ترك برس
راى الدكتور شتيفان رول، الخبير والباحث في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن (SWP) ومقره برلين، أن الاتفاقية المبرمة بين اليونان ومصر بشأن ترسيم الحدود البحرية، لها علاقة مباشرة مع الاتفاقية التركية-الليبية الموقعة أواخر العام الماضي.
وقال رول، في حديث لوكالة "دويتشه فيله" (DW)، إن اليونان ومصر رأتا في الاتفاقية التركية-الليبية تهديدا واضحا لمصالحهما، "لا أعرف إلى أي مدى تم التفاوض بين أثينا والقاهرة حول الاتفاقية الجديدة، لكن الأمر يتعلق في نهاية المطاف بسد الأبواب أمام تركيا".
وأشار إلى أن "الأمر يتعلق بالأساس بإرسال إشارة سريعة جدا في اتجاه أنقرة بأنه لا يمكن قبول أن ترسم تركيا من جديد الحدود البحرية. وهذا قد يفسر أيضا لماذا تم التوقيع الآن على الاتفاقية وسيستمر التفاوض على التفاصيل".
وحول مواقف الدول العربية الأخرى حيال التطورات في المتوسط، قال الخبير الألماني إنه "مادامت غير متاخمة لها فالأمر سيان بالنسبة إليها، هي تنظر للنزاع من بعده الأشمل. فقطر مثلا تقف بوضوح إلى جانب أنقرة. وتركيا لها وجود عسكري في البلاد كما أن قطر تدعم الإخوان المسلمين.
ولفت إلى أن "الدول المساندة لمصر، في مقدمتها السعودية ودولة الإمارات، تنظر بتوجس للدور التركي ولها مواقف نقدية واضحة تجاه أنقرة. ودول شمال أفريقيا لها موقف حيادي ولا تتخذ موقفا مباشرا وتحاول في النهاية ربط علاقات جيدة مع كلا الطرفين".
وعن احتمالات تطور الأوضاع إلى نزاع مسلح، اعتبر رول أنه لا تركيا ولا اليونان وبالأحرى مصر، "كلها ليست مهتمة بمواجهة مباشرة علما أن النتيجة غير معروفة. وحتى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو غير مهتمين البتة بأن تحصل مواجهة بين اليونان وتركيا".
وتابع: "لقد حصلت في الماضي لحظات تصعيد تم احتواؤها، وحاليا هي عبارة عن تهديدات. لكن لا نعرف أبدا ماذا يحصل في المنطقة. فقد تصدر طلقات نارية وتتحول هذه الحادثة إلى دينامية خاصة. لكن لا أحد مهتم بجدية بذلك".
وعن الأطراف القادرة على التوسط في الخلاف، قال رول إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تقرر بعد إلى أي جانب ستقف بخصوص النزاعات في شرق البحر المتوسط: في نزاع ليبيا إلى جانب تركيا وضد مصر وروسيا أو العكس؟
علاوة على ذلك هناك تطور جديد. فعلاقة الولايات المتحدة مع مصر لم تعد كما كانت عليه في السابق، إذ حصلت فيه مؤخرا بعض الشروخ. فمصر لها سلوك في الكثير من المستويات يشبه سلوك تركيا.
فالقاهرة مثل أنقرة اشترت ضد إرادة الولايات المتحدة أنظمة صواريخ دفاعية روسية. فكل واحد يلعب لعبته ولا يتقيد ببنى التحالف التقليدية. حسب رأي الكاتب.
وبشأن الدور الألماني، أشار الخبير إلى أن وساطة برلين مقبولة لجميع الفرقاء، "لأن الألمان ليس لهم مصالح خاصة هناك. السؤال هو هل تملك ألمانيا ما يكفي من النفوذ لتحصيل نتائج في هذه المنطقة؟. هنا لدي شكوك".
وأردف: "لو أخذنا عملية برلين التي أطلقتها ألمانيا لحل النزاع في ليبيا، فماذا حدث في النهاية؟ ما حصل هو أن ألمانيا لم تكن قادرة على التأثير على أطراف النزاع حتى تلتزم بالاتفاقية. ألمانيا ليس لها القوة المطلوبة، وهي قادرة الآن فقط لوقت وجيز على تقديم المساعدة، مثل المكالمة الهاتفية للمستشارة ميركل مع الرئيس التركي أردوغان قبل أسابيع قليلة، تلك المكالمة التي ساهمت في تفادي حصول مواجهة مسلحة بين سفن حربية تركية ويونانية في بحر إيجه.
وفيما يتعلق بالدور الإسرائيلي، قال الخبير الألماني إن إسرائيل تجد نفسها في وضع صعب، فالعلاقة مع مصر تطورت فعلا، لكن على مستوى الحكومة وجهاز الاستخبارات والمؤسسة العسكرية فقط، أما مع السكان فالأمر يختلف. وعلى المدى البعيد ليس من الواضح إلى أين تتجه مصر. وحتى اقتناء القاهرة لمقاتلات روسية قبل أسابيع لا يروق لإسرائيل.
وبحسبه، فإن الدولة المهمة أكثر بالنسبة لإسرائيل في المنطقة هي تركيا التي لها ما تقدمه اقتصاديا وهي مهمة أكثر بالنسبة إلى الاقتصاد الإسرائيلي. وفي الحقيقة ليس لإسرائيل اهتمام بأن تتدهور العلاقة مع تركيا، وإسرائيل لها حاليا مشاكل سياسية داخلية أكبر تجعل من النزاع المحتدم في شرق البحر المتوسط قضية جانبية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!