ترك برس
أعلنت فرنسا نيّتها الإبقاء على قواتها في شمال سوريا على خلفية قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سحب قوات بلاده من الأراضي السورية، وأكّدت أنها بدأت محادثات مع واشنطن بشأن ظروف الانسحاب والجدول الزمني لتنفيذه.
وحسب وكالة رويترز، قال مصدر رئاسي فرنسي إن أعضاء من "قوات سوريا الديمقراطية" (التي يشكل حزب الاتحاد الديمقراطي PYD عمودها الفقري)، وهي شريك للولايات المتحدة في المنطقة، سيصلون إلى باريس الجمعة لإجراء محادثات مع مسؤولين بشأن الخطوة الجديدة.
وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان أن باريس وحلفاءها في التحالف بدأوا محادثات مع واشنطن بشأن الإطار الزمني وظروف سحب القوات الأمريكية.
وقالت إن باريس ستحرص على ضمان أمن جميع شركاء الولايات المتحدة في المنطقة ومنهم قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها (PYD) الذي يخشى هجوما من تركيا.
الصحفي والمحلل التركي رامي دامير، قال في حديث لصحيفة "عربي21"، تعليقا على الخبر، إن الإعلان الفرنسي بدعم قوات "قسد" الذي تصنفه تركيا "إرهابيا"، سيغضب بلا شك أنقرة.
وأوضح أن تركيا تصنف الوحدات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية منظمتين إرهابيتين، لا سيما أن الأخيرة بنظر أنقرة تمثل جناحا عسكريا لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا ومصنف على قائمة الإرهاب التركية.
وأكد أن العلاقات التركية الفرنسية ستتأثر بلا شك جراء إعلان فرنسا دعمها لـ"قسد"، رغم أن باريس شريك مهم لأنقرة، وفق قوله.
ولكنه أوضح أن الأمر سيتسبب في توتر في العلاقات لا سيما أن تركيا ترى بأن الأمر يعد تهديدا لأمنها القومي بسبب تهديد القوات الكردية المسلحة التي تصنفها إرهابية.
ولكنه لفت إلى أن فرنسا ليست في وضع يسمح لها بأن تقوم بهذا الدور، لا سيما أنها تعاني من مشاكل داخلية كبيرة، وليس الوقت مناسبا لتعقيد الأمور في الخارج، في ظل أزمة السترات الصفراء التي ستشتعل يوم غد أيضا.
وأكد دامير أن تصريح الرئاسة الفرنسية "خطير"، لا سيما في توقيته مع إعلان أمريكا خروج قواتها من سوريا، والتوتر التركي الأمريكي السابق بشأن دعم القوات الكردية المسلحة المعادية لتركيا.
وعبر دامير عن اعتقاده بأن فرنسا لن تتمكن من القيام بالدور الأمريكي ذاته في سوريا بعد انسحاب الأخيرة، مشيرا إلى تهديد تركيا لفرنسا سابقا بسبب دعم القوات الكردية المعادية لها.
في سياق متصل، قال أستاذ العلوم السياسية التركي الدكتور برهان كورأوغلو، إن الانسحاب الأمريكي "بالتأكيد أمر إيجابي لتركيا، لكن أنقرة تنتظر النتيجة النهائية قبل إعلان موقفها".
وأوضح كورأوغلو أن واشنطن "أعلنت رغبتها بالانسحاب مرارا من المنطقة، وفي كل مرة تتراجع، وتركيا تنظر بحذر إلى الإعلان الأمريكي، ولا تريد التسرع بإطلاق موقف مؤيد أو منتقد له، لأنها بانتظار ما سيجري للوحدات الانفصالية هناك".
وشدد على أن سحب أسلحة الوحدات الكردية وإخراجها من المنطقة بالتأكيد "سيعود بشكل إيجابي على تركيا وأمن حدودها، خاصة وأنها حصلت على تسليح جيد من واشنطن طيلة الفترة الماضية".
ولفت كورأوغلو، إلى أن هذا السلاح اليوم "بات قادرا على ضرب قوات الجيش الحر، المتعاونة مع تركيا، وحتى ضرب الأراضي التركية، والمطلوب من أمريكا اليوم، إنهاء هذه الحالة ووجود هذه القوات، لأن مبرر داعش انتهى".
لكنه في المقابل قال: "إن تم الانسحاب بالكامل وأبعدت تلك الوحدات المسلحة، فإن لذلك انعكاسات إيجابية على العلاقات بين واشنطن وأنقرة، ليس على صعيد الملف السوري فحسب، بل في العديد من الملفات، لكننا نريد شيئا ملموسا على الأرض".
من جانبه قال المحلل العسكري العقيد أحمد الحمادي، إن "حظوظ تركيا اليوم بالربح والخسارة باتت متساوية بعد إعلان ترامب المفاجئ"، وفق "عربي21".
وأوضح الحمادي أن الانسحاب إذا لم يكن مقننا ومتفقا عليه ودون ترك الساحة لقوة مسيطرة عليها، فالتوقعات أن تدخل تركيا سريعا لمنبج ومناطق شرقي الفرات الحدودية بعرض وعمق معقول لكونها مناطق مهمة للأمن التركي.
ولفت إلى أن "حشود تركيا جاهزة على الحدود، وتنتظر إشارة البدء للعملية، التي تعد ركيزة للأمن القومي التركي، وتريد أنقرة القيام بها لإبعاد تنظيمات إرهابية عن حدودها".
بالمقابل رأى العقيد الحمادي أن "القوات الروسية والنظام والمليشيات الإيرانية، التي تراها موسكو شرعية، تراقب الوضع وترغب بدخول المنطقة، وتسعى روسيا لتطبيق مع حصل في الجنوب على المناطق الشمالية، عبر تأمين الحدود بضمانتها وإنهاء ذريعة دخول تركيا، وهناك العديد من السيناريوهات التي يمكن أن تجري لترتيب المنطقة أمنيا، بما يخدم المطلب التركي لتأمين الحدود".
وشدد على أن انسحاب أمريكا، وحلول قوات النظام وغيرها في الشمال، "لا ينهي المشكلة بالنسبة لتركيا، فالمطلوب التخلص من تلك التنظيمات التي حصلت على تسليح جيد، وتعتبرها تنظيمات إرهابية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!