ترك برس
في الوقت الذي مرت فيه منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية بواحدة من أكثر فترات الفوضى، برزت إسرائيل بوصفها أكثر طرف مستفيد من حالة عدم الاستقرار، سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو المواجهة مع إيران أو بتعزيز العلاقات مع بعض الدول الخليجية.
ويشير الباحث التركي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة صقاريا، إسماعيل نعمان تيلجي، مؤلف كتاب "قاموس الثورة المصرية" إلى أن هناك عدة أسباب وراء تمكن إسرائيل من بسط هيمنتها على المشهد السياسي في الشرق الأوسط، من أهمها وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية.
ووفقا لتيلجي، فإن التحول الإقليمي الذي حدث منذ بداية الثورات العربية في عام 2011 خلق مناخًا سياسيًا من عدم اليقين في المنطقة. واعتبرت إسرائيل أن هذا فرصة لتوسيع دائرة نفوذها. ومن خلال الاستفادة من الأدوات المختلفة، حوّلت تل أبيب الأجواء السياسية الإقليمية لصالحها، متبعة استراتيجية لزيادة نفوذها دون أي قلق من الجهات الإقليمية الفاعلة الأخرى.
وأضاف أنه "نتيجة لحالة عدم الاستقرار بعد الثورات العربية، بدأت إسرائيل تعد حليفًا مستقرًا وقويًا لبعض القادة العرب، ولا سيما زعماء دول الخليج العربي، وقد تجلى ذلك في زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العلنية إلى عُمان."
ويلفت إلى أنه إلى جانب عدم استقرار الثورات العربية في الشرق الأوسط، فإن "هناك دافعين آخرين لدى دول الخليج العربي لتطوير تحالفات مع إسرائيل: التصور المتزايد للتهديد لإيران والنفوذ المتزايد لتركيا في المنطقة."
ويقول تيلجي إن "الانقلاب العسكري عام 2013 في مصر وظهور نظام لا يشكل تهديدًا لأمن إسرائيل يمكن أن يُنظر إليه أيضًا على أنه عامل مهم يفتح الطريق أمام تل أبيب للبحث عن طموحات أكبر بكثير في سياسات الشرق الأوسط."
وأوضح أن إسرائيل ترى أن "القضاء على احتمال وجود تهديد من مصر يعد أهم عنصر لعملية صنع السياسة الخارجية في تل أبيب. ولذلك فمن خلال تأمين علاقاتها مع مصر، كانت إسرائيل قادرة على اتباع سياسة أكثر عدوانية تجاه المنطقة."
ورأى تيليجي أن "انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أوائل عام 2017 كان من أهم الأسباب التي سمحت لإسرائيل بتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، حيث زاد دعم واشنطن لإسرائيل زيادة كبيرة، ودعمت إدارة ترامب سياسات الاحتلال الإسرائيلي بالكامل، وأكد ترامب أن حكومته ستدافع عن مصالح إسرائيل بأي ثمن."
وعدد الباحث بعض الإجراءات التي اتخذها ترامب لصالح لإسرائيل، ففي كانون الأول/ ديسمبر 2017، أعلن ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، ليكون أول رئيس أمريكي يقدم على هذه الخطوة عمليا، بعد تنفيذ القرار في أيار/ مايو 2018. وفي آذار/ مارس 2019 "وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة أدلى ترامب بتصريحات داعمة لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها وحماية مواطنيها."
ومن أمثلة "دعم لترامب بإسرائيل إعلانه في مارس الماضي الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية. ومن خلال هذا القرار، تهدف الولايات المتحدة إلى دعم موقف تل أبيب على المستوى الدولي والمساهمة في الجهود المبذولة لحل النزاع لصالح إسرائيل."
وأخيرًا، ومع صعود ترامب إلى السلطة، "سرّعت إسرائيل جهودها لإضفاء الطابع المؤسسي على سياسات الاحتلال في فلسطين. وفي هذا السياق، عمل صهر ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، على خطة "صفقة القرن"، لحل النزاع بين إسرائيل وفلسطين. وتطرح الخطة التي من المتوقع الإعلان عنها في الأشهر المقبلة حلًا يعطي أولوية لموقف إسرائيل من فلسطين، ويقدم الأراضي الفلسطينية التاريخية إلى إسرائيل ويمنح الفلسطينيين دولة فلسطينية دون سيادة."
ويلفت تيلجي إلى أنه على الرغم من دعم بعض الأنظمة العربية، مثل النظام المصري، لصفقة القرن، فإنها لن تحظى بدعم من الشعب العربي. لذلك، سيؤدي توقيع مثل هذا الاتفاق والجهود المبذولة لتنفيذها إلى مزيد من الفوضى في بيئة سياسية غير مستقرة بالفعل في المنطقة.
وخلص إلى أن "نفوذ إسرائيل في الشرق الأوسط سيستمر في الزيادة سواء نفذت صفقة القرن أم لا بالنظر إلى عدم الاستقرار في المنطقة، والتنافس بين القوى الإقليمية، وظهور تحالف بين إسرائيل وبعض الدول العربية."
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!