محمود القاعود - خاص ترك برس
من يُنكر تعرّض الأمة الإسلامية لمؤامرة تستهدف الوجود الإسلامي؛ هو في الواقع شريك في المؤامرة... ليس هذا إغراقًا في نظرية المؤامرة، إنما هو كُنه الصراع الحادث الآن بين قوي الشر العالمية وبين بلاد الإسلام والمسلمين.
ولندلل علي ذلك بما حدث في بدايات القرن الحادي والعشرين، وعقب هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001م، أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بدء الحرب الصليبية أو بعبارته التي قالها "لتكن حربا صليبية وستستغرق بعض الوقت" (This Crusade Is Gonna Take A While).
وعقب هذا التصريح بدأت الحرب الأمريكية ضد أفغانستان مستخدمة كل أنواع الأسلحة ضد الشعب الأفغاني بزعم القضاء علي القاعدة والإرهاب! حتى في شهر رمضان المعظم تواصل القصف الهمجي ليحرق كل ما يقابله، لينتج عن هذه الحرب الصليبية عشرات الآلاف من الأبرياء والأرامل والأيتام. ثم تواصل الجنون الأمريكي بغزو العراق في العام 2003م بزعم نزع أسلحة الدمار الشامل! وهي الأسلحة التي لم تعثر عليها أمريكا حتي لحظة كتابة هذه السطور في آذار/ مارس 2016م! وهي أيضا الأسلحة المزعومة التي بسببها قتلت أمريكا مليون عراقي وأحالت العراق إلى دولة من العصر الحجري تحكمها ميليشيات إيرانية طائفية مهووسة تمارس التطهير العرقي ضد المسلمين السنة.
ثم تفتق ذهن الإدارة الأمريكية عن مخطط "الفوضى الخلاقة" الذى نظّرت له كونداليزا رايس الوزيرة السابقة للخارجية الأمريكية، ومؤداه نشر الخراب والفوضى وبث الحروب في العالم الإسلامي، على أن تنأى أمريكا بجنودها عن الالتحام المباشر.
وقد استغلت أمريكا الربيع العربي الذي انطلق في 2011م، لتدعم الثورات المضادة ومن ثم لتشتعل الحروب الأهلية في بلدان الربيع، ثم دعمت أمريكا نظام بشار الأسد بكل قوتها، ليس حبا في الأسد، فهو مجرد عميل صغير وخفير حقير يحرس أمن إسرائيل ، لكن أمريكا تستميت في الدفاع عن بشار لتفكيك تركيا التي تعد القوة الإسلامية العظمي حاليا، التي تتمتع بثقل تاريخي وجغرافي كفيل بتغيير ديموغرافي يقلب موازين المجتمع الأوروبي "المسيحي".
إطالة أمد الحرب في سوريا، تستنزف تركيا التي تنفق على اللاجئين الذين تجاوزوا ثلاثة ملايين، وبالتزامن تدعم أمريكا المنظمات الكردية الإرهابية وحزب العمال الكردستاني للقيام بأعمال تخريبية إرهابية في قلب العاصمة أنقرة وبأهم المدن التركية اسطنبول، لتنهار السياحة في تركيا ويضيع معها أهم موارد الدخل التركي.
لم تتوقف أمريكا عند هذا الحد، بل أخذت تدعم الكيان الموازي الذي يسعي لتقويض تجربة العدالة والتنمية، ويلتقي في مصالحه البراغماتية مع الدوغمائية العلمانية الاستئصالية، لخلخلة دولة صارت هي العقبة الوحيدة الآن أمام المخطط الأمريكي.
تبدو أمريكا بعد الاتفاق النووي مع إيران ، أكثر تصميمًا وعزما علي تفكيك تركيا، بعد أن نصّبت إيران شرطيا يُسيطر علي العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان، وبعد انهيار مصر وليبيا وتونس، وتوريط السعودية في حرب اليمن التي تبدو بلا نهاية قريبة.
لم يبق أمام أمريكا إلا المواجهة المباشرة مع تركيا بدفعها لأتون محرقة مع الأكراد وداعش تدمر الاقتصاد التركي، ومن ثم ليستقل الأكراد بدولتهم المزعومة وتعاود أرمينيا حلمها القديم في السيطرة علي طرابزون المدينة الساحرة، ولتنتشر الفوضي في ربوع تركيا.
إن أهم خطوة علي تركيا القيام بها هي إزالة مصدر المؤامرة الأمريكية... أعني إزالة بشار الأسد من سوريا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس