صحيفة فاستنيك كافكاز الروسية - ترجمة وتحرير ترك برس
تسعى تركيا إلى زيادة حجم نفوذها في أفريقيا، ولعل ذلك ما تؤكده جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في محاولة جديدة لاكتساب موطئ قدم في القارة السمراء. ووفقا لما أكدته وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، توجه أردوغان يوم أمس إلى جوهانسبرغ في إطار جولة رسمية ستدوم أربعة أيام، لحضور قمة بريكس التي ستجمع رؤساء دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
في وقت لاحق، سيزور أردوغان زامبيا لمناقشة بعض القضايا التجارية، علما وأن هذه أول زيارة رسمية يقوم بها الرئيس التركي إلى هذا البلد الإفريقي. ومن المتوقع أن تنظم العديد من الزيارات من هذا النوع في المستقبل، نظرا لتنامي النفوذ التركي السريع في القارة السمراء. وفي الحقيقة، يعتبر الرئيس التركي أفريقيا من بين أولوياته في السياسة الخارجية، الهادفة إلى إقامة علاقات جديدة مع الاقتصادات النامية.
على مدى 15 سنة، زار أردوغان 23 دولة أفريقية، ويعتبر هذا رقما قياسيا بالنسبة لزعيم غير أفريقي، ما يشير إلى الأهمية الاستراتيجية التي توليها أنقرة للقارة الأفريقية. وقد تم توقيع العديد من الاتفاقات الثنائية بين تركيا وعدد من الدول الأفريقية. كما تدير الوكالة التركية للتعاون والتنسيق 21 مكتبا في جميع أنحاء القارة، وتقوم بتنفيذ مجموعة واسعة من المشاريع التنموية والإنسانية، بالإضافة إلى تلقي حوالي خمسة آلاف طالب أفريقي منحا للدراسة في تركيا.
بالعودة إلى التاريخ، حكمت الإمبراطورية العثمانية أجزاء من الشرق الأوسط لأكثر من خمسة قرون، كما وصل حكمها إلى منطقة شمال أفريقيا. وبعد وصول حزب العدالة والتنمية وأردوغان إلى السلطة سنة 2002، أصبحت تركيا مرة أخرى أكثر نشاطا في القارة الأفريقية، حيث ساهمت في بعث مشاريع تنموية تصل قيمتها إلى 800 مليون دولار.
خلال سنة 2002، اتبعت أنقرة سياسة تعتمد على توسيع العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية مع مختلف دول القارة. وفي الوقت الحالي، توجد 41 سفارة تركية في أفريقيا، كما تم افتتاح سفارتين في سيراليون وغينيا الاستوائية. في المقابل، افتتحت 32 دولة أفريقية فقط سفاراتها في العاصمة التركية في فترة تقل عن عشر سنوات.
والجدير بالذكر أن معظم كبار الشخصيات التي شاركت في حفل تنصيب الرئيس التركي بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة، كانت من دول أفريقية. وفي الآونة الأخيرة، أضافت الخطوط الجوية التركية وجهاتأفريقية جديدة مما جعل العدد الإجمالي للرحلات نحو أفريقيا يصل إلى 52 رحلة. ووفقا للخبراء، فإن إقحام تركيا في بعض الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، لم يصرف انتباهها عن الاهتمام بتعزيز نفوذها في أفريقيا.
في المقابل، يؤكد الأستاذ من جامعة ابن خلدون في إسطنبول، خليل إبراهيم أليغوز: "أعتقد أن اهتمام تركيا بأفريقيا يكتسب زخما. وتعتبر هذه الزيارة إلى أفريقيا من أولى الزيارات الرسمية منذ انتخابه من جديد، ما يؤكد الأهمية القصوى التي يوليها أردوغان للقارة السمراء". ويبدو أن تركيا تحاول احتلال مكانتها الصحيحة في هذا الجزء من العالم باستخدام المشاريع التنموية والدبلوماسية والإنسانية.
من جهته، أكد الرئيس التركي "لن نحصل على الذهب والموارد الطبيعية من أفريقيا مثلما فعل الغرب في الماضي، وإنما سنذهب إلى هناك لإقامة شراكة مستدامة قائمة على المنفعة المتبادلة". غالبا ما يدعو أردوغان الدول الغربية لإعادة النظر في علاقاتها مع بقية دول العالم وإقامة شراكة جديدة تقوم على المنفعة المتبادلة بدلا من الطموحات الاستعمارية.
خلال سنة 2017، بلع حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول القارة الأفريقية نحو 20 مليار دولار، محققة زيادة بخمسة أضعاف مقارنة بسنة 2003. ومن الممكن مضاعفة هذا الرقم في حال تعاونت تركيا مع الصين التي تعتبر واحدة من أكبر المستثمرين في القارة السمراء. وأضاف الخبير التركي أليغور "لا أرى أي عقبة أمام التعاون الصيني التركي فيما يتعلق بأفريقيا".
أكد المحاضر في جامعة كوتش في إسطنبول، ألتاي أتلي، أنه "في الوقت الذي يخوض فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حربا تجارية، تتيح أفريقيا فرصا تجارية متنوعة". وأضاف ألتاي أتلي أن "سياسة "أمريكا أولا" غير مقبولة في التجارة العالمية، ويبدو أن الولايات المتحدة قد نسيت أفريقيا. في الأثناء، يتزايد نفوذ تركيا في أفريقيا، خاصة وأنه لديها العديد من الدوافع لدعم وجودها في هذه المنطقة من العالم خاصة على المستوى الثقافي والجيوسياسي والاقتصادي".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!