بريل ديدي أوغلو - جريدة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
ليست بعض التطورات التي تطفو على ساحة السياسة الدولية وليدة يوم واحد. بل من الممكن أن تكون صاحبة ماضي طويل وذلك مثلما هو عليه الحال تمامًا في ظهور مسألة إعادة تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية من جديد.
فلقد نوقشت مسألة العلاقات التركية الإسرائيلية بعد أزمة حادث السفينة مرمرة الزرقاء كثيرًا وتلت ذلك مسألة "الربيع العربي" وبعدها اتجهت الأنظار إلى الأزمة في سوريا، وفي خضم كل هذة الأحداث فمن الممكن أن يكون الرأي العام التركي قد نسي مسألة العلاقات التركية الإسرائيلية إلا أن الدول وفي كافة الأحوال لا يمكنها أن تتناسى علاقاتها الثنائية بأي شكل من الأشكال.
ربطت تركيا إعادة التمهيد لأرضية العلاقات الثنائية مع إسرائيل بعد حادثة السفينة مرمرة الزرقاء بثلاثة شروط هي: الاعتذار- ودفع تعويضات لأهالي الضحايا – ورفع الحصار عن غزة. ولعل من الأسباب التي فتحت الطريق لهذة الأزمة مسألة النقطة التي تحركت منها السفينة تجاه غزة علي الرغم من الرد الإسرائيلي المتوقع عليها . وينبغي أن نسجل هنا أيضًا وحود بعض الأطراف التي سعت لإحداث هذا التوتر وهذة القطيعة في الحوار الدبلوماسي فيما بين الدولتين.
العزلة التي أصبحت عليها إسرائيل
ولعل القطيعة السياسية فيما بين تركيا وإسرائيل قد فتحت الطريق إلي أن تصبح إسرائيل أكثر عزلة في المنطقة. ولعل الحصار الذي فرضتة إسرائيل علي غزة يعد بمثابة حائط أنشأته إسرائيل حول نفسها . ولعله من اللازم هنا أن نضيف إلى هذه الوتيرة ضغوط الرئيس الأمريكي أوباما علي إسرائيل في مسألة القضية الفلسطينية.
ولقد أدى توتر العلاقات الإسرائيلية مع حلفائها التقليدين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقارب إسرائيل من المحور الثلاثي الذي تشكله روسيا واليونان وجمهورية قبرص الشمالية. إلا أنه وباستثناء روسيا فإن هاتين الدولتين ليس بإمكانهما تقديم أي أضافة لمسألة الأمن الإسرائيلي ؛ ومن ثم لم يكن هدف تحالف إسرائيل معهما سوي نوع من الضغط الذي تمارسه علي تركيا. إلا أن هذه الظروف تغيرت بعد مدة قصيرة.
ولعل تقدم إيران الريادي والفعال – وهي الدولة التي تمثل اللاعب الأساسي الذي تخشاه إسرائيل في المنطقة - في حربها التي تخوضها بسوريا قد أدى إلى أقترابها من إسرائيل. إلا أن التدخل الروسي في الحرب الدائرة في سوريا بعد ذلك أراح إسرائيل بشكلٍ نسبي.
ولكن إسرائيل في هذة المرة فقدت التحكم في سياسة التوازان التي تطبقها مع الولايات المتحدة وإسرائيل. ومن ثم أصبح الثقل الرئيسي في سوريا تحت سيطرت روسيا؛ ذلك الأمر الذي يشير إلى إمكانية تحكم وسيطرة روسيا على المجال الذي تتحرك فيه إسرائيل.
مسألة التذكير بغزة
ولعل سعي روسيا للسيطرة علي سياسات إيران وإسرائيل بالمنطقة ؛ قد أدى إلى إعادة تركيز إسرائيل في العمل وبشكل صامت علي مسألتين في هذا الخصوص: أولهما مسألة ضبط علاقاتها مع تركيا من جديد وثانيهما اتخاذ خطوات مقنعة للرأي العام العالمي في المسألة الفلسطينية.
وينبغي التذكير هنا بمسألة اعتراف اليونان بدولة فلسطين؛ ذلك الأمر الذي يعتبر إشارة على كسر تحالفها مع المحور الثلاثي لدول روسيا واليونان وقبرص الجنوبية.
ومن الصعب أن تتخذ إسرائيل أية خطوات في مسألة غزة بالأعتماد علي ديناميكية سياسية داخلية ومن ثم لا بد من وجود دافع خارجي. وبتعبير أخر فإنه بإمكان الإدارة الإسرائيلية أن توضح للرأي الداخلي الإسرائيلي أن مسألة التنازل في موضوع غزة ما هو إلا بديل حتمي في سبيل عودة العلاقات مع التركية والتي تعد فرضية حتمية لأمن ومستقبل إسرائيل. أي أنها بأمكانها أن تقنع المجتمع الإسرائيلي بهذة الضرورة الملحة في هذة المرحلة العصيبة من الحرب الدائرة بين دول المنطقة بالقول "بأنها لا ترغب في ذلك ولكن تركيا تشترط هذا لعودة العلاقات".
ومن ثم أليس هذا ما ترغب فيه تركيا؟
فتركيا التي تدافع عن القضية الفلسطينية وتضع مسالة غزة في القلب منها تعتبر اليوم شبه قادرة علي إعادة فتح المناقشات مع إسرائيل في هذا الخصوص. ولعله مما لا شك فيه أن المساعي الدائرة منذ زمن طويل لإعادة تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية ستنتهي بشكل إيجابي ولكن ذلك يعني في ذات الوقت احتمالية فتح الطريق للمفاوضات في مسألة غزة بنفس هذا الشكل الإيجابي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس