جلال سلمي - خاص ترك برس
تدهورت العلاقات التركية الإماراتية عقب انطلاق ثورات الربيع العربي وتبني الطرفين رؤى مختلفة فيما يتعلق بتلك الثورات، وقد ظهرت حدة التدهور في العلاقات بين الطرفين بعد إقدامهما على تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي المتبادل فيما بينهما.
واستمر التباعد الدبلوماسي بين الطرفين حتى الشهر الماضي، حين زار وزير الخارجية التركي "مولود تشاووش أوغلو" أبو ظبي والتقى بشخصيات رفيعة المستوى، بهدف تأسيس أرضية جديدة للعلاقات وإنهاء حالة الجمود بين الدولتين.
وفي هذا السياق، أشار الخبير في العلاقات التركية العربية "إسماعيل نعمان تالجي" إلى أن تشاووش أوغلو التقى بصاحب الكلمة الأقوى في السياسة الإماراتية وهو ولي عهد أبو ظبي ونائب قائد القوات المسلحة الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان"، لتسريع عملية التوافق وتمتينها، موضحًا أن الطرفين أكّدا على ضرورة التعاون المشترك تحت ظل التحركات العسكرية والسياسية السعودية من أجل إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة التي تعاني من حالة فوضى عارمة.
وأضاف تالجي أن الإمارات العربية المتحدة حاولت إقصاء تركيا عن الساحة العربية، خاصة في تونس وليبيا ومصر، من خلال وسائل عدة، نظرًا لاختلاف الرؤى الاستراتيجية بين الطرفين، ولكن عقب تولد الحاجة للاتفاق، شدد بن زايد على ضرورة إعادة العلاقات المتبادلة إلى نصابها القديم، وكبادرة حسن نية نجد أعلن في السابع من أيار/ مايو الجاري، أن الإمارات سترسل من جديد سفيرها الذي غاب عن أنقرة لمدة عامين.
وأوضح تالجي في مقاله بالجزيرة ترك "توصيف حركة الانفراج بين تركيا والإمارات العربية المتحدة"، أن السبب الرئيس لاحتدام العلاقات بين الطرفين هو تعارض موقفيهما من جماعة الإخوان المسلمين، فبينما بذلت الإمارات كل جهودها لعزل جماعة الإخوان المسلمين عن الساحة في بلدان عربية عدة، اتجهت تركيا لاحتضان عناصر الجماعة والتعامل معها كحركة سياسية اعتلت عرش السلطة عبر عملية ديمقراطية، مؤكّدة أنها لا تدعم الإخوان لسبب إيديولوجي وأنها كانت وما زالت على استعداد تام لدعم أي حركة سياسية تتسلم مقاليد الحكم عبر صناديق الاقتراع ويتم إقصاؤها عبر الحركات السياسية المضادة مثل حركة تمرد في مصر أو الانقلاب العسكري أو أي وسيلة أخرى.
ويرى تالجي أن العوامل الأساسية التي دفعت الطرفين إلى هذا التحرك والتي ستسهم في تعميق مرحلة الانفراج الجارية فيما بينهما:
ـ دولة الإمارات عنصر اقتصادي مهم بالنسبة لتركيا: على الرغم من إثبات جهاز الاستخبارات التركية محاولة الإمارات قلب نظام الحكم في تركيا عبر دعم بعض التحركات السياسية المضادة للحكومة وتمويلها وضلوع المدعو "محمد دحلان" فلسطيني الجنسية بإدارة تلك العمليات، إلا أن تركيا حاولت الفصل بين التنافس السياسي الاستخباراتي والاقتصاد، وبذلت جهودها للحفاظ على مستوى عال من العلاقات الاقتصادية مع الإمارات التي تحتل المرتبة الثانية بين دول الشرق الأوسط والتاسعة عالميًا من ناحية استيراد السلع التركية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين عام 2015 4 مليار و6 مليون دولار، في وقت تدهور فيه التبادل التجاري مع دول شرق أوسطية أخرى، كما أن دبي تعد عاصمة المعارض التجارية.
- دفع مرور تركيا بحالة عدم الاستقرار عقب انتخابات 7 حزيران/ يونيو عام 2015 تركيا إلى إعادة تقييم علاقاتها الاقتصادية مع دول الشرق الأوسط المستقرة المخالفة لرؤيتها والمتفقة معها على حد سواء للحفاظ على استمرارية التقدم الاقتصادي المنشود.
ـ التحرك المشترك السعودي الإماراتي. فبعد أن شهدت العلاقات التركية السعودية تقاربا ملموسا عقب تسلم الملك سلمان لمقاليد الحكم، رأت تركيا أن تعزيز هذه التقارب يتطلب تجاوز أوجه الخلاف بين تركيا ودول الخليج العربي الأخرى، لذلك التفتت إلى إصلاح علاقتها مع الإمارات العربية المتحدة، وستتبع ذلك بزيارات للبحرين والكويت حسبما يشير برنامج وزارة الخارجية التركية.
ـ التوافق مع الجهود السعودية لتوحيد دول المنطقة ذات التوجه السني لمواجهة التمدد الإيراني الشيعي في أكثر من دولة عربية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!