غولاي كوك تورك - صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
تُعتبر الفترة ما قبل الانتخابات هي اكثر المراحل التي نشهد فيها المزايدات والحروب الإعلامية بسبب تخلي كثير من الأطراف عن ابسط مبادئهم؛ فيُبيحون كل شيء لتصبح الغاية تبرر الوسيلة هي عنوان الكثيرين. ثم نرى الخبراء السياسيين وقد بدأوا في قرائه الاحداث السياسية على وجهين: الأول يأتي في إطار تقييم موقف الأحزاب والقيادات السياسية والمقارنة فيما بينها، اما الثاني فهو يأتي في إطار الدعوى الى التقليل من شان "التخلي عن المبادئ" او "الانحطاط" الظاهر في الساحة السياسية.
وتعتبر الأساليب والاستراتيجيات المعتمدة للكتل السياسية في حملتها الانتخابية هو من يصنع الوعي سواء للناخبين من مختلف شرائح المجتمع او حتى للقاعدة الأساسية لتلك الأحزاب. ففي انتخابات 7 حزيران الماضي رأينا ان هذه الاستراتيجيات التي اعتمدت من قبل حزب العدالة والتنمية لم تأتي بتلك النتائج طيبة، ففي الوقت الذي كان فيه الحزب يحاول استرجاع اصواته التي صوتت للحزي القومي بالتنكر لمحادثات السلام نرى اليوم كل أطراف المعارضة وقد رمت مسؤولية الحرب ضد حزب العمال الكردستاني على حزب العدال والتنمية.
ومع كل هذا فانهم يفشلون في اهدافهم هذه؛ لكن ليس هذا هو مربط الفرس، بل ان المهم الان هو كيف بدا الحزب الذي يضم في قاعدته الأساسية أكثر من 10 مليون منتسب بالتآكل بعد ان تغير الوعي في هويته السياسية ووضع نصب عينيه "تركيا الجديدة". ولهذا فاني اعتقد بان الاستراتيجية التي سيظهر عليها حزب العدالة والتنمية ستكون أكثر أهمية من نتائج الانتخابات نفسها. ففي النهاية لن تستمر تركيا من دون حكومة، فإما ان تعود المياه الى مجاريها ويتفرد الحزب بالحكم من جديد او ان يُشكل حكومة اتلاف مع الأحزاب الأخرى.
المهم هنا، هو كيف سيكون حزب العدالة والتنمية؟ وباي وجه سيظهر؟ فهل سيكون حزب العدالة والتنمية الذي يروج بروجبندا " حزب العمال الكردستاني ليسوا مطهّرين"؟ ام سيكون الحزب الذي سيتكلم عن مُهجريّ الأرمن؟ فعوده هذه الأسئلة الى الواجهة ليست بالمصادفة والشيء الغريب. كما يجب ان نعلم ان على الحزب رسم خط واضح بينه وبين الحزب القومي في حربه مع حزب العمال الكردستاني؛ لأنه وان لم يفعل ذلك فانه سيُبتلى بكل الامراض القديمة التي كانت تعاني منها تركيا في السابق.
يتعرض حزب العدالة والتنمية في موضوع محادثات السلام الى هجمتين؛ الأولى ناتجة الجهود المحمومة التي يقوم بها الحزب القومي في اقناع الناس بان حزب العدالة والتنمية هو المسؤول الوحيد عما يحدث في هذا الملف، كما وقد كانت للحزب القومي جهود سابقة من اجل ابطال مشروع محادثات السلام؛ فهو لم يترك سبيل الا وقد طرق بابه؛ حتى تعاون مع "اليساريين التقدميين"، واليوم نراهم وهم يرمون "المسالمين" بأنهم المذنبين. الهجمة الثانية تتمثل في صعوبة اقناع القاعدة الشعبية والمحافظين؛ الذين أصبحوا يشعرون بأنهم خُدعوا وانه قد تمت خيانتهم.
نرى اليوم كل أصناف الأعداء في الداخل والخارج وقد تكاتفت أيديهم من اجل خنق حزب العدالة والتنمية؛ الامر الذي بات يُشعر الحزب بانه معزول ومحاصر. وفي مثل هذه الأوقات نرى بان على البعض ترك الأفكار الجديدة الغير ناضجة وإعادة التمسك بتلك القديمة المبنية على التجربة والوعي. لكن القيادات الحالمة التي تملك بعد النظر تستطيع ان تخرج بالحلول الخلاقة لهكذا ازمة، وكما عرفنا حزب العدالة والتنمية من تاريخه الطويل وتجاربه الناجحة؛ نعلم بانه يملك من القيادية ما سيحمله الى بر الأمان في هذه العاصفة الهوجاء، وبهؤلاء سيستطيعون وضع الاستراتيجية المناسبة لهكذا ظرف وحال. كما ونتمنى ان تستطيع قيادة الحزب اختيار الدورة القادمة بشكل صحيح لتقود مركبها والوطن الى بر الأمان من جديد في هذه الأيام الحالكات كقطع الليل الاسود.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس