منصور أق غون- صحيفة قرار - ترجمة وتحرير ترك برس
لسنا محيطين بالأسباب الحقيقية التي أدّت بالتحالف الذي تقوده السعودية، إلى فرض عقوبات على قطر، إضافةً إلى عدم معرفتنا بما يدور في رأس الجهات التي تقع في موضع اتخاذ القرارات في هذا الصدد. لكن الاحتمالات المتوقعة حول هذه الأسباب تتراوح من احتمال صراع القوة داخل القصر إلى احتمال نقل النزاعات الموجودة في منطقة الخليج إلى محور واحد. يربط البعض هذه الأسباب بالعوامل الخارجية أو زيارة ترامب الأخيرة إلى الرياض، في حين يربطها آخرون بالانتقام من الأحداث التي جرت عبر التاريخ.
لكن مهما اختلفت الأسباب فإن النتيحة واحدة. يشكل ضغط التحالف الذي تقوده السعودية على الحكومة القطرية خطراً كبيراً يهدد استقرار المنطقة. يبدو أن هذا الخطر سيستمر لفترة طويلة مؤثراً على جميع دول المنطقة بما فيهم تركيا. لأن التحالف الذي تقوده السعودية لا يظهر أي نوايا تميل إلى الصلح أو التنازل عن بعض العقوبات، في حين تبدو قطر مصممةً على عدم الاستسلام أمام قائمة العقوبات التي فرضها التحالف عليها.
إذاً ماذا سيحدث في هذه الظروف؟ .. يشغل الاحتلال العسكري المركز الأول ضمن قائمة الاحتمالات، ولكن لن يكون احتلال قطر أمراً سهلاً للغاية. من الصحيح أن قطر لا تملك قوة ردع عسكرية كبيرة، إلا أنها تحافظ على قوة مركزها السياسي. إذ تشكل قناة الجزيرة لوحدها وسيلة ردع مهمة نظراً إلى قوتها الإعلامية. لن ترغب الرياض، القاهرة، أمريكا وأوروبا بمواجهة الرأي العام. وعلاوة على ذلك، ستتذكر العاصمتان عاقبة الرئيس العراقي صدام حسين بسبب أزمة الكويت.
بالنسبة إلى الاحتمال الثاني فهو التحريض على الانقلاب في قطر من خلال الضغط على قطر عن طريق الحصار والعقوبات وبالتالي دفع الجهات غير الراضية عن السياسة التي تمارسها قطر إلى الانقلاب على أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وبالتالي الإطاحة بوالده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي يُعدّ مؤسس السياسة التي يمارسها الأمير تميم.
حسب ما كتبه "سايمون أندرسون" على صحيفة "فوريجن بوليسي"، تعرض خليفة آل ثاني لمثل هذه المؤامرة في الماضي، إلا أنها لم تصل إلى النجاح. إذ قامت السعودية، البحرين والإمارات بتسليح المئات من العشائر للتخلص من خليفة آل ثاني عقب وراثته للحكم من والده في سنة 1995، لكنه لاحظ وجود المؤامرة في اللحظات الأخيرة وتمكن من التصدي لها.
والأمر المثير للاهتمام هو أن أمريكا فضّلت الحفاظ على صمتها في تلك الفترة أيضاً، متحججةً بأنها لم ترغب في إغضاب السعوديين. كما ذكر أندرسون أن عشيرة آل ثاني التي ينتسب إليها الأمير آل ثاني الأب لم تبايعه بشكل كامل، في حين أكد على أن ولاء العشيرة للأمير آل ثاني الابن كان أقل بكثير من عهد والده، مشيراً إلى أن السبب في ذلك يعود إلى انتساب والداتا كلا الأميرين الأب والابن إلى عشائر مختلفة.
لذلك تطرق أندرسون الذي ينتمي إلى مؤسسة "معهد واشنطن" الباحثة في أمور المنطقة إلى ذكر وجود احتمال استعداد الرياض وأبو ظبي لتنفيذ انقلاب في الدوحة. في حين أشار إلى عدم رغبة الشعب القطري في الاتفاق مع إيران والدخول في صراع ضد السعودية، ملمحاً عن احتمال اكتساب الانقلاب لطابع الشرعية.
لهذا السبب تزداد أهمية الوجود العسكري لتركيا في قطر. إذ إن هذا الوجود قد لا يملك إمكانات تسمح له بالوقوف في وجه الاحتلال العسكري، ولكنه يحمل قوة يمكنها إجبار الجهات التي تجهز أساساً لتنفيذ انقلاب في قطر على إعادة النظر فيما تخطط له مرةً أخرى.
قد يكون السبب الرئيسي في وجود طلب انسحاب القوات التركية من قطر ضمن قائمة المطالب التي رفعها التحالف الذي تقوده السعودية إلى قطر، هو نظر السعودية إلى الوجود التركي في الدوحة على أنه يشكل عائقاً أمام ما تخطط لتنفيذه في قطر، وليس لتشكيله عاملاً يحقق التوازن بالنسبة إلى إيران. إذا كان هذا الاحتمال صحيحاً، فإن ازدياد التوتر في إطار العلاقات التركية-السعودية سيصبح أمراً لا مفر منه.
نأمل أن تكون هذه الاحتمالات مجرد تكهنات حول المستقبل. وإن لم تكن كذلك، فنحن متأكدون من أن التحالف الذي تقوده السعودية سيدرك أن خيار الانقلاب ليس خياراً صائباً قبل أن يفوته قطار العودة. كما نأمل أن تصل جميع الأطراف إلى حل مشترك ومعقول، وبقاء الوجود العسكري لتركيا في الدوحة رمزاً لدعم تحقيق الاستقرار في العالم الإسلامي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس