ترك برس
بعد أكثر من ست سنوات على اندلاع الثورة السورية نجح اللاجئون السوريون في تركيا الذين يناهز عددهم ثلاثة ملايين لاجئ في تغيير المفهوم الشائع حول اللجوء، فلم يعد هؤلاء حملا ثقيلا على البلد المضيف، بل صاروا يساهمون مساهمة كبيرة في الاقتصاد التركي، سواء من خلال المشاريع التي أقاموها أو من خلال عملهم في المصانع والشركات التركية.
وقد تناول تقرير لموقع الجزيرة الإنجليزي قصص نجاح السوريين في مدينة غازي عنتاب التركية على الحدود السورية، أولهما لأسماء جحا التي كانت تعمل مديرة لمدرسة في حلب قبل أن تبدأ الحرب، وتلجأ إلى تركيا حيث افتتحت روضة للأطفال في غازي عنتاب.
تقول أسماء: "عندما كنت أنظر إلى عيون الأطفال السوريين، كنت أشعر بالخوف. كنت أتساءل كيف يشعرون عندما يكبرون، وهل أديت واجبي بصفتي معلمة نحوهم أم لا".
تقدم الروضة دورات للأطفال والكبار السوريين بثلاث لغات: التركية والإنجليزية والعربية. وعن السبب في تقديم دروس باللغة العربية للطلاب رغم أنها لغتهم الأم، تقول أسماء جحا إن هذا القرار يستند إلى تجربة حديثة وشخصية.
وأوضحت أسماء "في يوم عيد الأم، كتب لي أطفالي بعض الرسائل بخط عربي جميل، لكنني صدمت لأنها تحتوي على بعض الأخطاء النحوية، وهذا ما جعلني أعتقد أنني يجب أن أبدأ بعض الدروس في اللغة العربية لأن هذه هي لغتنا الأصلية ويجب أن لا نهجرها".
حققت روضة الأطفال التي أقامتها أسماء من عام واحد نجاحا كبيرا، وأصبحت نموذجا يحتذى به في مجتمعها المحلي، وباتت مثالا على كيفية مساهمة رجال وسيدات الأعمال السوريين في الاقتصاد المحلي.
تقول أسماء "أريد أن أؤكد شيئا واحدا أن البشر، أينما كانوا، يجب أن يعملوا وينتجوا".
ويرى رامي شراق المدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي السوري، وهو منظمة غير حكومية غير ربحية تهدف إلى مساعدة اللاجئين السوريين إن كل استثمار سوري في تركيا يخلق فرص عمل لما لا يقل عن تسعة لاجئين سوريين.
ويقول إنه لا ينبغي اعتبار اللاجئين عبئا، بل ينبغي النظر إليهم بوصفهم مجموعة يمكن أن تحقق نموا اقتصاديا كبيرا لأنفسهم وللمجتمعات المضيفة لهم.
منذ عام 2011، بدأ السوريون في تركيا أكثر من 6000 شركة محلية، وفقا لتقرير جديد بعنوان "الجانب الآخر للقصة: تقييم سوق الشركات السورية في تركيا" أصدرته منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة الأمريكية تعمل في مجال بناء الأسواق الناشئة.
وأضاف التقرير أن هذه الشركات استثمرت بشكل جماعي أكثر من 300 مليون دولار في تركيا، وأنالفوائد التي يولدها رواد الأعمال السوريون ضرورية أيضا للمجتمعات المحلية المتأثرة بتدفق اللاجئين، والتي تعاني من مشاكل اقتصادية طويلة الأمد مثل البطالة "
وكان المنتدى الاقتصادي السوري قد أطلق في الربع الأخير من العام الماضي مشروعاً لمساعدة المستثمرين السوريين في تركيا، في شرعنة استثماراتهم قانونياً وحمايتها. والمشروع الذي حمل اسم "رخصتي" قد انطلق بداية في غازي عينتاب، جنوب تركيا، لكنه بدأ بالتوسع باتجاه مدن تركية أخرى، منها إسطنبول.
على أن هناك كثير من العقبات التي ما تزال تواجه اللاجئين السوريين في تركيا للدخول في سوق العمل، منها الحصول على تصريح للعمل، فمنذ عام 2016 وحتى الآن لم يصدر سوى 15 ألف تصريح فقط.
يقول مجاهد عقيل، وهو رجل أعمال سوري يعمل حاليا في غازي عنتاب: " المشكلة الرئيسة هنا في تركيا هي حاجز اللغة .بالنسبة إلى السوريين، فإن عدم القدرة على التحدث باللغة يؤثر في قدرتهم على دخول سوق العمل في تركيا، ولكني أعتقد أن من يعرفون اللغة يمكنهم دخول سوق العمل والحصول على تصريح عمل بسهولة".
عندما وصل مجاهد إلى غازي عنتاب، وجد صعوبة كبيرة في الحصول على عمل، لكنه بعد أن تعلم التركية أصبحت الأمور أسهل بالنسبة إليه، حيث فكر في إنشاء منصة لتقديم المعلومات باللغة العربية للسوريين في تركيا.
أطلق مجاهد عقيل شبكة " غربتنا " لمساعدة اللاجئين السوريين في العثور على عمل، كما أصبحت منصة انطلاق لتحقيق طموحاته التجارية، فأصبح يمتلك الآن العديد من الشركات، منها شركة لتقديم خدمات الترجمة للسوريين.
يقول مجاهد: "الرسالة التي أحاول دائما إيصالها في تركيا هي أنني لست مجرد لاجئ، وأن كوننا لاجئين أمر لا يدعو إلى الخجل".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!