أحمد تاشقتيران - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
مرة أخرى تعرضت تركيا لهجمات إرهابية تسببت باستشهاد العشرات، وعاش الآباء والأمهات وعشنا نحن مجددا حالة من الألم والحسرة، وذرفنا الدموع على أبنائنا، بينما سادت حالة من الغضب والتحدي في آنٍ واحد لدى المجتمع والشعب.
لكن علينا هنا أن نجد العدو، كي نمنع تكرار مثل هذه الأحداث، وعندما نقول "من يقف خلف هذه الهجمات"، يظهر إلى الواجهة سريعا من يجيب بأنه حزب العمال الكردستاني، أو داعش، أو جماعة غولن، لكن كل المسؤولين في الدولة ورجال الإعلام والمتابعين والمحللين يشيرون إلى أصابع "خلفية" تستخدم هذه الأدوات والجماعات.
يهدف هذا الهجوم الإرهابي إلى "ضرب تركيا"، ومحاولة توجيه تحذيرات شديدة اللهجة للدور التي تقوم به تركيا في المنطقة تحت قيادة اردوغان. ولا شك بأنّ الرأي العام التركي بدأ يزداد غضبا على الغرب، ويعتقد بأنّ دولا غربية تقود هذه الهجمات الإرهابية وتحركها ضد تركيا، برغم ورود رسائل تضامنية وتشجب وتستنكر هذا الحدث من دول الاتحاد الأوروبي ومن المسؤولين الأمريكان.
أشار استطلاع رأي نشرته صحيفة "ملييت" التركية، إلى أنّ 4 من كل 5 أتراك لا يرون أمريكا بأنها حليف لتركيا، و3 من كل 5 لا يعتقدون بأنّ الاتحاد الأوروبي حليف لتركيا، وبرغم هذه الاستطلاعات، فإنّ هناك أحزابا ورؤساء أحزاب وسياسيين يرون بأنه يتوجب على الدولة التركية الاستمرار في الحوار مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا.
نحن وصلنا اليوم إلى مرحلة تعيش فيها العلاقات التركية-الغربية حالة توتر شديد. ولو نظرنا إلى الماضي لوجدنا أنّ حزب العدالة والتنمية لم يتصرف يوما بناء على سياسات "معادية للغرب"، بل على العكس من ذلك، وخلافا لحزب الرفاه، اتخذ حزب العدالة والتنمية طريقا أسسه عبر علاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي ومع أمريكا، وكان هذا الأمر ملفا للنظر، أنْ يقوم حزب بجذور إسلامية بفتح علاقات طيبة وإيجابية مع الدول الغربية، وكان يقود أردوغان هذا الأمر تحت عنوان "تحالف الحضارات".
لكن بعد ذلك بدأت الانشقاقات والخلافات، وبدأ الغرب يعتقد بأنّ "الإسلامي أردوغان" يريد بناء هيمنته وسيطرته مجددا في العالم الإسلامي، واعتقدوا في السابق بأنّ أردوغان سيكون "أداة إسلامية" جيدة بيدهم، لكن حساباتهم كانت خاطئة، لأنّ أردوغان فرض أنْ يكون الحوار ندا للند، بل لطالما انتقد أردوغان الغرب بصورة علنية وأمام العالم أجمع.
ولذلك لم يتخل الغرب عن كبره، وعاد سريعا من أجل إعادة تركيا وجعلها تدخل تحت السيطرة وتحت تصرف القوى الاستعمارية التي سيطرت على المنطقة لمدة قرن، وأراد الغرب الإطاحة بأردوغان وبالإسلاميين مجددا، برغم أنهم وصلوا عن طريق الديمقراطية، وهذا الأمر قاموا به أولا في الجزائر، ثم في فلسطين، ثم يريدون القيام به في تركيا، ولاحقا بعد الربيع العربي قاموا بذلك في مصر.
واليوم يتبعون سياسة "قطع الطريق" على أردوغان، ويوجهون رسائل للدولة التركية باستخدام إرهاب حزب العمال الكردستاني وداعش، ووصل الأمر بهم إلى محاولة الانقلاب العسكري في 15 تموز/ يوليو، وبعد فشل محاولتهم، يريدون تدفيع الثمن لأردوغان.
وأنا هنا أوجه رسالتي إلى أمريكا والاتحاد الأوروبي:
ضعوا عقولكم في رؤوسكم، العالم الإسلامي اليوم وتركيا، كما قال أردوغان، ليس كما كان عليه عام 1918، ومن الممكن التحاور معكم لكن ندا بند وتبادل للمصالح، أما السيطرة والهيمنة فقد ولى زمانها، ولا يُمكن القبول بذلك لا على مستوى الدول ولا على مستوى الشعوب، ولا حتى بالقوة.
لا يُمكنكم تحقيق نتائج من خلال العثور على خونة من داخل الوطن، والشعب اليوم واعٍ تماما ويدرك تفاصيل الأمور، ولذلك فإنّ القضية اليوم ليست قضية رجب طيب أردوغان فقط، وإنما أعمق بكثير من ذلك، ومتعمقة جدا في وعي وإدراك الشعب والأمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس