ترك برس
تتابع وسائل الإعلام عن كثب المباحثات القائمة بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص إنشاء المنطقة الآمنة في الشمال السوري، وضمان عودة المهجّرين إلى منازلهم، وسط عرقلة واضحة من واشنطن والميليشيات الانفصالية الموالية لها.
في هذا الصدد، أشار تقرير بصحيفة "عربي21"، إلى ارتفاع حدة التهديدات التركية باللجوء إلى خيار التحرك الأحادي، في شمال سوريا بهدف إنشاء منطقة آمنة، على خلفية الاتهامات التركية للولايات المتحدة بعدم اتخاذ خطوات جدية على الأرض، إلى جانب ما يبدو خلافا طارئا حول عودة اللاجئين إلى هذه المنطقة.
وأوضح أنه في حين تؤكد أنقرة أنها تخطط لإعادة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في أراضيها إلى "المنطقة الآمنة"، بدأت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، التي تشكل "وحدات حماية الشعب - YPG" عصبها الرئيسي، بالحديث عن شروط لعودة اللاجئين إلى "المنطقة الآمنة".
وتنظيم "وحدات حماية الشعب - YPG"، هو الذرع السوري لمنظمة "حزب العمال الكردستاني - PKK" المصفة في قوائم الإرهاب لدى تركيا و"حلف شمال الأطلسي - ناتو"، ورغم ذلك يحظى بدعم غربي كبير، وهو ما يثير انزعاج الجانب التركي.
وكانت منظمة العفو الدولية "أمنستي" منظمة العفو الدولية" قد أكدت في العام 2015، أن "وحدات حماية الشعب الكردية، مارست التهجير القسري للسكان وارتكبت جرائم حرب شمالي سوريا".
وأوضحت المنظمة في تقرير لها نشر على موقعها الرسمي، في حينها، تحت عنوان "لا مكان نذهب إليه"، أن "الإدارة الذاتية، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، أحرقت قرى عربية وتركمانية شمالي سوريا، وأجبرت السكان على المغادرة تحت التهديد بالقتل" لافتة أن "بعض القرى الكردية أيضاً عانت من ممارسات الحزب".
وجاء في التقرير أن "أعمال هدم المنازل بدأت عندما انتقلت المنطقة من سيطرة تنظيم الدولة إلى سيطرة الوحدات الكردية في العام 2015".
ومن الشروط التي وضعتها "قسد"، أن يكون اللاجئون من أبناء المناطق ذاتها، وذلك في تطابق واضح مع موقف الولايات المتحدة، حيث سبق وأن أكدت خارجية الأخيرة، أن عودة اللاجئين السوريين إلى شمال شرق سوريا ممكنة، لكن لأبناء المنطقة فقط.
بدوره قال المتحدث باسم "قسد"، كينو غابرييل، في تصريحات إعلامية، أدلى بها الأربعاء، لقناة "روسيا اليوم" أن قواته ترحب بعودة اللاجئين، لكن بشروط محددة، منها أن تتكفل المنظمات الدولية بتقديم الخدمات لهم، وأن لا يكونوا من المنتسبين للتنظيمات "الإرهابية".
الكاتب الصحفي التركي، عبد الله سليمان أوغلو، أرجع عرقلة "قسد"، والولايات المتحدة لإعادة اللاجئين السوريين إلى المنطقة التي يتم العمل على تأسيسها، إلى الخوف من انفراط عقد السيطرة على المنطقة.
وأوضح، وفق "عربي21"، أن تغيير التركيبة السكانية للمنطقة من أكثرية موالية لـ"قسد" ولأمريكا بطبيعة الحال، إلى أكثرية معارضة لهما، وأقرب لتركيا، يشكل تهديدا صريحا لمصالح واشنطن في الشمال السوري.
ومتفقا مع سليمان أوغلو، أكد الناطق باسم "مجلس القبائل والعشائر السورية" مضر حماد الأسعد، أن النسبة الكبيرة من اللاجئين السوريين هم من أبناء المكون العربي.
وأوضح، أن المليشيات الكردية سعت منذ الأيام الأولى لتشكيلها، إلى إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة، وعملت على ارتكاب الانتهاكات بحق العرب، الانتهاكات التي وثقتها منظمات محلية ودولية، لإجبار أبناء العشائر العربية على مغادرة المنطقة.
وقال إن سياسات المليشيات الانتقامية والعنصرية أجبرت قسما كبيرا من السكان العرب تحديدا على النزوح، الأمر الذي يساعدها على الإدعاء بأن غالبية سكان تلك المنطقة هم من القومية الكردية، علما بأن الواقع على الأرض ينفي تلك الإدعاءات.
ومن هنا، فإن عودة اللاجئين والسكان الأصليين إلى المناطق التي تسيطر عليها "قسد"، سيقطع الطريق على مخططها الانفصالي، وفق الأسعد، الذي طالب بالسماح بإعادة اللاجئين السوريين إلى منازلهم دون شروط، مشددا على القول "طالبنا من قبل، والآن نطالب المجتمع الدولي بذلك".
وفي هذا الصدد، اعتبر المتحدث العشائري أن بقاء "قسد" في "المنطقة الآمنة" أو منحها أي دور-مهما كانت طبيعته- يحول دون عودة اللاجئين، وخصوصا أن الثقة مفقودة بهذه المليشيات التي ارتكبت جرائم مروعة بحق السكان".
واتهم الأسعد وحدات الحماية الكردية بتجريف قرى عربية بأكملها في أرياف مدينة الحسكة، فضلا عن أعمال الخطف والتجنيد الإجباري بحق الشباب.
وأردف أن "عودة اللاجئين، تعني مزيدا من الرفض لسيطرة المليشيات الكردية على المناطق السورية، وهذا الأمر تدركه المليشيات الكردية، وتسعى لعرقلته".
وفي السياق ذاته، أشار الأسعد بعين الريبة إلى حديث "قسد" عن منع الأهالي تحت ذريعة "الانتساب لمنظمات إرهابية"، وقال من الواضح أن "قسد" تضع العراقيل لحرمان قسما كبيرا من أبناء المنطقة، وتحديدا من الشباب من العودة إلى المنطقة، معربا عن استغرابه من حديث "قسد" عن منظمات إرهابية، علما بأنها هي من أخطر التنظيمات الإرهابية.
وقال "الغريب أن تتحدث "قسد" عن التنظيمات الإرهابية، وهي تقاد من حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا على اللائحة الدولية، حتى اللوائح الأمريكية للإرهاب".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!