أمين بازارجي – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
في تصريحات سابقة لوزير الخارجية الروسي علق متهكما ومتهما تركيا فقال: تركيا تدعي بأن أمريكا أعطتها الحرية الكاملة في الساحة العراقية ولسان حالها يقول "نحن نحب العراق والعراقيين وأتينا إليهم لندربهم ونعينهم على أزمتهم". ظهرت النوايا الروسية واضحة وصريحة في تلك التصريحات السابقة، فروسيا ترى أن من حقها التدخل في سيادة الدول بمختلف الأسباب والمبررات، فهي تحشر أنفها في ساحات تبعد آلاف الكيلومترات كما تتدخل اليوم في سوريا وكما تدخلت سابقا في أفغانستان والأمثلة على ذلك كثيرة، لكن لا يجوز ذلك لتركيا التي تدفع عن حقوقها الأساسية، وإن فعلته كان عدوانا وفعلا قبيحا.
تمخض "اتفاق التهدئة" في سوريا كنتيجة مباشرة للحوار المفتوح الذي دار بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الروسي بوتين، وينص هذا الاتفاق على وقف إطلاق النار في منصف ليل السابع والعشرين من هذا الشهر في حال اتفقت الأطراف، والغريب هنا تعريف "الأطراف" الذي قُصد منه أمريكا وروسيا، فهو لم يضم تركيا التي تستضيف على أرضها أكثر من 2.6 مليون لاجئ سوري.
أما شروط الاتفاق حسب ما صرح به متحدث الكرملين دمتري بيسكوف فقد كانت كالتالي: يجب على كل الأطراف الموافقة على الاتفاق ومن ثم يتم النقاش فيه بعد تشكيل قوة مشتركة تحفظه مُشكلة من قبل أمريكا وورسيا، فعلى كل الأطراف إيقاف إطلاق النار إلا الحلف الأمريكي الروسي الذي سيضم كل الأطراف في مواجهة تنظيم داعش والنصرة الإرهابيين حسب لوائح الأمم المتحدة. والسؤال هنا: من سيراقب هذه العمليات؟ ومن سيقرر بأن هذه العمليات استهدفت النصرة وداعش؟ لا أحد، ما يعني أن روسيا ستبقى كالحصان الذي يركض دون لجام! ولهذا فإن مثل هذه الاتفاقات لا تصلح ولن تدوم.
وهنا أسأل: من هو صاحب الضمير الحي الذي يستطيع قول حقيقة التصرفات الروسية؟ إنه رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي صرح بأن روسيا قامت بـ4198 طلعة جوية وكان منها فقط 391 طلعة موجهة ضد داعش، بينما كانت البقية موجهة ضد المصالح التركية وضد المعارضة المعتدلة والمدنيين العزل. فهل ستغير روسيا من تصرفاتها بعد هذا الاتفاق؟ بالطبع لا. وهو ما يعني استمرار حمام الدم وإعطاء أفضلية لروسيا التي ستجد الساحة أكثر أريحية بقبول الأطراف الأخرى، وستكون جرائمها حين إذ في إطار الموافقة الأمريكية!
هذا الكلام عن الجرائم الروسية لم يكن بلساني بل كان بلسان منظمة العفو الدولية التي اتهمت روسيا بجرائم حرب في سوريا حينما صرحت وقالت "تقوم روسيا بجرائم حرب في الساحة الروسية"، فهم يقتلون المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، ويضربون المدارس والمستشفيات والمساعدات الإنسانية، والأدلة على ذلك كثيرة. في المقابل وردا على كل هذه الجرائم تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بعقد اتفاق هدنة مع الروس وكأن كل ما يفعلونه مجرد مزحة! ليأتينا من بعد ذلك بوتين وهو يضحك مستهزئًا في وجوهنا ويقول إن اتفاق الهدنة خطوة ضرورية من أجل إيقاف شلال الدماء، نعم هو كذلك لولا أن بوتين نفسه هو الذي يقوم بهذه المجازر، وأن اتفاق الهدنة ما هو إلا خطوة استراتيجية لإراحة المجرم بشار الأسد!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس