سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
تعيش القارة الأوروبية في هذه الآونة، أكبر مشكلة هجرة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. فالملايين من سكان مناطق الشرق الأوسط والدّول الآسيوية بالإضافة إلى الأفريقية تحاول وبشتّى الوسائل الوصول إلى الأراضي الأوروبية.
وكما أوضحت في المقالة التي كتبتها بالأمس، فإنّ هناك عدّة أسباب أجبرت الملايين من سكان هذه المناطق إلى مغادرة بلدانهم والجوء إلى الدّول الأوروبية التي تتمتّع باقتصاد قوي. وكلّ هؤلاء المهاجرين يأملون في الوصول الدّول الأوروبية المرفّهة من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية ويتحمّلون من أجل ذلك عناء ومشقّة الهجرة ويغامرون حتّى بحياتهم من أجل الوصول إلى مبتغاهم. ومن المعلوم أنّ هؤلاء المهاجرين يواجهون ردّة فعل عنيفة من قِبل السلطات الأوروبية.
ومن باب الإنسانية يمكننا أن نقول، أن على الدّول الأوروبية فتح أبوابها في وجه المهاجرين واحتضانهم داخل أراضيها وتسيير أمورهم فيها. لكنّ مشكلة الهجرة أعقد مما نتخيّل. ولذلك فإنّ الحل أصعب ممّا يتمّ طرحه عبر وسائل الإعلام.
المثال التركي
الحكومة التركية التي واجهت بدورها أيضًا مشكلة النزوح، أعطت للجميع مثالاً يحتذى من خلال احتضانها لأكثر من مليوني نازح سوري، حيث قامت برعايتهم وتقديم كافة أنواع الدّعم والمساعدات لهم. ومن المعلوم أنّ الحكومة التركية أنفقت إلى الآن ما يزيد على 6 مليار دولار لهؤلاء اللاجئين. سياسة الباب المفتوح التي اتبعتها الحكومة التركية أمام اللاجئين السوريين، ليست بالالجديدة، فالأتراك ومنذ زمن بعيد مُعتادون على احتضان من يقصد أراضيهم والترحيب بهم. إلّا أننا لا ينبغي أنّ ننسى أنّ تركيا تحدّها حدود طويلة مع سوريا، ولم يكن بوسعها إغلاق أبوابها أمام موجة النزوح، لا سيما أنّ لبنان والأردن احتضنت أيضًا أعدادًا كبيرة من هؤلاء النازحين.
الواضح أن نظرة الأوروبيين لهؤلاء النازحين، تختلف عن النظرة التركية تجاههم. فالأوروبيون يفضّلون الحفاظ على استقرار اقتصادهم ويخشون من زعزعة حياتهم الاجتماعية ويتحجّجون بحجج سياسية من أجل الامتناع عن استقبال هؤلاء اللاجئين. ولذلك تراهم بعيدين كل البعد عن مسألة استضافة النازحين في أراضيهم.
المأساة التي حصلت خلال الأسابيع الماضية والتي شاهدها العالم بأسره، أجبرت المجتمع الدّولي على العمل بجدية أكبر من أجل إيجاد حلّ مجدي لمسألة النزوح هذه. فالاتحاد الأوروبي قرّرت استضافة كلّ دولة من الدّول الأعضاء لنسبة معينة من هؤلاء اللاجئين في أراضيها، وذلك بحسب إمكانات كلّ دولة. فالألمان والفرنسيين بدؤوا يتفاعلون بشكل أكبر مع هذه المعضلة. فالألمان يعتزمون استضافة 800 ألف نازح خلال العام الجاري.
لكن بالمقابل نجد أن عددًا من الدّول الأوروبية مثل المجر، تقوم بمدّ الأسلاك الشائكة على حدودها من أجل منع النازحين من دخول أراضيها. بينما اليونان ومقدونيا اللتان تُعتبران ممرًا للاجئين إلى الدّول الأوروبية الأخرى، تتسارعان في إخراج النازحين من أراضيهما وإبعادهم إلى دول أخرى.
واللافت للنظر أنّ عدد هؤلاء المهاجرين إلى القارة الأوروبية في ازدياد، على الرغم من تعاظم المعاناة هناك.
وعلى اعتبار أنّ من المحال التخلص من النازحين، فعلى المجتمع الدّولي الإسراع في إيجاد الحلول الكفيلة بحلّ هذه المشكلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس