ترك برس
أكد الكاتب والصحفي التركي إسماعيل ياشا، أن التيارات العنصرية تسعى لضرب الأواصر الإسلامية التي تربط بين الأتراك والأكراد والعرب وغيرهم من الشعوب المسلمة، بما يخدم أجندات القوى الدولية والإقليمية الراغبة في إضعاف تركيا وعزلها عن عمقها الإسلامي.
وفي مقال بصحيفة "عربي21"، رأى ياشا أن تصريحات المسؤولين والسياسيين الأتراك حول تعزيز الجبهة الداخلية والاستعداد لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحيط بالبلاد، تضع أهدافا أمام تركيا لا يمكن تحقيقها بعقلية الدولة القومية.
ولفت إلى أن التساهل مع العنصريين الذين يحرضون الشارع التركي ضد الأكراد والعرب، ويسعون إلى إثارة الفوضى، يقف كعائق كبير يعرقل الوصول إلى تلك الأهداف.
وشدد على أن "العنصريين لن ينجحوا، بإذن الله، في إعادة الشعب التركي المسلم إلى الاعتناق بالشامانية، إلا أنهم يمكن أن ينجحوا في تجنيد نسبة من الهمج الطائشين وأصحاب السوابق الجنائية لإثارة الفوضى والقلاقل".
وفيما يلي نص المقال:
صرح وزير الدفاع التركي، ياشار غولر، الثلاثاء، أن القفل تم إغلاقه في منطقة الزاب بشمال العراق، في إشارة إلى أن العمليات العسكرية التي قام الجيش التركي حققت أهدافها، وأبعدت عناصر حزب العمال الكردستاني عن الحدود التركية، وأغلقت كافة المنافذ والطرقات التي كان الإرهابيون يستخدمونها للوصول إلى الأراضي التركية، كما تم تدمير المخابئ والمستودعات والكهوف التابعة للمنظمة الإرهابية.
تصريحات غولر تشير إلى أن تركيا ستنتقل إلى مرحلة أخرى في مكافحة حزب العمال الكردستاني. ومن المؤكد أن الجبهة التي ستركز عليها تركيا في المرحلة الجديدة للقضاء على الإرهاب الانفصالي الذي يهدد أمنها القومي، ستكون مناطق في شمال سوريا. وقبل انطلاق تلك المرحلة، تسعى أنقرة إلى تقديم خطوات لتعزيز الجبهة الداخلية.
رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، جدد في كلمته الأخيرة أمام نواب حزبه، المبادرة المثيرة التي أطلقها قبل حوالي شهر، حين دعا إلى إطلاق سراح مؤسس حزب العمال الكردستاني المسجون في جزيرة إمرالي ببحر مرمرة، عبد الله أوجلان، ليلقي في البرلمان كلمة أمام نواب حزب المساواة والديمقراطية للشعوب، يعلن فيها حل المنظمة الإرهابية، الأمر الذي يؤكد أن مبادرة بهتشلي ليست مجرد مناورة سياسية أو تصريحات للاستهلاك الإعلامي، بل هي مبادرة مبنية على دراسات عميقة تستشرف المستقبل القريب وتقف وراءها الدولة التركية.
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمته أمام لجنة التخطيط والميزانية في البرلمان التركي، ذكر أن تركيا هي الحامي والداعم الحقيقي للأكراد خارج حدودها الشرقية والجنوبية، كما هي الحامي والداعم الوحيد للألبان والبوشناق في البلقان، مشددا على أن ذلك أمر مسلَّم تاريخيا لن يسمحوا بتغييره. وتشير هذه التصريحات إلى أن ما تسعى إليه أنقرة لا يقتصر على رص الصفوف في الداخل، بل يرمي أيضا إلى تعزيز الأواصر الأخوية مع أكراد سوريا والعراق.
تصريحات المسؤولين والسياسيين الأتراك حول تعزيز الجبهة الداخلية والاستعداد لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحيط بالبلاد، تضع أهدافا أمام تركيا لا يمكن تحقيقها بعقلية الدولة القومية، كما أن التساهل مع العنصريين الذين يحرضون الشارع التركي ضد الأكراد والعرب، ويسعون إلى إثارة الفوضى، يقف كعائق كبير يعرقل الوصول إلى تلك الأهداف. وبالتالي، يطرح هذا السؤال نفسه: "كيف سيتم تعزيز الجبهة الداخلية دون وضع حد للعنصريين الذين يهدمون كل الجهود المبذولة بذاك الاتجاه؟".
هناك مساعٍ كبيرة يقوم بها العنصريون لضرب الأواصر الإسلامية التي تربط بين الأتراك والأكراد والعرب وغيرهم من الشعوب المسلمة. ومن المؤكد أن تلك المساعي تخدم أجندات القوى الدولية والإقليمية التي ترغب في إضعاف تركيا وعزلها عن عمقها الإسلامي. ويروج هؤلاء بشكل ممنهج في صفوف الشباب عموما وصغار السن منهم على وجه الخصوص؛ آراء تهدف إلى إعادة الشعب التركي المسلم إلى ما قبل اعتناقه بالإسلام. ويقولون إن إله الأتراك "تنغري" يختلف عن إله العرب، ويصفون المسلمين المدافعين عن الأخوة الإسلامية بصفات مثل "الإسلاميين السياسيون"، و"العربجيلار"، كما يتهمونهم بمحاولة "تعريب تركيا". ومن اللافت أن هؤلاء كثفوا في الأونة الأخيرة جهودهم الإعلامية لمنع تعاطف الشارع التركي مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة في قطاع عزة، الأمر الذي يكشف عن الجهات الخارجية التي يرتبطون بها.
رئيس الجمهورية التركي، رجب طيب أردوغان، في كلمته التي ألقاها الثلاثاء، خلال اجتماع مجلس الشورى الديني السابع الذي تنظمه رئاسة الشؤون الدينية في العاصمة أنقرة، لفت إلى أهمية الإسلام لتركيا قائلا: "إن وجد الإسلام وجد الوطن والعلم والحرية، وقبل كل شيء إن وجد الإسلام وجدت تركيا". وذكر أن الأفكار الهدامة التي يتم ترويجها تحت قناع العنصرية لاستهداف الإسلام تمس الأمن القومي، مشيرا إلى أن الحركات العنصرية تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لترويج تلك الأفكار. وأضاف أن "الذين يريدون تدمير الاتحاد والسلام في منطقتنا يهاجمون بشكل مباشر إيماننا، والهجمات ضد الإسلام والمسلمين تخفي نفسها بأقنعة مثل الإلحاد والربوبية والشامانية".
التحذير الذي جاء في كلمة أردوغان يؤكد أن الحكومة التركية على علم بتحركات العنصريين وأهدافهم الخبيثة، وتدرك مدى خطورة تلك التحركات. إلا أن مراقبة ما يقوم به العنصريون لترويج الأفكار الهدامة بين الشباب لا تكفي وحدها لحماية الأمن القومي والسلم الأهلي، بل لا بد من التحرك عمليا لإزالة ذاك الخطر، في ظل تقارير تشير إلى محاولات لتشكيل خلايا من العنصريين في الجيش والأمن والاستخبارات.
العنصريون لن ينجحوا، بإذن الله، في إعادة الشعب التركي المسلم إلى الاعتناق بالشامانية، إلا أنهم يمكن أن ينجحوا في تجنيد نسبة من الهمج الطائشين وأصحاب السوابق الجنائية لإثارة الفوضى والقلاقل، وهدم كافة الجهود المبذولة لرص الصفوف في الداخل وتقوية الأواصر الأخوية بين الشعوب المسلمة في المنطقة من أجل التصدي لتحديات الخارج. وبالتالي، لا يمكن أن يتم تعزيز الجبهة الداخلية دون التخلي عن التساهل مع العنصريين ووضع حد لتحركاتهم المشبوهة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!