ياسين أقطاي - تركيا نيوز 2023
تستضيف تركيا اليوم، 3 ملايين لاجئي سوري، ويستضيف لبنان 1.7 مليون لاجئ آخرين، والرقم نفسه في الأردن.
وبأسلوب مميز وفريد لا يمكن تخيله عند البعض، استطاعت تركيا أن تؤمن لضيوفها اللاجئين كل الخدمات الأساسية التي يحتاجونها من أجل حياة كريمة، خاصة التنظيم المتقن الفريد للمخيمات.
فمخيمات اللجوء التي أنشأتها هيئة إدارة الكوارث التركية "أفاد" على الحدود التركية السورية، تتصف بمواصفات عالية الجودة، وتؤمن كافة احتياجات سكانها، من التعليم للأطفال إلى كافة الخدمات الصحية، وهذا أمر لم نشهده في أي مكان في العالم حتى الآن.
في لبنان، يستضيف هذا البلد عددا من اللاجئين يوازي ثلث عدد سكانه، وعلاوة على ذلك لا يمكن مقارنة الوضع الاقتصادي في تركيا عما هو في لبنان، ذاك البلد الذي يستضيف عددا من اللاجئين السوريين لا تستقبل مثله أي دولة أوروبية، كما في تركيا تماما.
يجب أن نعرف جيدًأ عن الرزق بيد الله تعالى، وكل قادم من مكان ما سيأتي ورزقه معه، ويجب التعامل مع اللاجئين في عالمنا الإسلامي على هذا الأساس وبإيماننا بالله تعالى.
في لبنان، حتى لو أيقن الجميع أن أزمة اللجوء هي من أمر الله تعالى أيضًا، إلا أنهم لن يفضلوا أن تستمر على المدى الطويل، بسبب القلقل من احتمال وقوع تغير ديمغرافي لصالح طرف على حساب آخر في هذا البلد.
وخاصة الأحزاب الشيعية والمسيحية، التي لا تخشى زيادة عدد السنة في لبنان، وإن رغبة البعض وحتى من السنة بإعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، ستكون أمرا مخالفا لحقوق الإنسان.
وبعد المحاضرة التي ألقيتها في لبنان، اجتمعنا مع السفير التركي في بيروت تشاغاطاي إرجييس ووزير شؤون اللاجئين اللبناني معين المرعبي، ورئيس لجنة الصداقة التركية اللبنانية في البرلمان اللبناني النائب محمد قباني، وحصلت مناقشات بهذا الخصوص.
وتم اقتراح أن يتم إعادة اللاجئين إلى بلادهم منعًا لأي تغيير ديمغرافي في سوريا، على أن تكون الإعادة تحت إشراف الأمم المتحدة.
للإشارة، أن اللاجئين السوريين في لبنان ليس لديهم مخيمات كما هو الحال في تركيا، بل مخيمات عشوائية منتشرة هنا وهناك، فإنها إن أصبحت مخيمات رسيمة معترف بها من قبل الحكومة، فإن القلق يراود المعنيين أن تتحول إلى مخيمات قائمة كمخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
ةلا ننسى هنا أن تركيا تقدم الدعم بشكل مستمر للاجئين السوريين في لبنان، ومنها ما قدمته السفارة التركية لأكثر من 5 آلاف و500 عائلة سورية في رمضان الماضي.
في تركيا ولبنان والأردن، النظرة واحدة للاجئين السوريين، بعيدة عن السلبيات، وبقدر ما تتعلق بأمور ثقافية إلا أنها أيضا متصلة بعلم الاجتماعي والسياسة.
وعلى سبيل المثال فإن تركيا حين تستقبل اللاجئين فإنها لا تنظر إلى دينهم أو طائفتهم أو عرقهم أو مستواهم الاجتماعي والاقتصادي، على عكس الحال في أوروبا التي تميز لناحية الدين و العرق، كأن يكون اللاجئون مسيجيين أو أكرادًا.
يجب أن نكون على دراية أن موجة اللجوء لا يمكن أن تضعف بلدًا مثل تركيا، بل على العكس تقويه أكثر، وهذا الأمر ثابت عبر التاريخ، مع الدولة السلجوقية، وكذلك مع الدولة العثمانية، واليوم يتكرر مع الجمهورية الحديثة.
التاريخ يعيد نفسه، فلنقم بواجباتنا وما هو واقع علينا، وما هو نابع من إنسانيتنا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس