إسماعيل قابان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس
الانفتاح التركي على القارة الأفريقية والذي بدأ منذ ما يقارب العشر سنوات، يأتي بنتائج إيجابية على كافّة الأصعدة. لكنّ هذه النّتائج سوف تتّضح بشكل ملموس في المستقبل القريب.
عندما قام الرئيس أردوغان مع أفراد عائلته وحشدٍ كبيرٍ من الوزراء ورجال الأعمال بزيارة العاصمة الصّومالية في شهر آب/ أغسطس من العام 2011، كانت هذه البقعة الجغرافية تلتهب نتيجة الصّراعات والمشاحنات بين المجموعات المختلفة. فمنذ ما يقارب العشرين عام، لم تشهد الصّومال حالة استقرار. فترى المجموعات المسلّحة تحارب بعضها البعض لأسبابٍ مجهولة لا يعرفها أحد، وانعدمت سلطة الدّولة في هذا البلد نتيجة لهذه الصّراعات.
وفي ظلّ هذه الأوضاع الملتهبة في تلك الدّولة، قام الرئيس أردوغان وبصفته رئيساً للوزراء آنذاك بإجراء زيارةٍ رسمية، كانت بمثابة حملةٍ سياسية تركية إلى الصّومال. فقد كانت الأوضاع سيّئة إلى درجة أنّ هبوط الطّائرة التي كانت تُقِلّ الوفد التركي كان يحمل مخاطر كثيرة. إلّا أنّ أردوغان أصرّ حينها على زيارة هذه الدّولة على الرّغم من كلّ المخاطر الموجودة فيها.
وإنّنا في هذه الأيام نلاحظ مدى صوابية القرار الذي اتّخذه أردوغان آنذاك عندما قرّر الذهاب إلى هذا البلد على الرّغم من المخاطر الجمّة الّتي قد تترتّب عليه. كما أنّنا بدأنا نقطف ثمار تلك الزّيارة في هذه الأيام وسنتابع قطف المزيد منها خلال المستقبل القريب.
ذكّرتنا الزّيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس رجب طيب أردوغان إلى القارة الأفريقية بمقولته الشّهيرة: "إنّ المكان الذي لا تستطيع أن تصله لا يمكن أن يكون لك"، فقد تضمّنت هذه العبارة معانٍ عميقة.
نعم. جاءت زيارة الرئيس أردوغان بعد أربعة سنين إلى الصّومال بمثابة إثبات للوجود التركي في هذه المناطق، لا سيما أنّ دولة اليمن التي تُعدّ جارة الصّومال والتي تشرف على أهم الطّرق التّجارية البحرية في تلك المنطقة مثل مضيق باب المندب وخليج عدن، تتعرّض في هذه الأيام إلى هجمات الحوثيّين المدعومين من قِبل الإيرانيّين.
بالإضافة إلى ما ذكرناه، فقد قامت القوى العالمية الخفية إلى عرقلة هذه الزّيارة من خلال تحريض التنظيمات الإرهابية التي ترعرعت ونشأت نتيجة وجود تنظيم القاعدة في تلك المناطق، حيث عملت هذه التنظيمات على منع إجراء الرئيس أردوغان لهذه الزّيارة إلى العاصمة الصّومالية مقديشو. فقد قامت ميليشيات تنظيم الشّباب الإرهابي بتفجير سيارةٍ مفخّخة بالقرب من الفندق الذي نزل فيه الوفد التركي قبيل زيارة الرئيس أردوغان إلى العاصمة مقديشو. لكن على الرّغم من هذا التّفجير الدّموي والتّهديد الخطير، أصرّ الرئيس أردوغان على متابعة زيارته المقرّرة إلى هذه الدّولة.
لقد تركت الدّولة التركية في الصّومال آثاراً من الصّعب على أحد محوها وإزالتها. وإنّ الآثار الإيجابية لهذه الزّيارة ظاهرة للعيان والكلّ بات يعرف أهميّة زيارة أردوغان للقارة الأفريقية عامّةً ولدولة الصّومال على وجه التّحديد.
إنّ ما يجري في الصّومال، هو إعادة بناء هيكليّة الدّولة من جديد. وتتزعّم تركيا عملية البناء هذه.
ولكي نستطيع فهم الأهمية جغرافيا وسياسة الصّومال بالنسبة للمحيط الهندي والقارة الأفريقية، علينا أن نقرأ مجلّداتٍ حول هذا الموضوع. كما أنّ هناك أبعاداً تاريخية لهذه الأهمية.
وكان الرّئيس أردوغان قد قام بحملةٍ مماثلة لإقليم دارفور السّوداني عام 2006. حيث ما زال الرئيس أردوغان أوّل زعيم عالمي، يطأُ أرض دارفور حتّى هذه اللحظة.
وفي هذا الصّدد، لا بدّ لنا أنّ نذكر أهميّة دولة السّودان أيضاً. فالدّولة العثمانية عندما أعلنت الجهاد عام 1914، كان سلطان إقليم دارفور آنذاك "علي دينار" من أوائل من لبّوا النّداء العثماني. حيث قال آنذاك مقولته الشّهيرة: " نحن نتواجد في أي مكانٍ يدعونا إليه العثمانيّون".
إضافة إلى ذلك فقد استشهد الكثير من الإخوة السودانيين في سبيل الدّفاع عن تراب الأناضول أثناء الحرب العالمية الأولى. فكيف لنا أن ننسى كلّ هذه التّضحيات.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس