مارغريت سوليفان - نيويورك تايمز (نشرت المقالة الأصلية في 2 نيسان/ أبريل 2016)
كيلي فوغان من بروكلين، متابعة للتايمز، عاشت في إسطنبول لمدة عام، ولذلك تابعت التغطية الإعلامية للعنف في تركيا باهتمام كبير.
كتبت فوغان لي (مارغريت سوليفان) في الأسبوع الماضي بعد الهجمات الإرهابية في بروكسل: "لا يسعني إلا أن أتساءل لماذا صحيفة التايمز تذكر أسماء ضحايا هجمات بروكسل، وتنشئ ملفات لبعض منهم، بينما لم تقُم الصحيفة بنفس الأمر "لضحايا أنقرة وإسطنبول. كما نوهت كيلي: هذا هو الحال أيضًا "في مدن أخرى من العالم"، سواء "كان العنف في لبنان أو مالي أو كينيا."
وقالت السيدة فوغان بأنها قادرة على تصور عدد من الأسباب متعلقة بهذا التناقض، "بعضها أكثر شرعية من غيرها". وتساءلت أيضًا: "كيف تغطي التايمز هذه المآسي المتشابهة بطرق مختلفة؟".
أثار آخرون مخاوف مماثلة. كتب أيضًا ريتشارد غرينبرغ: "لماذا خصصت صحيفة نيويورك تايمز تغطية أقل للغاية في هجوم ساحل العاج الإرهابي في الأسبوع الماضي، والذي أودى بحياة 16 شخصًا، بما في ذلك الأفارقة والأوروبيون؟". وثيودور غلاسر أستاذ الاتصالات في جامعة ستانفورد، قالها بإيجاز: "يقتل داعش 30 شخصًا في بروكسل: قصة كبيرة، في الصفحة الأولى. يقتل داعش 30 شخصًا في بغداد: قصة صغيرة، في الصفحة السادسة. ماذا يعني هذا بالنسبة لنا بخصوص تحيز غرفة الأخبار؟".
كتب كريشنان فيسواناثان على تويتر (وأنا (الكاتبة) ترجمت منشوره مختصرةً): "ضحايا الإرهاب الغربيون يُمَثَلُونَ في "بروفايلات" ولكن لا يوجد بروفايلات لضحايا أحداث آسيا/ أفريقيا؟ بماذا يوحي ذلك؟ أهو تخصيص المنشأ؟".
سألت نفسي أسئلة مماثلة العام الماضي - في زاوية "عمود" - مقارنةً تغطية التايمز لهجمات باريس مع تغطية لهجوم إرهابي في نيجيريا. والصحيفة نفسها درست أكثر من مرة موضوع اهتمام وسائل الإعلام المتباينة لضحايا الإرهاب.
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مديرة مكتب بيروت، آني بارنارد، كتبت قطعة (تقرير) مميزة بعنوان "بيروت – هي أيضًا مكان لهجمات مميتة - تشعر بأنها منسية".
حيث أفادت السيدة بارنارد بأن العديد من اللبنانيين مستاؤون بشكل عميق من الاختلاف بين كيفية رد فعل العالم على هجوم انتحاري مزدوج في بيروت أودى بحياة أكثر من 40 شخصًا وبين رد فعل العالم على هجمات باريس التي جاءت بعد يوم واحد: "بحسب العديد من المعلقين اللبنانيين، يعني هذا الأمر ضمنًا أن حياة العرب تهم العالم أقل من حياة غيرهم. فإما ذلك، أو أنه يتم النظر إلى بلادهم - الهادئة نسبيًا على الرغم من الحرب المجاورة - على أنها المكان الذي تكون فيه المذبحة أمرا طبيعيا، ومكانا غير مغرٍ في منطقة قضية السلة".
الشهر الماضي، أصدرت التايمز فيديو باسم “ضحايا الإرهاب المنسيين”، تساءل هذه الفيديو على سبيل المثال لا الحصر عن "لماذا رفعت حكومة الولايات المتحدة علمها لمنتصف السارية احترامًا بعد هجمات بروكسل ولكنها لم تقُم بنفس الفعل بعد هجمات مماثلة في تركيا وساحل العاج وفي أمكنة أخرى".
ولكن هل تروي التايمز دائمًا قصص ضحايا الإرهاب بإنصاف تام؟
أنا لا أعتقد أنها تفعل. ولا يعتقد أيضًا المدير التحريري الدولي مايكل سلاكمان، الذي أخبرني في مقابلة في الأسبوع الماضي أن هذا هو الهدف الذي تسعى له الصحيفة، ولكنها تفشل في بعض الأحيان في تحقيقه.
قال السيد سلاكمان "نحن بحاجة إلى القيام بعمل أفضل من خلال عدم السماح لأنفسنا بأن نصبح قاسين أمام خسائر بشرية بفعل هجمات إرهابية متكررة". "هناك دائمًا تكلفة بشرية، وهذه التكلفة هي نفسها أينما وقعت".
وذكر السيد سلاكمان أن سوزان شيرا - وهي واحدة من عدد قليل من المحررين رفيعي المستوى في الصحيفة، وهي مراسلة أجنبية سابقة ورئيسة تحرير أجنبية - "دائمًا ما تدفعنا بجد" لنروي قصص الضحايا أينما كانوا. وقال سلاكمان: يبذل المراسلون الأجانب جهدهم غالبًا (بشق الأنفس) في "تقديم الشهادات" ورواية القصة البشرية. وأشار إلى أن الصحيفة فعلت ذلك بشكل مثير للإعجاب في تغطيتها لمرض إيبولا.
فلماذا يلاحظ القراء عدم المساواة المستمرة؟ جزء من الجواب متوفر. على سبيل المثال، فمن الأسهل بكثير وصول عدد كبير من المراسلين إلى باريس أو بروكسل منه إلى باكستان - البلد الذي طُرِدَ منه مراسل صحيفة التايمز ديكلان والش في عام 2013. (بروكسل هي عاصمة الاتحاد الأوروبي، مليئة بالصحفيين الدوليين).
هناك عامل آخر هو توظيف المصادر: على سبيل المثال التايمز لديها الكثير من المراسلين العاملين في مكاتب في أوروبا الغربية، مقارنةً بالعدد القليل من المراسلين في أفريقيا.
وهناك سؤال مشروع فيما يخص أهمية الأخبار. بحكم التعريف، الخبر هو أمر خارج عن المألوف. ففي بعض الأماكن مثل العراق أصبحت المأساة شيئًا مألوفًا.
قال السيد سلاكمان، مراسل التايمز السابق في مصر: "لسوء الحظ، أصبح الإرهاب أدنى مرتبة من الأمر المستغرب". وقال: منذ سنوات ليست بالبعيدة جدًا، كان التفجير في القاهرة "صدمة – وكانت تتم تغطية الحدث". لم يعد الأمر كذلك: "لا يمكننا تغطية كل هجوم هناك".
وبالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقة بين الولايات المتحدة والبلد الذي يقع فيه الهجوم هي علاقة عامل. ففرنسا، بعد كل شيء، هي واحدة من حلفاء أمريكا الأساسيين، ولذلك ما يحدث هناك يتطلب ثقلا إضافيا. وعلى حد قول السيدة بارنارد: أثارت هجمات بروكسل السؤال بعد هجمات باريس، "فيما لو سيكون هذا هو الوضع الطبيعي الجديد لأوروبا".
كل هذه العناصر حقيقية للغاية: الوجود الصحفي، وتوظيف المصادر، والفكرة الثابتة بأن الخبر يستحق الاهتمام. ولكن بقليل من إجهاد الذات، يستطيع المحررون الوصول إلى نهج جديد أكثر توازناً لتغطية مشكلة ما التي للأسف تكون بعيدة عن التغطية.
عندما تصبح التايمز أكثر عالمية في انتشارها وطموحاتها، فإن مسألة كيف تغطي المأساة الإنسانية في جميع أنحاء العالم ستأخذ أهمية أكبر. ولن تصبح مواجهة تحيزاتها الثقافية فقط واجب صحفي بل واجب المهنة.
أنا سعيد أن صحفيي التايمز يعترفون بالحاجة إلى إظهار أهمية حياة الإنسان المزهقة بفعل الإرهاب - سواء كان يحدث في المكان الذي نحن الأميركيون قد نذهب إليه لمشاهدة معالمه، أو ربما في مكان لن تطأه أقدامنا. وبغض النظر فيما إذا الضحايا يبدون "مثلنا".
لأنهم في الواقع مثلنا بالتأكيد. وذلك جزء من مهمة التايمز الصحفية لمساعدة قرائها ليس فقط ليعلموا ذلك فكريًا، ولكن ليشعروه في صميمهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس