدول. تصرفات ترمب ستعرض النظام الدولي لخطر غير مسبوق وستقود العالم إلى مربع العنف. يتصرف هذا الرجل بعقلية قادة الكنيسة في القرون الوسطى ولا يحترم سيادة الدول، فقبل أيام اعترف بالشاب المعارض خوان غوايدو كرئيس لفنزويلا ضاربا عرض الحائط بسيادة فنزويلا ودستورها وقوانينها، وفي نهاية العام 2017 وبالتحديد في 6 ديسمبر اعترف ترامب رسميًّا بالقدس عاصمة لإسرائيل.
تحول ترمب إلى مدير مكتب عقارات خاصة يوزع الأراضي العربية لدولة الاحتلال الصهيوني وكل سنة وهو يظهر لنا بتوقيع عقوده المزيفة والباطلة شرعاً وأخلاقاً وقانوناً، ويلتقط الصور مع أعضاء إدارته الذين ينتمون للتيار اليميني المتطرف، ويوم أمس التقط صورة مع رئيس وزراء ما يُسمى بإسرائيل أثناء التوقيع على الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان. القضايا العادلة لا تموت ولن يضيع حق وراءه مطالب، وسترجع القدس وفلسطين بشكل عام والجولان إلى أصحابها طال الزمن أو قصر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس