جلال بكار - خاص ترك برس
كم انتظرنا حلولا لقضايا البشرية قبل كارثة كورونا؟ مثل القضية السورية والقضية الفلسطينية والقائمة تطول... ودائما وللعلم كانت القوى الكبرى في العالم هي المسؤولة عن أي كارثة، ودائما ما كانت تكسب مصالحها عن طريق خلق أزمه وإيجاد حلول تناسب مخططاتها المستقبلية.
أما الآن فالحل مفقود كما يدعون وببساطة لا تستطيع هذه الدول التقدم إلا لتدمر دولا صاعدة تهدد أمنها الاقتصادي.
الآن وبالمقارنة ما بين الأزمة المالية 2007-2008 وأزمه كورونا 2020 واقعيا يجب ألا نقارن بينهما لأنه ليس هناك وجه للمقارنة.
فعندما يكون القطاع المالي هو جزء من الاقتصاد يمكن معالجته ببعض القرارات السيادية وخاصة أن الأزمة المالية وقعت في أمريكا وامتددت الى البنوك الأوربية وتم إيجاد حل لها عن طريق بعض القرارات المالية، وسنشرح عنها بموجز قصير.
ابتدأت الأزمة المالية في شباط/ فبراير 2007 عندما أصبح هناك عجز في تسديد تسليفات الرهن العقاري (إعطاء القروض العقارية بشكل عشوائي بدون شروط مسبقة مما أدى إلى العجز في التسديد) وإعلان الإفلاس في مؤسسات مصرفية متخصصة في القطاع العقاري.
وبعد 6 أشهر تقريبا بدأت البورصات تتدهور أمام اتساع الأزمة نفسها مما اضطر المصارف المركزية للتدخل بشكل مباشر لدعم السيولة مما أدى وبشكل مباشر إلى إعلان عدة مصارف انخفاضا كبيرا في أسعار أسهمها وهنا كانت بداية الأزمة الحقيقية.
وعندما بدأ الاحتياطي الأمريكي (البنك المركزي) يخف معدل فائدته ببداية الأمر بمعدل 3.5% وبعدها بحوالي الشهرين جرى تخفيضها إلى 2% بشكل تدريجي وهنا بدأت البنوك التي كانت بعيدة عن هذه الأزمة (غير مهتمة بالقطاع العقاري في ذاك الفترة)، ومنها "جي بي مورغان تشيز" عندما أعلن شراء بنك الأعمال الأمريكي "بير ستيرنز" وإعلان "بنك اوف أمريكا" شراء أكبر المصارف في وول ستريت وهو بنك "ميريل لينش"، التحرك في القطاع البنكي لتحقيق جزء من أهدافها، وفي الوقت نفسه أعلنت بعض البنوك إفلاسها (التي كانت لا تملك أصولا ماليه تجذب البنوك غير المتضررة) مثل بنك الأعمال "ليمان براذدر".
بداية الحل
وفي أيلول/ سبتمبر 2008 عندما اتفقت عدة مصارف عالمية على إنشاء صندوق خاص للسيولة برأسمال 70 مليار دولار، لكن هذا لم يمنع تراجع البورصات العالمية، قررت الحكومة الأمريكية والاحتياطي الاتحادي تأميم أكبر مجموعه تأمين في العالم أي "آي جي" المهددة بالإفلاس عبر منحها مساعده بقيمه 85 مليار دولار مقابل امتلاك 79.9٪ من رأسمالها، ومن هنا أعلنت السلطات الأمريكية خطه بقيمة 700 مليار دولار لتخليص المصارف من أصولها غير القابلة للبيع. وفي نفس الوقت كانت أسهم البنوك الأوربية البلجيكية الهولندية "فورتيس" تنهار في البورصة بسبب شكوك بشأن قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، مما أدى إلى تعويم "فورتيس" من قبل السلطات في بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، وفي بريطانيا تأميم "بنك برافورد آند بينغلي". وفي بداية فبراير 2008 إقرار مجلس الشيوخ لخطة إنقاذ مالي معدلة تعمل على كبح التدهور العالمي في قطاع البنوك، وكانت الخطة تعمل على إنقاذ النظام المالي الأمريكي بعد أزمة الرهن العقاري.
الآن وفي ظل أزمه كورونا يجب علينا أن نميز وبأهمية أنها تنقسم إلى قسمان: قسمها الأول كان مفاجئًا وغير متوقع لدى معظم الناس، والقسم الثاني الذي كان متوقعًا في بداية ونهاية سنة 2019 لـسنة 2020. وهنا نذكر أن القسم الأول يلامس القطاع الصحي بشكل مباشر، كما يلامس وجود الإنسان الذي يعتبر المحرك الأساسي لعجلة أي دوره اقتصادية من بدايتها إلى نهايتها، وسيعتبر اختبارًا حقيقيًا لكفاءة الأنظمة الصحية التي تدعيها الدول الكبرى، ومدى قدرة هذه الأنظمة على تغطية تضمن سلامة وأمن الإنسان بما في ذلك ضبط النظام الاجتماعي النفسي الذي يجعل الدولة تشعر المواطن بقيمته، وليس فقط إعطاء حلول تعمل على تأجيل الأزمة وليس حلها، وجعل الأمر واقعًا بشكل تدريجي. ولأن هذه الطريقة التي تستخدمها الدول الرأسمالية بعد أن أصبحت أكثر من 77% من الدول في العالم هي دول رأسمالية في أساسها، وهذا ما يخيفني بشكل خاص.
والقسم الثاني، يلامس الاقتصاد العالمي الذي سوف يتضرر بكامل مفاصله وليس فقط القطاع المالي، بل والأخطر من ذلك القطاع الإنتاجي والاستهلاكي والقطاعات التي تلامس مفاصل اقتصاد أي دولة في العالم وبشكل يومي ولحظي. وعلى سبيل المثال، قطاع الطيران العالمي اليوم. ليست هناك أي دولة في العالم تملك حصة تقل عن 40٪ من شركات الطيران الرئيسية المتواجدة داخل حدودها، واليوم تقدر خسائر قطاع الطيران بـ250 مليار دولار، مما يؤدي إلى خسائر في قطاع السياحة العالمي بلغت إلى تاريخ هذا اليوم 170 مليار دولار على أساس سنوي، وأيضًا سوف تضطر بعض الدول إلى تأجيل وتخفيض تسديد الرسومات الضريبة، مما يؤدي لانخفاض في ميزانية السيولة، وأيضا هذا يؤدي إلى انعكاسات سلبية ستواجه أي اقتصاد دولة في العالم.
واليوم عندما تضع الدول نظامًا يعمل على الحجر المنزلي ووقف حرية التنقل والعمل داخل الدولة هذا يعني أن الدولة ستتحمل تكاليف وأعباء بما يخص الطبقة الفقيرة أو الطبقة التي تعتمد في حياتها على ما يسمى اقتصاد الخبز، الذي يعني أنه يستطيع أن يأكل في اليوم الذي يعمل فيه فقط. وبحسب منظمة العمل الدولية، فمن الممكن أن تخسر القوى العاملة عالميا على أقل تقدير 860 مليار دولار، وفي أعلى التقديرات 3.4 ترليون دولار في سنة 2020 وحدها. ومن المؤسف اليوم وبحسب البنك الدولي أن قرابة نصف سكان الأرض الذين يقدر عددهم بـ3.4 مليار نسمة يعيشون بأقل من 5.5 دولار يوميًا بالمتوسط، وهذا ما ينذر بكارثه إنسانية قريبة جدا والانهيار في حال استمرت الرأسمالية في إدارة الإنسان نفسيًا واقتصاديًا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس