ترك برس

يتميّز رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن، عن نظرائه في الكثير من دول العالم، بما يمتلكه من خلفية أكاديمية وفنية تضاف إلى خبرته في السياسة لسنوات طويلة، بعد أن دخل عالمها بناء على طلب شخصي من الرئيس رجب طيب أردوغان.

وولد إبراهيم قالِن يوم 15 سبتمبر/أيلول 1971 في مدينة إسطنبول لعائلة صغيرة، ولأبوين تعود أصولهما إلى ولاية أرضروم في شمال شرقي تركيا.

له أخت واحدة، وعمل في صغره مع والده في تجارة الخضار والفواكه.

https://x.com/TR99media/status/1967879466597880316

لم يتمّ أبواه الدراسة المرحلة الابتدائية، إلا أن قالِن اندفع بنفسه نحو القراءة -على حد قوله- رغم غياب جوّها في العائلة.

وبدأت رحلته مع القراءة في سن العاشرة باستعارة الكتب من مكتبة المدرسة، فقرأ لفلاسفة مثل أرسطو وأفلاطون والفارابي في تلك المرحلة المبكّرة، بحسب تقرير لشبكة الجزيرة القطرية.

الدراسة والتكوين

أنهى قالِن المرحلة الابتدائية والمتوسّطة في إسطنبول، وتخرّج من ثانوية ألانيا في مدينة أنطاليا الساحلية جنوبي غرب تركيا.

أجبرته وفاة والدته عام 1986 وهو لا يزال في الـ14 من عمره، على مغادرة إسطنبول والانتقال إلى جوار والده الذي كان يعمل هناك.

عاد مجدّدا فحصل على درجة البكالوريوس من جامعة إسطنبول قسم التاريخ عام 1992. وأكمل تعليمه العالي بالجامعة الإسلامية في ماليزيا ونال درجة الماجستير في الفلسفة والفكر الإسلامي عام 1994.

وفي عام 1996 انتقل إلى الولايات المتّحدة الأميركية والتحق بجامعة جورج واشنطن ضمن برنامج العلوم الإنسانية والفلسفة المقارنة، ونال فيها درجة الدكتوراه عام 2002.

وكان موضوع أطروحته بعنوان "نظرية الملا صدرا في المعرفة واتّحاد العاقل والمعقول".

إتقانه اللغات الإنجليزية والعربية والفارسية والفرنسية، فضلا عن لغته الأم، سهل له الاطّلاع على العلوم والمصادر المختلفة وتوسيع مداركه.

التجربة العملية

انخرط قالن في المجال الأكاديمي عقب نيله درجة الدكتوراه، وأصبح محاضرا في جامعة جورج تاون بواشنطن، وبعد عودته إلى تركيا حاضر بجامعة بيلكنت في أنقرة.

كما أصبح عام 2011 عضوا في مجلس أمناء جامعة أحمد يسوي الدولية التي أنشئت بتعاون بين كازاخستان وتركيا.

لم يقتصر دور قالِن على إلقاء المحاضرات في الجامعات المحلية والعالمية، بل امتد إلى تأليف كتب، ونشر مقالات في كبريات الصحف والمنصات الإعلامية، من بينها الجزيرة نت وغارديان وواشنطن بوست وفايننشال تايمز ونيويورك تايمز، فضلا عن الشرق الأوسط والأهرام.

وفي 2019 بدأ رسميا بتدريس طلبة الدراسات العليا في جامعة ابن خلدون بإسطنبول، وحصل فيها على لقب بروفيسور في العام التالي، ورغم دخوله عالم السياسة فإنه يحلم بالاستقرار التام في العمل الأكاديمي.

التجربة السياسية

كان دافع توجّهه إلى السياسة هو كتاب المدينة الفاضلة للفارابي وتحديدا في حديثه عن ضرورة بناء المجتمع الفاضل.

كشف إبراهيم قالِن في لقاء مع المذيع التركي أرمغان تشاغليان، أن اهتمامه الأكاديمي لفت انتباه الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي كان حينها رئيسا للوزراء، فكلفه أواخر عام 2004 بإنشاء مؤسسة فكرية.

وعلى إثر ذلك أسّس قالِن عام 2005 مركز "سيتا"، وهو مؤسسة غير ربحية للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وترأسها 5 سنوات.

وفي 2009 عينه أردوغان بمنصب كبير مستشاري السياسة الخارجية في رئاسة الوزراء، وهو المنصب الذي فتح أمام قالن الطريق لدخول عالم السياسة.

تولى قالن إدارة مجلس الدبلوماسية العامة في رئاسة الوزراء، وهو مجلس أنشئ في يناير/كانون الثاني 2010، ثم في 2012 عُيّن مستشارا مساعدا في رئاسة الوزراء.

بعد انتخاب أردوغان رئيسا للجمهورية في أغسطس/آب 2014، تولّى قالِن منصب المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية بصفة سفير، ولاحقا في 2018 شغل منصب وكيل مجلس الأمن الرئاسي والسياسة الخارجية.

استمر قالِن في مهامه متحدثا رسميا ووكيلا لمجلس الأمن الرئاسي حتى 5 يونيو/حزيران 2023، حين تولّى رئاسة جهاز الاستخبارات التركية بعد خلفه هاكان فيدان.

التجربة الفنية

برز اهتمام قالِن بالأدب والفن مبكّرا منذ المرحلة المتوسّطة بالعزف الفيتارة ثم آلة البُزُق والناي. تطوّر بعدها حتّى أنتج ألبومات غنائية شملت أغاني كتب كلماتها وغنّاها بنفسه مصحوبة بالعزف على البزُق، إضافة إلى أهازيج شعبية لمغنّين مشهورين قدّمها هو بصوته مع عزفه على كثير من المسارح في تركيا.

المؤلفات

ركّز قالِن في كتبه ومقالاته وأبحاثه على جوانب العلوم الإنسانية، والفلسفة والفكر الإسلامي، ومن أبرز مؤلفاته:

الإسلام والغرب، صدر عام 2007.
تركيا بطولها وعرضها – السياسة والمجتمع والثقافة، صدر عام 2011.
العقل والفضيلة – المخيّلة الاجتماعية لتركيا، صدر عام 2013.
الوجود والوعي في التصوّر المعرفي عند الملّا صدرا، صدر عام 2015.
الإسلاموفوبيا – معضلة التعدّدية في القرن 21، صدر عام 2015 بالتعاون مع الأكاديمي الأميركي جون إسبوزيتو.
أنا والآخر وما بعده – مدخل إلى تاريخ العلاقات بين الإسلام والغرب 2016.
بربري – عصري – متحضّر: ملاحظات عن الحضارة، صدر عام 2018، وترجم إلى العربية.
الستار والفحوى – تحليل عقلي، صدر عام 2020.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!