ترك برس
أكد الكاتب الصحفي التركي نيدرت إيرسانال، أن إسرائيل تدرك أنها لا تستطيع مواجهة إيران بمفردها، وأن التوقعات المتعلقة بالرد الإسرائيلي على إيران تحولت إلى خيبة أمل عندما اتضحت "الحقيقة الواهنة".
وقال إيرسانال إن الهجوم بـ "ثلاثة أجسام" مشبوهة في مدينة أصفهان الإيرانية، أثار حالة من الاستنفار في وسائل الإعلام العالمية، التي تعيش حالة تأهب منذ أيام، "حيث سارعت إلى تفسيره على أنه "شرارة حرب". ولكن سرعان ما تحولت هذه التوقعات إلى خيبة أمل عندما اتضحت الحقيقة الواهنة".
وأوضح في مقال بصحيفة يني شفق إن الرأي استقر في النهاية على أن الهجوم نفذه عنصر داخلي "مدعوم من إسرائيل"، إما من قبل جواسيس الموساد أو المتعاونين معه.
ونشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" في منتصف النهار مقالا اعتبرت فيه أن "إسرائيل أرسلت رسالة واضحة إلى إيران من خلال هجومها على المنشأة النووية في أصفهان".
وأضاف: لكن هل تمثل "ثلاثة طائرات بدون طيار صغيرة" قوة كافية لحمل هذه الرسالة؟ بغض النظر عن ذلك، فإن اشتعال المنطقة يمثل رسالة كافية بحد ذاته.
وكانت سائل الإعلام الإسرائيلية الرئيسية قد أعلنت، قبل يوم واحد فقط من "حادثة أصفهان الغامضة"، أن نتنياهو قد ألغى خططه المسبقة للرد الفوري على هجوم إيراني بعد محادثته مع بايدن. (عنوان الخبر في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل": "رئيس الوزراء يؤجل خططا مسبقة للموافقة الفورية على رد إيراني بعد اتصال مع بايدن"، 18/04.) وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية أن "الرد لن يكون كما هو مخطط له. تهيمن الحساسيات السياسية. سيتم الرد، لكنه سيكون مختلفا عن المخطط له". (18/04، كان.)
وعلق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يوم الجمعة على أنباء عن الهجوم على إيران، على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" بكلمة واحدة: "مهزلة".
وقال إيرسانال إن هذا الهجوم ليس انتقاما، فلا يتوافق توقع الانتقام أو السعي إليه مع هذا الحادث. بل هو ترهيب من الداخل، من أقرب مكان إلى القلب، ومن خلال أخطر أنواع الأسلحة: الطاقة النووية. يوضح هذا الهجوم كيف ستعالج إسرائيل أي خطوة قد تتخذها إيران، وقد ذكرت طهران أنها ستقيم المعادلة بعد ذلك بشكل مباشر ووجها لوجه، بدون وسطاء.
من ناحية أخرى، يشبه هذا الهجوم الرسالة التي كتبها المندوب الدائم لإيران في الأمم المتحدة بعد الهجوم الإيراني، ومفادها: "انتهى الأمر بالنسبة لنا". طبعا لا يعني هذا أن الخطر قد زال، على الإطلاق، لأن تعقيدات المنطقة لا تنبع من صراعات إسرائيل-إيران أو فلسطين، بل هي تعقيدات عالمية. بحسب إيرسانال.
وتابع الكاتب:
لا أهمية لمعرفة النسبة الدقيقة التي تم بها اعتراض هجوم إيران الذي استخدم فيه مئات الصواريخ، والطائرات بدون طيار، ولا أهمية لمعرفة أن إسرائيل هاجمت ب "ثلاثة أجسام" فقط، دون إلحاق أضرار في كلا الهجومين.
الحقيقة الملموسة هي أن إسرائيل تدرك أنها لا تستطيع مواجهة إيران بمفردها. ولن تخيف "الأجسام الثلاثة" أي أحد، باستثناء حالة تدخل الولايات المتحدة المباشر، مما يعد موضوعا منفصلا مرتبطا أيضا بالانتخابات الرئاسية. ومن غير المرجح أن يقدم بايدن على تجربة جنونية كهذه خوفا من صناديق الاقتراع، وإذا حدث ذلك، فسوف نرى ما سيحدث.
وإلى جانب "التخويف"، فإن هناك واقع آخر محبط، يكمن في امتناع إسرائيل عن شن هجوم مضاد حقيقي ، وهو فشل الولايات المتحدة في تحويل هجوم إيران إلى إدانة دولية.
رفضت مجموعة واسعة من الدول، تشمل دولا مهمة في العالم ودولا تمتد عبر القارات، بما في ذلك تركيا، التوقيع على بيان يدين إيران. ويجب على إسرائيل أن تدرك ذلك إن لم تكن عمياء بشكل تام.
وتأكيدا على ذلك، حذرت وزيرة الخارجية الألمانية ونظيرها البريطاني، اللذان زارا تل أبيب في اليوم السابق، من أن أي هجوم محتمل على إيران قد يؤدي إلى نشوب حرب إقليمية، مما سيقلل بشكل كبير من نفوذهما.
"الرد يأتي في الليل من خلال معطف معلق على الباب"...
الآن، لننتقل إلى تركيا..
تشارك أنقرة نفس المخاوف، وقد أكدت ذلك مجددا في بيانها الصادر بعد هجوم أصفهان، مشددة على "خطر نشوب حرب دائمة وانتشارها". لكن التطورات تثير مزيدا من الأسئلة التي يجب على أنقرة التفكير فيها والرد عليها، خاصة مع اقتراب موعد عمليتها العسكرية المحتملة في شمال العراق وزيارة بغداد.
في ضوء دعوات متزايدة لمعالجة شاملة للقضية الإيرانية في المنطقة، بدأت تزداد النصائح التي تحث تركيا على الاقتراب من خط الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي.
ويزداد الأمر سوءا عندما نضيف إلى هذه "الدعوات" نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة في تركيا، إلى جانب صعوباتها الاقتصادية.
يشير ذلك إلى سوء فهم عميق لطبيعة المشكلة. وهذا هو ما نشير إليه بـ "بحث منفصل" فهل المشكلة هي في عداء الدول لبعضها البعض انطلاقا من الأزمات في المنطقة، أم هي في التحديات الجادة التي تواجهها بسبب التحولات الجيو-سياسية العالمية؟ هل تكمن المسألة في الوقوع دون وعي أو خداع أو بشكل ضمني في فخ التقارب من إسرائيل من خلال التعاون مع الغرب، أم في التعامل مع الفرص بشكل أكثر برودة من خلال الوقوف على العتبة العالمية؟
يمثل هذا التحدي اختبارا عسيرا لتركيا، وسيكون بمثابة إجابة على تساؤلات حول قدرتها على تحقيق هدفها المتمثل في إنهاء مشاكل الأمن القومي بحلول عام 2030.
ولعل التصريحات الأخيرة الصادرة عن صاحب أعلى سلطة في تركيا الرئيس أردوغان حول القضية الفلسطينية، تمثل دليلا وتحديا صريحا لجميع الأطراف، داخليا وخارجيا، عند قراءتها بعناية:
"سيكون قائد القضية الفلسطينية ضيفي نهاية الأسبوع وسنتبادل الحديث. لقد وقفنا إلى جانبهم في أصعب أوقاتهم، لا فرق بين القوات الوطنية التركية إبان حرب الاستقلال وحركة حماس اليوم، ونحن مدركون أن لهذه الكلمات ثمنا. لن نستسلم لهجماتكم أو ألعابكم الذهنية، سأواصل الدفاع عن النضال الفلسطيني وسأكون صوت الشعب الفلسطيني المظلوم ما أعطاني الله الحياة حتى لو تركت وحدي. لقد قتلوا 14 ألف طفل. لقد تجاوزوا هتلر بكثير. من يشككون في حساسيتنا تجاه فلسطين سيشعرون بالعار عاجلا أم آجلا."
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!