ترك برس
استبعد خبراء ومحللون أتراك تصاعد التوتر بين تركيا وأستراليا على خلفية تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان، حول مذبحة المسجدين في نيوزيلندا على يد متطرف أسترالي.
وكان الرئيس التركي قال خلال تجمع انتخابي في مدينة جان قلعة (غربي تركيا)، في ذكرى مرور 104 أعوام على معركة جاليبولي التي هزمت فيها الدولة العثمانية الجيوش الأسترالية والنيوزيلندية وغيرها، "إنّ مجزرة المسجدين ليست حادثا معزولا، إنّها مسألة أكثر تنظيما".
وقال "إنّهم يختبروننا بالرسالة التي يبعثونها لنا من نيوزيلندا، على بعد 16500 كيلومتر"، وأشار مرارا إلى الهجوم باعتباره مؤشّرا إلى تصاعد موجة عداء للإسلام تجاهلها الغرب.
ووصف أردوغان الهجوم الإرهابي، بأنه جزء من هجوم أكبر على تركيا والإسلام؛ مما دفع رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون للرد، معتبرا تصريحات الرئيس التركي "متهورة ومشينة ومسيئة".
وقال رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألطون، على حسابه الرسمي بموقع تويتر، إن تصريحات الرئيس أردوغان في أعقاب المذبحة التي وقعت في نيوزيلندا "اجتزئت من سياقها".
ورأت شبكة الجزيرة القطرية أن هذا التوتر، جاء في ظل علاقات تجارية متنامية بين تركيا وأستراليا، وتسائلت: فهل لدى أنقرة نية التصعيد مع كانبرا ردا على الخطوات الأسترالية؟ أم هو مجرد ملف انتخابي تستثمره الحكومة قبيل الانتخابات؟
عمر فاروق كوركماز، المستشار الأول السابق لرئيس الحكومة التركي والقيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم، قال إنه "لا ولن تحدث مشكلة سياسية بين أستراليا وتركيا على خلفية تصريحات الرئيس أردوغان، وجاليتنا في أستراليا تعيش بأمان واطمئنان، وهذا يعني عدم وجود توتر مباشر بين البلدين".
وأكد كوركماز أن "العلاقات الأسترالية التركية بدأت عام 1967، وأنقرة لا تريد توتير علاقاتها مع كانبرا، لكنها ترد على بيان الإرهابي السياسي الذي قتل الأبرياء العزل في المسجد وعلى بعض السياسيين العنصريين في البرلمان الأسترالي".
ولفت إلى أن حجم العلاقات التجارية مع أستراليا ليس كبيرا، لأن هذه القارة بعيدة جدا عن تركيا، كما أن ما تنتجه أستراليا تجده تركيا في أسواق عالمية أخرى.
وكان السفير الأسترالي في أنقرة مارك أينس براون أشاد العام الماضي بالدعم الذي تقدمه تركيا للاجئين السوريين.
من جانبه، قال مدير المكتب الدولي في جامعة ابن خلدون التركية أنس يلمان "تركيا لا تنوي التصعيد مع الحكومة الأسترالية التي فهمت خطأ تصريحات الرئيس أردوغان، التي هاجم فيها بيان الإرهابي الأسترالي، الذي هدد فيه تركيا بالرجوع إلى ما خلف جسر البوسفور، وقامت تركيا بتوضيح ذلك عن طريق رئيس دائرة الاتصال".
وأضاف يلمان -وهو كاتب وباحث أكاديمي تركي مقرب من الحكومة- "تركيا تحس بالمسؤولية تجاه قضايا المسلمين وبغياب معظم الدول الإسلامية والعربية لاستنكار ما حدث للمسلمين في نيوزيلندا، ولكن هذا لا يعكس عداءها لدولة أستراليا، ولكن هو الاستنكار لما يتعرض له المسلمون في كل بقاع الأرض".
واستبعد يلمان استغلال تركيا هذه القضية لمصلحة الانتخابات، خاصة أن الأمر يتعلق باستشهاد مسلمين في عملية إرهابية، موضحا أنه لو كان الحدث في وقت آخر غير الانتخابات التركية لكانت ردة فعل الرئيس أردوغان كما هي اليوم.
ويعتقد الأكاديمي التركي أن العلاقات التجارية بين البلدين سوف تتأثر في حال وصلت إلى مرحلة إلغاء أو توقيف التأشيرات من قبل الطرفين، واستمرار تحذير المواطنين الأستراليين من السفر والسياحة في تركيا، مشيرا إلى أنه من المبكر التحدث عن مصير هذه العلاقات.
وأكد يلمان أن أنقرة لن تتراجع عن مطالبتها بإيقاف الأعمال الإجرامية التي تحدث تحت إطار الإسلاموفوبيا، وأيضا لن تتراجع عن مطلب أن ينال الإرهابي والتنظيم الذي خلفه أشد العقوبات.
وبحسب وزارة التجارة التركية، فإن حجم التبادل التجاري بين تركيا وأستراليا يقدر بـ1.8 مليار دولار. وذكر مراقبون اقتصاديون أن العلاقات التجارية بين تركيا وأستراليا في تصاعد دائم منذ سبعينيات القرن الماضي، خاصة في العشرين سنة الأخيرة، حيث تطورت هذه العلاقات في معظم المجالات التجارية والاقتصادية لتصل أوجها في عام 2018.
وفي نهاية العام الماضي، أعلنت وزارة الخارجية التركية أن "رابطة الدول المطلة على المحيط الهندي" (IORA)، التي تعد أستراليا أبرزها، وافقت على اعتبار تركيا "شريكة حوار"، مؤكدة أن هذه الشراكة ستسهم في تعزيز العلاقات بين الجانبين.
وشددت على أن شراكة الحوار لدى الرابطة ستسهم في تعزيز علاقات تركيا مع منطقة المحيط الهندي التي تتمتع بإمكانات اقتصادية كبيرة، والدول المطلة على المحيط، والتي تمتلك تركيا تقاربا تاريخيا مع معظمها.
كما أن تركيا وأستراليا عضوان مهمان في مجموعة العشرين، التي تضم أيضا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودولا أخرى، وتشكل دول هذه المجموعة 85% من حجم الاقتصاد العالمي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!