إبراهيم العلبي - الخليج أونلاين
بعد تسلم الملك سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم في السعودية، تحركت المياه الراكدة في عدة ملفات، وتتطلع أنظار المراقبين إلى العلاقات الخارجية، كأبرز الملفات التي قد تشهد تغييراً جوهرياً، لا سيما على صعيد العلاقات السعودية التركية، فهل نشهد زيارة للملك سلمان إلى أنقرة قريباً؟
لا يخفى أن توتراً غير معلن طبع العلاقات الثنائية بين أنقرة والرياض، على خلفية الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، عام 2013، وهو ما رفضت تركيا الاعتراف به، في حين دعمته المملكة، فيما اعتبرته تأييداً لرغبة الشعب المصري.
تقارب متوقع
وفي مؤشرات أولية على تقارب متوقع في السياسة الخارجية للرياض تجاه أنقرة، بعكس العلاقة التي سادت بينهما خلال العامين الماضيين، وصلت إلى ميناء جدة الإسلامي فرقاطة حربية تركية، في خطوة هي الأولى من نوعها، ضمن جهود تعزيز العلاقات الثنائية مع السعودية، والترويج لأول سفينة تركية حربية محلية الصنع، حسبما أعلنت السفارة التركية بالرياض.
وقالت السفارة إن ميناء جدة يستقبل السفن الحربية التركية خلال الفترة من 31 يناير/ كانون الثاني، إلى 2 فبراير/ شباط، مشيراً إلى أن زيارة القطع التابعة للبحرية التركية للسعودية، تأتي ضمن إطار الأنشطة التي تنفذها في زيارة تبدأ من السعودية وتمر عبر كل من الموانئ البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب والخليج العربي.
وكان العاهل السعودي، الملك سلمان، قام بزيارة رسمية إلى تركيا، عندما كان ولياً للعهد، في 23 مايو/ أيار 2013، وقع خلالها اتفاقية للتعاون الصناعي الدفاعي بين السعودية وتركيا، في زيارة وصفها الجانبان بالتاريخية.
وعبر الملك سلمان خلال تلك الزيارة عن رغبة بلاده بتعميق العلاقات الثنائية، وأشاد بتقارب مواقفهما إزاء عدد من قضايا المنطقة، على رأسها الملف السوري والفلسطيني، ويضيف مراقبون إليهما ملف النفوذ الإيراني.
زيارة لم تستثمر
ولكن الزيارة التي أضافت زخماً جديداً للعلاقات بين البلدين، لم تستثمر نتائجها كما أراد لها الجانبان، نتيجة وقوع أحداث مصر في 30 يونيو/ حزيران 2013؛ أي بعد شهرين من تلك الزيارة، وتباين المواقف على إثرها.
ومن المرجح أن تبعث القوتان الإقليميتان الحياة فيما تم بناؤه خلال زيارة سلمان، عندما كان ولياً للعهد، إلى تركيا قبل ما يقرب من عامين، وذلك نظراً لتبدل موقعه، فهو اليوم صانع القرار الأول، ويبدو أن مقاربته للعلاقة مع تركيا ستنعكس قريباً في تحسن متسارع على هذا الصعيد.
ويبدو أن الأمير محمد بن نايف، وزير الداخلية، الذي عينه الملك ولياً لولي العهد، لا يزال، هو أيضاً، يحتفظ بعلاقة وثيقة مع كبار المسؤولين الأتراك، بحسب تقارير إعلامية.
وفي هذا الخصوص ذكر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، في تقرير له في صحيفة هافينغتون بوست، أن بن نايف "ربما ساءه ذلك الصدع الذي طرأ على العلاقات بين تركيا والمملكة العربية السعودية، إثر تفجر الثورات العربية في عام 2011"، مؤكداً أن "ولي ولي العهد السعودي سينطلق من علاقاته الشخصية لرأب الصدع وتجسير الهوة مع الأتراك".
ومما لا شك فيه، أن البلدين يحتاج كل منهما إلى الآخر، لاحتواء النفوذ الإيراني، الآخذ في الهيمنة على دول المنطقة، لا سيما في العراق واليمن ولبنان وسوريا، التي يعرف عن الملك سلمان أنه يتبنى موقفاً مشابهاً لموقف أنقرة لحل أزمتها المستمرة منذ أربعة أعوام.
مبادرة
وعكس ذهاب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى السعودية، لحضور مراسم جنازة الملك عبد الله وتقديم العزاء، بعد أن قطع زيارته إلى القرن الإفريقي، تلمس الدبلوماسية التركية لمدى التغيير المتوقع في سياسة المملكة تجاهها، وقررت أن تبادر بالتحية، منتظرة أن ترد لها التحية بمثلها أو بأحسن منها.
وكانت آخر زيارة للعاهل السعودي الراحل إلى تركيا في عام 2007، حيث أجرى عبد الله بن عبد العزيز، زيارة طغى عليها الطابع الاقتصادي، وسبقتها زيارة مماثلة في العام الذي سبقه، وتوقع مراقبون آنذاك أن يتشكل تحالف إقليمي تتصدره تركيا والسعودية، وهو ما حال دونه مواقف الديوان الملكي السابق المتشددة إزاء الثورات العربية، معلناً خصاماً صامتاً مع الصديق التركي، الذي لا يخفي على الدوام رغبته بتصحيح مسار العلاقات، من دون التنازل في الموقف من الربيع العربي "المشتعل".
فهل تشهد الأيام القادمة قيام التحالف الموعود، بين البلدين، على أساس التنسيق الكامل لاحتواء النفوذ الإيراني ووضع الخطط المطلوبة لإطفاء الحرائق المشتعلة في المنطقة؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس