ترك برس
مع تصاعد التوتر بين تركيا والولايات المتحدة على خلفية إعلان واشنطن تأسيس قوة حدودية، وتهديد تركيا بشن عمل عسكري، رأى محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة هآرتس أنه إن لم يتوصل فورا إلى حل دبلوماسي لهذه الأزمة، فإن سوريا ستشهد حربا من نوع جديد،.لن تكون حربا بين تركيا والأكراد فحسب، بل أيضا معركة سياسية صعبة بين واشنطن وأنقرة يمكن أن تسبب قطيعة حقيقية في العلاقات بين الدولتين.
ولفت تسفي برئيل في تعليقه إلى ما كتبه إلينور تشفيك مستشار الرئيس التركي هذا الأسبوع من أن "الولايات المتحدة تخاطر باجتياح تركيا لسوريا، على غرار نموذج غزوها قبرص عام 1974، ففي ذلك الوقت سخرت القوى الكبرى من التحذير التركي ولم تأخذه على محمل الجد، ولكن تركيا اليوم أقوى بكثير ولديها موارد كبيرة، في وقت يخسر فيه الأمريكيون في كل العالم".
وعلق برئيل على ما كتبه تشفيك بأن هذا التحذير غريب نوعا ما، لأن تركيا هي التي يجب أن تقلق من القطيعة مع الولايات المتحدة وليس العكس، خاصة بالنظر إلى احتمال أن تفرض الإدارة الأمريكية عقوبات على تركيا بسبب حصولها على صواريخ S-400 الروسية التي تصنعها شركة مدرجة في قائمة العقوبات الأمريكية. إلى جانب إدانة بنك تركي بتجاوز العقوبات المفروضة على ايران.
ولكن المعلق الإسرائيلي لفت إلى أن تركيا لديها بالفعل القدرة العسكرية على اجتياح التجمعات الكردية في عفرين ومنبج المحاذيتين لحدودها واحتلالهما، وحتى توجيه سهام النقد إلى الولايات المتحدة بسبب مساعدتها للوحدات الكردية. وعلاوة على ذلك، أوضحت الولايات المتحدة أن بلدتي عفرين ومنبج لا تقعان ضمن منطقة نشاط التحالف، أي أن الولايات المتحدة لن تتدخل إذا قررت تركيا غزوها.
معضلة معارضة روسيا للعملية التركية
ووفقا لبرئيل، تواجه تركيا معضلة موافقة روسيا على هذه العملية العسكرية، لأن هذه المناطق تخضع فعلا لحماية روسيا التي دعت ممثلي المنظمات الكردية للمشاركة في مؤتمر سوتشي، لمناقشة المناطق الأمنية وتعزيز الحل السياسي، في تناقض حاد مع موقف تركيا ومطالبها التي تعد الميليشيات الكردية منظمات إرهابية. وعلاوة على ذلك فقد توصل النظام السوري، بدعم روسي، إلى تفاهمات مع الأكراد لإنشاء منطقة أمنية كردية حول منبج بعد أن هددت تركيا باحتلال المدينة.
وتساءل هل يعكس تحذير رئيس النظام السوري بالتصدي للاجتياح التركي موقف روسيا؟ ويجيب أن هذا ما يحاول معرفته رئيس الأركان التركي الجنرال خلوصي أكار ورئيس الاستخبارات هاكان فيدان الموجودان حاليا في موسكو، لبحث ما تعتزم روسيا القيام به في حال شن هجوم على الأكراد، للحصول على إذن روسي للعمل ضد الميليشيات الكردية، على غرار التفاهم الذي حصلت عليه إسرائيل لمهاجمة أهداف لحزب الله في سوريا.
وشكك برئيل في أن توافق روسيا على الهجوم التركي، معللا ذلك بأنها تعارض تقسيم سوريا، ولأنها تعترف بأن استقرار سوريا يعتمد، من بين ما يعتمد، على التعاون مع الأكراد، وبالتالي فإن موافقتها على هجوم تركي من شأنه أن يعوق الحل السياسي الذي تسعى إلى تحقيقه.
ووفقا لأحد السيناريوهات الروسية المطروحة، سيكون الأكراد قادرين على التمتع بالاستقلال السياسي والثقافي، ولكن عليهم أن يكونوا جزءا من الدولة السورية وأن يلتزموا بالقانون السوري والدستور الذي سيصاغ بعد الحرب.
وأضاف أن هذا السيناريو يتطلب من روسيا أن تعيق رغبة تركيا في تدمير الوجود العسكري الكردي، والتوصل في المقابل إلى اتفاق مع الأكراد حول كيفية العمل على طول الحدود التركية. ومثل هذه الخطوة تتطلب من الأكراد أن يختاروا بين الولايات المتحدة التي تواصل تمويلهم وتسليحهم، وتضمن في واقع الأمر بقاءهم العسكري، وروسيا، التي تعرض لهم شراكة في العملية السياسية.
خلافات الأكراد الداخلية تنذر بحرب أهلية
ووفقا لبرئيل لا يوجد توافق بين الأكراد حول حسم موقفهم من الانضمام إلى روسيا أو الولايات المتحدة، أو اتفاق حول الحل السياسي الذي يفضلونه في سوريا، وكيفية إدارة مناطقهم المقسمة جغرافيا.
ولفت في هذا الصدد إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعد القوة السياسية المهيمنة، لا يمثل جميع السكان الأكراد في شمال سوريا، وهو أبعد ما يكون عن الديمقراطية، بعد أن قبض على بعض خصومه واضطر بعضهم للفرار. كما أن الحزب يجد صعوبة في توحيد المناطق الكردية في شمال سوريا، ويختلف أيديولوجيا مع الأحزاب الكردية خارج سوريا.
ويعرض برئيل في ختام تعليقه لسيناريو يطرحه بعض المعلقين السوريين الأكراد بعد انتهاء الحرب السورية، حيث يتوقعون اندلاع حرب أهلية كردية في سوريا، على غرار الحرب التي اندلعت بين الحزبين الكرديين في شمال العراق المنطقة الكردية في العراق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!