علي خيري - ترك برس
هل تصدق أنك ستموت؟ ما أحوجنا لطرح مثل هذة الأسئلة على ذواتنا الملهية في الفرجة على طاحونة الموت دونما أي تفكير في أنها ستكون وقودا لهذة الطاحونة يوما ما.
السنوات كأسنان سير مركب على موتور الزمن الذي لا يتوقف عن الدوران، ذلك السير الذي يقربنا إلى تلك الطاحونة ببطئ شديد لدرجة أننا لا نشعر بحركتها إلى أن نتفاجا بأنفسنا ننسحق تحتها.
الأسئلة التي قد تبدو لك أنها بديهية، قد تتفاجأ يوما ما أنك لم تسألها لنفسك أبدا لظنك أنها بديهية ومسلم بها، ولكن صدقني أنك عندما تفكر فيها جيدا، وتسألها لنفسك ستغير في نفسك اشياء مهمة وخطيرة.
وبالرجوع إلى سؤال الموت أجد نفسى لم أفكر كثيرا في مسألة الموت، على الرغم من أننا مأمورين بتذكره باستمرار، ولكني لاحظت أن أغلب الناس ينسوا أو يتناسوا مسألة الموت، والدليل على ذلك أنهم لو كانوا يتذكرون أن الموت سيزورهم ويترك أجسادهم بلا أرواح لما أقترفوا المصائب التي زكمت رائحتها أنوفهم.
ولكن لماذا يجب أن نتذكر الموت باستمرار؟ قد تكون أحد الأجابات لهذا السؤال الصعب، أن الموت يعمر الأرض، فالموت يا صديقي يذكرنا دائما أن وقتنا محدود على هذة الأرض، وهذا الوقت المحدود يشكل أكبر دافع لأصحاب الطموح الذين يريدون ترك أثر في هذة الأرض ليعرف من بعدهم أنهم كانوا هنا، ولهذا المعنى ألمح أمير الشعراء أحمد شوقى في قوله: وكن رجلا إذا أتوا بعده يقولون مر وهذا الأثر.
والرغبة في ترك أثر في الأرض تختلف أسبابها من شخص لأخر، فقد يكون هذا الدافع لغرض ديني من باب أن يترك الإنسان عملا صالح ينتفع به كما أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد يكون الدافع هو الرغبة في خلود الأسم في كتب التاريخ، والذي تستجلبه الأعمال العظيمة.
وهل يصح أن يمر علينا مرور الكرام أن الكثير من عظماء العالم، إذا نظرت إلى حجم الإنجازات التي قاموا بها وعدد السنين التي عاشوها ستصدم بكل تأكيد فمن يتصور أن السلطان محمد الفاتح مات ولم يتمم سن الخمسين وهو الرجل الذي هز العالم وأخضعه طولا وعرضا، ومن يصدق أن صحابي بحجم سعد بن معاذ أستشهد وهو أبن سبع وثلاثين سنة، قضى منهم في الإسلام فقط 6 سنوات، ومن يعلم أن الأسكندر الأكبر مات وهو شاب ثلاثيني.
قد تقول إن تذكر الإنسان للموت بإستمرار قد يؤدي إلى أثر عكسي، فقد ينظر بعض الأشخاص إلى حياته على إنها فرصة للعب من الملذات والمسرات دون أن يفكر أبدا في ترك هذا الأثر الذي تتحدث عنه، وقد يفكر في أن الدنيا لا تستحق أن يعمر فيها أي شئ طالما أنه سيتركها في أي وقت، دون أن يستفيد من هذا الإعمار الذي أرهق نفسه فيه.
وهنا سأرد عليك قائلا: يا صديقي ومتى قامت الدنيا ومصالح العباد على مثل هؤلاء الأشخاص الأنانيون الذين لا ينظرون إلا إلى ذواتهم وملذاتهم اللحظية، وهل أمثال هؤلاء هم من يعمرون الأرض ويؤسسون البلاد، المصلحون ومعمري الأرض الذين أدركوا قيمة الوقت هم وحدهم من أستطاعوا قهر الموت، فهو لم ينجح أبدا في القضاء على سيرهم وأعمالهم ولكن هذا الأمر لم يكن مجاني أبدا.
نعم لم يكن ترك علامة في هذة الحياة، شيئا مجانيا في حياة أي عظيم من العظماء الذين ظلوا في دنيانا بأعمالهم العظيمة وذكرهم الحسن على الرغم من رحيل أشخاصهم عن الدنيا، فالمتأمل في سير هؤلاء العظماء يجدها تذخر بالتضحيات والمعاناه، التي دفعوها ثمنا لسيرتهم الحسنة والأثر الطيب الذي تركوه في هذة الدنيا.
لذلك يجب على كل واحد فينا أن يسأل نفسه إذا مت الأن فهل سيقولوا عنه مر هنا وهذا الأثر، أم أن غيابه من الحياة سيتساوى مع وجوده فيها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس